اسطنبول: قلل رئيس الوزراء التركي من شأن حركة الاحتجاج التي تعم البلاد منذ ثلاثة ايام والتي تخللتها مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين اوقعت مئات الجرحى، متهما المحتجين بانهم quot;حفنة من المخربينquot; ومتحديا معارضيه بانهم اذا جمعوا مئة الف متظاهر ضده فسيجمع هو مليون متظاهر مؤيد له.

وامام جمع من مؤيديه الاحد أكد اردوغان انه لن يتراجع عن مشروع تطوير ساحة quot;تقسيمquot; الذي اشعل فتيل الغضب الشعبي، مشددا على ان ما شهدته البلاد من احتجاجات عنيفة يقف وراءها quot;حفنة من المخربينquot;.

واضاف quot;اذا ارادوا تنظيم تجمعات، اذا كانت هذه حركة اجتماعية، عندها عندما يجمعون 20 شخصا سأجمع 200 الف وعندما يجمعون 100 ألف شخص سأجمع مليون شخص من انصار حزبيquot;.

وفي مقابلة مع قناة quot;شو تي فيquot; التلفزيونية الخاصة واصل اردوغان تحديه للمتظاهرين الذين يتهمونه بالسعي الى quot;اسلمةquot; المجتمع التركي، مؤكدا انه سيتم تشييد مسجد في ساحة تقسيم.

وقال quot;نعم، سنقوم ايضا ببناء مسجد. ولن اطلب اذنا من رئيس حزب الشعب الديموقراطي (اكبر احزاب المعارضة) او من حفنة من المخربين للقيام بذلك. من صوتوا لنا (في الانتخابات) منحونا السلطة للقيام بهذا الامرquot;.

وأضاف quot;يصفوني بالديكتاتور. اذا كانوا يشبهون خادما متواضعا بالديكتاتور فانا لا اعرف ماذا اقولquot;.

كما دافع رئيس الوزراء التركي عن القانون الذي اقره البرلمان الاسبوع الماضي والقاضي بتقييد حرية بيع وشرب الخمور، وقال ان quot;من يشرب الخمر هو مدمن على الخمرquot;، قبل ان يستدرك قائلا quot;لا اقصد كل الناس بل اولئك الذين يشربون الخمر بانتظامquot;.

ولكن اردوغان ناشد الاتراك عدم الانجرار الى الشارع، وقال في المقابلة التلفزيونية مخاطبا مواطنيه quot;اذا كنتم تحبون تركيا، اذا كنتم تحبون اسطنبول، لا تنجروا وراء هذه الالاعيبquot;.

المتظاهرون في اسطنبول وانقرة يواصلون تحدي الحكومة

في اليوم الثالث لتحركهم، واصل المتظاهرون الاتراك الاحد الضغط على حكومة رجب طيب اردوغان عبر احتلال ساحة تقسيم في اسطنبول، فيما اندلعت حوادث جديدة في العاصمة انقرة.

وطوال بعد الظهر، اجتاح الاف الاشخاص ساحة تقسيم التي خلت من عناصر الشرطة بعد يومين من اعمال العنف التي اسفرت عن مئات الجرحى وانتهت باعتقال اكثر من 1700 متظاهر في كل انحاء تركيا، قبل اطلاق سراح القسم الاكبر منهم.

واخلى ناشطو المجتمع المدني، وهم راس الحربة في اكبر حركة احتجاج شعبية على الحكومة الاسلامية المحافظة منذ توليها الحكم في 2002، المكان لانصار اليسار واليسار المتطرف الذين احتفلوا بquot;انتصارهمquot; بعد انسحاب قوات الامن السبت.

واقام المتظاهرون في خطوة تحد لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، متاريس في الشوارع المؤدية الى ساحة تقسيم كدسوا فيها كل ما دمر في المدينة وهياكل سيارات مقلوبة وحتى بعض الحافلات البلدية.

وقال هاليت ارال لفرانس برس quot;جميع الاتراك يعيشون تحت الضغط منذ عشرة او 11 عاما، اليوم، الجميع يريدون استقالة رئيس الوزراءquot;.

وفي نهاية يوم هادىء نسبيا، تجددت الصدامات مساء بين قوات الامن والاف من المتظاهرين تجمعوا حول مكتب رئيس الوزراء في اسطنبول.

