ثمة تململ بين شخصيات شيعية غير مؤيدة لحزب الله أو لتورطه في الحرب السورية، ويتساءلون إن كان أحسن المراهنة على بشار الأسد، ويقولون إنه يخاطر في ذلك، وهو مستمر يريد تحقيق انتصاراته في سوريا ولو كلفه ذلك ألف رجل.


بيروت: تكتظ مدافن ضاحية بيروت الجنوبية بالمشيّعين يودّعون أحباء فقدوهم في القتال بين صفوف حزب الله في سوريا، وهذا دليل على الثمن الباهظ الذي تدفعه الجماعة الشيعية بربط مصيرها بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. فقد نقل حزب الله مقاتليه خارج الحدود اللبنانية للمرة الأولى، في ما وصفه أمين عام الحزب حسن نصر الله بالمرحلة الجديدة، نقلت أهدافه من مقاومة إسرائيل إلى محاربة التكفيريين في سوريا. أنصار حزب الله انضموا بحماس إلى المعركة الجديدة، مع تقارير تتحدث عن قوائم انتظار طويلة للتسجيل للقتال إلى جانب قوات الأسد. لكن محللين يشككون في مدى قدرة الحزب على الاستمرار في شبه احتكار التأييد بين الشيعة في لبنان، في ظل انخراطه في حرب طويلة تعمل على استنزافه لوجستيًا وتهدد الاستقرار اللبناني الهش.

يقول فننفذ
قرار حزب الله بإرسال آلاف الرجال إلى سوريا محاولة محفوفة بالمخاطر لضمان بقاء محورها الداعم، جغرافيًا كممر للسلاح الايراني، وسياسيًا للدفاع عن حزب الله ضد اتهامات بأنه مجرد أداة إيرانية. البعثة الجديدة التي انطلق فيها حزب الله ضد المعارضة التي تتألف بأغلبيتها من السنة تحمل تداعيات ذات نكهة طائفية وتعمق الانقسامات الموجودة بالفعل في لبنان.
ومنذ أن تعهد نصر الله بدعم الأسد في خطاب ألقاه في 25 أيار (مايو) الماضي، بدأت الإشارات شبه اليومية عن انتقال الحرب السورية إلى لبنان، بدءًا من إلقاء صاروخين على الضاحية الجنوبية، وتهديد الجيش الحر باستهداف معاقل حزب الله، وصولًا إلى الاشتباك بين مقاتلي الحزب وثوار سوريين بالقرب من بعلبك في البقاع، هو الأول على الأراضي اللبنانية منذ بدء الصراع في سوريا.
وعلى الرغم من هذه التداعيات السلبية، يبدو أن شعبية حزب الله بين مؤيديه لا تتزعزع بسهولة. في مدفنة روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية لبيروت، يدفن أحد الأهالي فقيده في قاعة بجانب أولئك الذين لقوا حتفهم في محاربة اسرائيل. يجلس علي الفضل على كرسي بلاستيكي عند قبر أخيه، قائلًا: quot;ما حدث ليس مؤلمًا. كلنا نتمنى الشهادة، وما يقوله حسن نصر الله ننفذهquot;.

الحصان الرابح
تم تشكيل حزب الله في العام 1982 بهدف معلن، وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان. وسرعان ما تحول الحزب إلى حركة سياسية هائلة مع قوة شبه عسكرية مسلحة بشكل جيد ومعروفة ببراعتها في حرب العصابات، ويعتقد عمومًا أنها أقوى من الجيش اللبناني.
قال نديم شحادة، المحلل في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن: quot;بقاء حزب الله يعتمد على دعم حصان السباق الرابح، فقد ربطوا مصيرهم بالأسد وهذا خطر للغاية، إنها مغامرة كبيرةquot;.
وسعى حزب الله لإقناع أنصاره بضرورة الانخراط في المعركة إلى جانب الأسد بالقول إن المعارضة السورية هي مجموعة من التكفيريين المتطرفين الذين تدعمهم إسرائيل والولايات المتحدة.
في حي النبعة في بيروت، تجمع الخميس محمد الحاج حسن، وهو سياسي شيعي يعارض حزب الله، وغيره من الشيعة المستقلين ومن ممثلي الأحزاب المتنافسة لمناقشة كيفية طرح معارضة صحيحة، ومنع الشيعة في البلاد من أن يصبحوا معزولين سياسيًا واجتماعيًا كرد فعل عنيف ضد انخراط حزب الله في الصراع السوري.

مهما كلف الأمر
قال شربل عيد، من حزب القوات اللبنانية، إن الدعم الذي يحظى به حزب الله من حلفائه المسيحيين والدروز سيذوي مع مرور الوقت، لكن الدعم الشعبي من المجتمع الشيعي في البلاد لن يتزعزع، بسهولة ويحتاج إلى وقت أطول. قال: quot;نحتاج لأشهر كي يحدث التغيير في الرأي في أوساط الطائفة الشيعيةquot;، مشيرًا إلى أن قرار حزب الله هو مهمة طويلة الأمد وليس معركة آنية وحسب.
وقال مسؤول عسكري إن مهمة الحزب في سوريا قد تستغرق عامًا أو اكثر، وحتى يظل الحزب محتفظًا بالدعم الشعبي فهو بحاجة لتحقيق انتصارات سريعة لم تتحقق بعد. ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الانسان في بريطانيا، خسر حزب الله على الاقل 76 مقاتلًا في القصير من بين 141 في سوريا كلها.
لكن مع تدفق التوابيت إلى الداخل اللبناني، لا يبدو أن حزب الله سيلين في المرحلة المقبلة، إذ يقول المحلل المقرب من حزب الله محمد عبيد: quot;سيتأكدون من تحقيق النصر حتى لو كلفهم ألف رجلquot;.