تصاعد التوتر في مدينة معان الأردنية الجنوبية غداة إعلان سكانها quot;العصيان المدني الذي لم يبدأ بعدquot; بعد عدة ايام من الاضطرابات والمظاهرات تخللها اطلاق رصاص وتعدٍّ على مؤسسات حكومية وخاصة ومواجهات مع قوات الدرك والشرطة في المدينة، وفرضت قوات الأمن ما يمكن تسميته بحالة حصار لتطويق الأزمة.


تسود مدينة معان حالة من التوتر والاحتقان، بعد تدخلات من قبل شيوخ ووجهاء المدينة لتطويق تداعيات حوادث الشغب، وسط تعزيزات أمنية حول المقار الأمنية، تحسبًا من تجدد أعمال الشغب، وفق مصدر أمني في المحافظة.
وفي تطور جديد يوم الأحد، هاجم عشرات المسلحين مركز أمن المدينة في محافظتهم ظهر الأحد، وأطلقوا النار في الهواء وسط المدينة، مجبرين التجار وأصحاب المحال على إغلاقها.
وقال مصدر أمني إن المدينة تشهد أجواءً متوترة للغاية، وسط حالة من الفوضى والمناوشات، لافتًا الى أن قوات أمن مؤللة توجهت الى المنطقة لإنهاء الفوضى وضبط الأمن.
وتشكل هذه المدينة الجنوبية (270 كلم) جنوب العاصمة عمّان صداعًا دائمًا للسلطات منذ العام 1989 الا انها صارت أكثر منطقة قابلة للانفجار في الأسبوعين الأخيرين بعد احداث جامعة الحسين التي راح ضحيتها اثنان اضافة الى اصابة آخرين.
وشهدت المدينة في الأيام الأخيرة اضطرابات ومظاهرات تخللها اطلاق رصاص وتعدٍّ على مؤسسات حكومية وخاصة ومواجهات مع قوات الدرك والشرطة.
وتعتبر هذه المدينة احدى قلاع السلفية الأردنية المتشددة وخلال السنوات العشر الماضية شهدت مصادمات ومطاردات بين عناصر هذا التيار وسلطات الأمن.
تصريح ابو سياف
وطالب التيار السلفي الجهادي في الأردن أهالي معان بضرورة تحكيم صوت العقل، والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الفوضى والقلاقل في المجتمع.
وقال القيادي في التيار محمد الشلبي الملقب بـ (أبو سياف) انه من الواجب احتكام الناس الى القضاء، وأن لا تجر الناس إلى الفوضى، موجهاً نداءه الى شيوخ ووجهاء معان بالتحرك الفوري، لأنهم قادة المجتمع وتسيير الشباب على خطاهم، وإن بقي الشباب على أحوالهم القائمة فإنهم quot;سيحرقون الأخضر واليابسquot;.
وشدد ابو سياف في تصريح نقله موقع (عمون) الاخباري على أن دعوته quot;ليست حرصاً على نظام أو حكومة، وإنما حرصاً على دماء وأعراض المسلمينquot;.
وأضاف: يجب الموافقة بين حكمة الشيوخ وحماسة الشباب؛ حتى لا تغرق السفينة، داعيًا شيوخ معان القاطنين في معان الى ضرورة التوجه الى محافظتهم لاستغلال ثقلهم في عشائرهم.
وإلى ذلك، فإنه على وقع هذه التداعيات، فإن مصادر أفادت بأن العصيان المدني الذي تنوي فعاليات معان ووجهاؤها القيام به، لم يبدأ، لأن بعض الوجهاء ينسقون مع الحاكم الاداري والجهات الأمنية للقبض على الجناة ومحاكمة المسيئين.
ولفتت المصادر الى أن اجتماعاً سيعقد بعد نفاد الحلول، لاعلان العصيان الذي سيكون ملزمًا لجميع الأطراف في محافظة معان، بينما عززت قوات الأمن من تواجدها حول المقار الأمنية والحكومية، تحسبًا من تجدد أعمال الشغب.
وتعقد اجتماعات متواصلة في معان للبحث في آلية البدء بالعصيان الشامل من خلال توزيع منشورات تدعو جميع المؤسسات العامة والخاصة، إضافة الى المحال التجارية ومؤسسات المجتمع المدني، للمشاركة بالعصيان
وكان ناشطون قالوا على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الكترونية إن نحو 70% من المحال التجارية في المدينة الجنوبية اغلقت، وان كليات جامعية عدة توقفت عن العمل، وكذلك اغلقت بعض المؤسسات الحكومية نتيجة امتناع الموظفين عن الذهاب للعمل.
روايات صحف أردنية
وتناولت صحف اردنية محلية في تقارير لها الحال الأمني المتردي في مدينة معان، وقالت إن المدينة شهدت ليلة السبت الأحد اعمال شغب واسعة النطاق استمرت حتى ساعات صباح الاحد وخلفت اضراراً كبيرة في ممتلكات عامة وخاصة واصابات عدة بينها اصابة فرد من قوات الدرك، المختصة في قمع الاحتجاجات.