وتدخلت قوات الامن مجددا بعد ظهر الاحد في انقرة مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق الاف الاشخاص الذين ارادوا التوجه الى مكتب اردوغان.

وكانت مواجهات عنيفة اندلعت ليل السبت-الاحد بين عناصر الشرطة والمتظاهرين في العاصمة التركية محدثة اضرارا جسيمة.

وقالت نقابة الاطباء في انقرة ان 414 مدنيا اصيبوا في هذه الصدامات، فيما تحدثت وكالة انباء الاناضول عن 56 جريحا في صفوف قوات الامن.

ووقعت حوادث مماثلة ليلا حول مكتب رئيس الوزراء في اسطنبول.

وفي مؤشر لاستمرار التعبئة، نظمت تظاهرات ايضا في ازمير (غرب) واضنة (جنوب) وغازي عنتاب (جنوب شرق).

وتحت وطاة الانتقادات، اضطر اردوغان السبت الى التراجع بعد يومين من الصدامات وامر الشرطة بالانسحاب من ساحة تقسيم وحديقة جيزي التي اشعل اعلان العزم على هدمها شرارة الاحتجاجات.

ونددت المنظمات الحقوقية التركية والاجنبية بهذا القمع متحدثة عن اكثر من الف جريح. حتى ان منظمة العفو الدولية لفتت الى مقتل شخصين. لكن اي مصدر رسمي لم يؤكد هذه الحصيلة.

وتحدث وزير الداخلية معمر غولر الاحد عن اصابة 58 مدنيا و115 شرطيا خلال التظاهرات ال235 التي احصيت منذ الثلاثاء الماضي في 67 مدينة تركية.

واوضح غولر ان الشرطة اعتقلت اكثر من 1700 متظاهر تم الافراج عن معظمهم.

وحتى داخل السلطة، ارتفعت اصوات عدة مبدية اسفها لتدخل الشرطة. وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس التركي عبد الله غول ان مستوى المواجهة quot;يثير القلقquot; فيما دعا نائب رئيس الوزراء بولنت ارينج الى الحوار quot;بدل اطلاق الغاز على الناسquot;.

بدورها، دعت دول حليفة لتركيا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الحكومة التركية الى ضبط النفس، في حين دعت الخارجية السورية الاحد مواطنيها الى عدم التوجه الى تركيا quot;حفاظا على سلامتهمquot;.

وكان وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ندد الجمعة بquot;الاسلوب الارهابيquot; الذي يقود به رئيس الوزراء التركي بلاده، وبquot;الهمجيةquot; التي يتم التعامل بها مع المتظاهرين. وطالبه quot;بالتنحيquot; اذا quot;كان عاجزا عن اتباع وسائل غير عنفيةquot;.

وتستخدم دمشق عبارات وكلمات سبق للمسؤولين الاتراك ان توجهوا بها الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد في معرض انتقادهم لقمع الحركة المطالبة برحيله في سوريا والتي تحولت الى نزاع دام.

ودعا وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاحد الى انهاء التظاهرات المناهضة للحكومة التي تهز تركيا منذ ثلاثة ايام معتبرا انها ستضر بquot;سمعةquot; تركيا في العالم.

في مواجهة كل ذلك، تراجع رئيس الوزراء واقر بان الشرطة تحركت في بعض الحالات في شكل quot;مفرطquot; قائلا quot;صحيح، لقد ارتكبت اخطاء واعمال مفرطة في كيفية رد الشرطةquot;.

واضاف ان وزارة الداخلية امرت باجراء تحقيق.

لكنه كرر انه سينجز مشروع تطوير ساحة تقسيم الذي اثار الغضب الشعبي حتى النهاية.

وفي ما بدا تحديا جديدا للمتظاهرين الذين يتهمونه بالسعي الى quot;اسلمةquot; المجتمع التركي، اكد اردوغان الاحد انه سيتم تشييد مسجد في ساحة تقسيم.

وقال quot;نعم، سنقوم ايضا ببناء مسجد. ولن اطلب اذنا من رئيس حزب الشعب الديموقراطي (اكبر احزاب المعارضة) او من حفنة من المخربين للقيام بذلك. من صوتوا لنا (في الانتخابات) منحونا السلطة للقيام بهذا الامرquot;.