يختلف رمضان مصر هذا العام عن كل الأعوام السابقة، إذ يهل والمصريون منقسمون. إسلاميو الاخوان المخيمين في ميدان رابعة العدوية يقولون إن رمضان المبارك يبشرهم بنصر هم واثقون من تحققه.

شهر الصوم والعبادة يزور مصر هذا العام في ظل انقسامات وتوترات سياسية وأمنية، فخاب أمل الناس بأن تنعم مصر بالهدوء خلال الشهر الفضيل لأن الاحتجاجات والهتافات تستأنف بعد الإفطار. فعشرات الآلاف من أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي يفترشون الأرض في ما يقرب من نصف ميل من شوارع حي رابعة العدوية في القاهرة. ودخلت مصر الموسم السنوي لشهر رمضان الاربعاء مع شعور ساحق بالانقسام الوطني، لكن توقعات البعض في أن يوفر هذا الشهر مساحة لالتقاط الانفاس والهدوء خابت بعد أن اتضح من افطار الاربعاء في رابعة العدوية أن الانقسامات ستزداد خلال هذه الفترة.
رمضان مختلف
أمل العديد من المصريين، بما في ذلك العسكريون الذين أطاحوا بمرسي الأسبوع الماضي، في أن يفلح رمضان بخفض زخم أنصار الإخوان المسلمين، بحيث يجدون صعوبة في الاستمرار بالاحتجاج بسبب الامتناع عن الطعام والماء من الفجر حتى الغسق. في معظم البلدان الاسلامية، تصبح الحياة اليومية بطيئة بشكل ملحوظ خلال رمضان، حيث أن الناس يفضلون النوم خلال النهار، وقضاء الليل مع أفراد الأسرة والأصدقاء. وفي ظل الاضطرابات السياسية هذا العام، يقول العديد من المصريين إنهم ليسوا في مزاج العطلة هذا العام. ويبدو أن بداية الشهر الفضيل عملت حتى الآن على تنشيط أنصار مرسي، الذين تعهدوا بالاستمرار في الاعتصام على الرغم من حرارة الصيف الحارقة. وقالت عنايات شناوي (38 عاماً)، وهي معلمة وأم لخمسة أطفال من مدينة المنصورة: quot;الاحتجاجات هذا الشهر تبدو وكأنّها نوع من الحج المقدسquot;. من جهتها، أشارت دعاء أحمد (33 عاماً) من منطقة دلتا النيل، إلى أن عائلتها عادة تستعد لشهر رمضان من خلال تزيين المنزل بالفوانيس الملونة وإعداد أطباق الأطفال المفضلة، بما في ذلك ورق العنب والبسبوسة، لكن رمضان مختلف هذا العام، إذ أن دعاء وزوجها وأطفالها الأربعة تناولوا على الإفطار وجبة بسيطة من شطائر الجبن وعلب العصير، أثناء جلوسهم على قماش بلاستيكي على الأرض. quot;رمضان هذا العام هو أفضل من أي وقت مضىquot; قالت دعاء، مشيرة إلى أن نضالهم من أجل مرسي جعل لهذا الشهر الفضيل مكانة أفضل.
ثقة بالنصر
أشارت صحيفة لوس أنجيليس تايمز إلى أن مسؤولين من الإخوان يبذلون قصارى جهدهم لخلق روح الاحتفال في المعسكرات، من خلال تزيين الخيام وتنظيم مباريات كرة القدم ليلًا. وقال جمال عبد الستار، وهو رجل دين وباحث في جامعة الأزهر: quot;شهر رمضان يعطينا المزيد من القوة لقضيتناquot;، مضيفًا ان التاريخ أثبت أن هذا الشهر دائمًا ما يحمل معه الانتصارات للمسلمين، quot;لذلك نحن واثقون من النصرquot;.
في جميع أنحاء المخيم، يتقاسم الناس رؤية مشتركة بأن الله إلى جانبهم في النضال السياسي ضد العلمانيين والليبراليين في الحكومة الانتقالية الجديدة. ويشيرون إلى أمثلة من الماضي عن الانتصارات العسكرية للمسلمين خلال شهر رمضان، مثل النجاحات الأولية خلال حرب يوم الغفران في العام 1973 ضد اسرائيل.
وبما أن شهر رمضان هو وقت الأخوة والمحبة والمساواة، قد يجد الإسلاميون صعوبة في التوفيق بينه وبين الاحتجاجات المناهضة للجيش أو التي تدعو إلى الانتقام. وعلى نفس المنوال، قد تجد المؤسسة العسكرية نفسها أكثر تحفظًا خلال الشهر الفضيل وتمتنع عن إطلاق حملة ضد المتظاهرين، شبيهة بتلك التي أودت بحياة 51 شخصاً يوم الاثنين. ودعا زعماء الاخوان المسلمين أنصارهم بالتظاهر بشكل سلمي. لكن علامات التعسكر واضحة في رابعة العدوية، إذ تم تحصين الأحياء بجدران من الطوب حيث يقوم متطوعون بمهام الحراسة حاملين هراوات في أيديهم. خارج المخيم، عادت الحياة اليومية في القاهرة إلى وضعها الطبيعي، لكن الاستقطاب المتنامي أرخى بثقله على احتفالات رمضان النابضة بالحياة، فتحولت إلى روتين من القلق والتوتر والإحباط.
رائد محمد، مدير سوبر ماركت بالقرب من اعتصام رابعة العدوية، قال إن متجره يكتظ عادة بالزبائن خلال شهر رمضان، لكن هذا العام مختلف، فالكثير من الناس يخافون زيارة متجره بسبب قربه من الاحتجاجات.