وقالت صحيفة (الغد) الأردنية إن محتجين أقدموا على حرق مكتب البريد في المدينة وأعمدة الاتصالات الخشبية، كما تعرضت أسلاك الكهرباء للعبث، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء في المدينة.
وأغلقت البنوك والمحال التجارية أبوابها اليوم باستثناء عدد قليل من البقالات تخوفًا من تعرضها للاعتداء، فيما تشهد شوارع المدينة إغلاقات بالحجارة والحاويات ومخلفات الاحتجاجات.
وشهدت المدينة عمليات كر وفر بين ثلاث مجموعات من المحتجين وبين قوات الدرك استمرت حتى صباح اليوم، تخللها اطلاق العيارات النارية والمطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع.
تجدد العنف
وكانت أعمال الشغب تجددت في المدينة مساء أمس، عندما أقدم مجهولون على محاولة اقتحام مركز أمن المدينة، وقاموا بإطلاق العيارات النارية والألعاب النارية وإلقاء عدد من الزجاجات الحارقة (المولوتوف) بكثافة باتجاه المركز.
وردت قوات الأمن على المهاجمين بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريقهم وعملت هذه القوات على ملاحقة المجموعات ومطاردتهم في الشوارع وبين الأزقة داخل الأحياء السكنية.
كما قامت مجموعات من شباب المدينة بإغلاق بعض الطرق الرئيسية بالحجارة والإطارات، حيث عملت قوات الأمن على فتحها وتمت السيطرة على الطرق ولم تسجل أي إصابات بالأرواح.
وجاء ذلك بعد انتهاء quot;مهلة التهدئةquot; التي حددها شيوخ ووجهاء معان بدون الكشف عن ملابسات مقتل اثنين وإصابة آخر في حادثة مطاردة أمنية مؤخرًا مهددين باللجوء إلى العصيان المدني.
تصريحات المحافظ
ونقلت الصحف عن محافظ معان عبدالكريم الرواجفة قوله quot;إن القضية التي وقعت أحداثها في محافظة العقبة تم توضيح تفاصيلها من خلال البيان الذي أصدرته مديرية الأمن العام تحتاج إلى فترة كافية وتأخذ وقتًا، وليست مرتبطة بمهلة محددة، من خلال إجراءات وتحقيقاتquot;، لافتًا الى أنه نقل مطالب أبناء المدينة وذوي المتوفين بمعرفة حقيقة هذا الفيديو الى الجهات ذات العلاقة لبيان ومعرفة كل ما يتعلق بمحتوى هذا الشريط.
وكان شيوخ ووجهاء من مدينة معان وخلال لقاء جمعهم مع محافظ معان عبدالكريم الرواجفة بحضور مدير شرطة معان العميد هاني المجالي ومديري الأجهزة الأمنية في المحافظة قبل ثلاثة أيام، أمهلوا الجهات المعنية 48 ساعة للكشف عن أسماء الأشخاص المسلحين الذين ظهرت صورهم في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يحيطون بجثتي المطلوبين اللذين قتلا بمطاردة أمنية في منطقة الراشدية، وتضمن مشاهد وألفاظًا غير لائقة، مقابل التزام الهدوء ووقف أي أعمال خارجة على القانون.
ووعد مدير شرطة معان العميد هاني المجالي حينها بإنهاء المظاهر الأمنية في شوارع المدينة شريطة عدم افتعال أعمال شغب والاعتداء على الأماكن العامة والخاصة مجددًا. على أن انتهاء المهلة بدون الكشف عن هوية الأشخاص حتى الآن، دفع بفعاليات شعبية وشبابية في المدينة الى التلويح بإعلان حالة العصيان المدني، والدخول في اعتصام مفتوح اليوم، احتجاجًا على ما اعتبروه quot;تقاعس أجهزة الحكومة وتخليها عن القيام بواجباتها الموكلة إليهاquot;.
بحث العصيان المدني
وأشارت الفعاليات خلال لقاء عقد مساء أمس في ديوان عشيرة الفناطسة بحضور شيوخ ووجهاء مدينة معان، إلى أنه في حال استمرت الجهات المعنية بالمماطلة، وتجاهلت مطالب أبناء المدينة التي خلصوا إليها خلال اجتماعهم المشار إليه مع محافظ معان، سيتم اللجوء إلى العصيان المدني اليوم.
وبحث المشاركون في اللقاء آلية البدء بالعصيان الشامل من خلال توزيع منشورات تدعو جميع المؤسسات العامة والخاصة، إضافة الى المحال التجارية ومؤسسات المجتمع المدني، للمشاركة بالعصيان، لافتين أن المهلة الممنوحة انتهت بدون بيان رد الحكومة ومماطلتها في التعامل مع مطالب أبناء المدينة في القبض على المشتبه بهم وتسليمهم للجهات المختصة لتتم محاسبتهم.
وأخيراً، قالوا إن التجاوزات بحق المطلوبين أمنيًا لا ترتقي الى تطبيق القانون، مشيرين إلى أن العديد من المطلوبين لقوا حتفهم بعد مطاردات أمنية ميدانية، فيما كان بالإمكان إلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء العادل.