تعمل وزارة الخارجية الأميركية على إعداد حملة لتشجيع منع زواج الأطفال والصغيرات عبر العالم، باعتباره مبدأ رئيسًا للسياسة الأميركية الخارجية والإنمائية، وذلك انسجامًا مع قانون صادر في شهر مارس/ آذار 2013.


نصر المجالي: تعتقد الولايات المتحدة أن quot;القضاء على هذه الممارسة ليس مجرد واجب أخلاقي، إنما هو ضرورة استراتيجية، لأن له انعكاسات واسعة على أهداف السياسة الخارجية الأميركيةquot;.

وقد فسّر خبراء تنمية السياسات في هذا المجال أمام جمهور في واشنطن في 31 يوليو/ يوليو لماذا يُعتبر منع زواج الأطفال أمرًا بالغ الأهمية، عبر اعتبارهم أنها خطوة تهدف إلى تحسين وضع المرأة وتأمين تقدم الازدهار في العالم النامي.

الارتقاء بوضع الفتيات
وأصدرت راشيل فوغلشتاين من مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، وهي مستشارة سابقة في مكتب قضايا المرأة العالمية في وزارة الخارجية، ورئيسة تحرير، نشرة في الآونة الأخيرة حول هذا الموضوع الإنساني، تحت عنوان quot;وضع حد لزواج الأطفال: كيف يساهم الارتقاء بوضع الفتيات في دفع أهداف السياسة الخارجية الأميركيةquot;.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت عن نتائج بحث في وقت سابق من العام 2013، تظهر أن 14.2 مليون فتاة سنويًا، أو 39 ألف فتاة يوميًا، سوف يتزوجن قبل أن يبلغن سن الثامنة عشر. وبحلول العام 2020، سوف تكون 140 مليون فتاة قد تزوجن في سنّ مبكرة، ومن بينهن 50 مليون فتاة تحت عمر 15 سنة.

يُظهر البحث بوضوح أن الزواج المبكر يُنهي تعليم الفتاة. والفتيات غير المتعلمات لا يصبحن عاملات منتجات عاليات القيمة يساهمن في زيادة رخاء مجتمعاتهن. وبدون الحصول على تعليم، لن يعرفن التغذية الجيدة والعادات الصحية الحسنة، وهذا بدوره يؤثر على الأطفال الذين ينجبنهن، كما تشير البيانات. واستنادًا إلى عملية استطلاع، فإنهن يصبحن أكثر عرضة للوقوع ضحايا للعنف القائم على الجنس، ومن المحتمل أن يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن بمعدل يزيد عن الضعف بالمقارنة مع النساء الأكبر سنًا.

وبناءً على هذه الأسباب الموثقة جيدًا، فقد اكتسبت ضرورة اهتمام الولايات المتحدة بمنع زواج الأطفال أهمية جديدة في التقويم السنوي لوزارة الخارجية، المتعلق بممارسات حقوق الإنسان في سائر أنحاء العالم، وفي خطط العمل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

تغيير المواقف
ونقلت شارلين بورتر المحررة في موقع quot;آي آي بي ديجيتالquot; عن كارين غراون، القائمة بأعمال المنسق الرئيس للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قولها: quot;إن هذه الإستراتيجية تتعلق أولًا وقبل أي شيء آخر بتغيير المواقفquot;. وتهدف رؤية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى quot;تغيير مواقف شيوخ المجتمع الأهلي والأهل، والرجال، والقادة الدينيين، وأصحاب المصلحة الرئيسيين من السكانquot;.

وشددت غراون على أن جهود الولايات المتحدة يجب أن تنسجم مع المبادرات المحلية لإقناع المجتمعات الأهلية بأن زواج الأطفال يجعل الفقر مستدامًا، ويؤخر التنمية الوطنية، من خلال حرمان الفتيات والأطفال الذين ينجبنهن من الفرص.

في الوقت نفسه، تكرّس الولايات المتحدة طاقة جديدة لمنع زواج الأطفال، استنادًا إلى غراون، كما إن الوكالات في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات التي لا تبغي الربح، والمكرسة للتنمية الدولية وتوفير الفرص للنساء، تفعل ذلك أيضًا. أما الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فإنها تريد تنسيق الاستراتيجيات والموارد مع هذه المنظمات لتحقيق أقصى قدر من الفعالية.

يشار إلى أن زواج الأطفال صار ظاهرة مقلقة في معظم دول العالم، ويمكن أن يمارس على نطاق أوسع عندما تتعرّض المجتمعات لشكل من أشكال الضغط، كالنزاعات أو العنف أو المجاعة. وعلى عكس الاتجاهات العالمية، فقد يرى الأهل حسنة قصيرة الأمد للأسرة من تزويج ابنة صغيرة السن، وربما حتى يتقاضون مهرًا مقابل ذلك.

وأظهر البحث أن الحكومات قد تعترف بالتأثيرات السلبية لهذه الممارسة، حتى عندما تحدث في المناطق الريفية أو المعزولة أو بين بعض المجموعات العرقية أو الدينية.

استراتيجيات التنمية
فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط سن الزواج في بنغلادش حوالى ثماني سنوات مع توسع الصناعات وازدياد الحاجة إلى قوة عاملة قادرة، مما أثر على المعايير الاجتماعية بشأن زواج الأطفال.

وأوضحت غراون أن quot;نتائج من هذا القبيل يمكن أن تؤثر على استراتيجية التنمية الاقتصادية من أجل خلق قوة عاملة ماهرة ومتعلمة، تمنح المرأة والرجل فرصًا يمكنها أن تكون فعلًا محفزًا مهمًا في هذا السياقquot;.

وأشارت غراون إلى أنه في الهند، نفذت ولاية هاريانا برنامج quot;التحويلات النقدية المشروطةquot;. ويحدد المشروع سكانًا من أسر ذات مدخول منخفض، ويعطي لأهل الفتيات المولودات حديثًا quot;سندًا تقبض قيمته نقًدا عندما تصل تلك الفتاة إلى عمر 18 سنة، إذا كانت لا تزال غير متزوجةquot;.

وتعتقد غراون أنه على الرغم من أن هذه الاستراتيجية لا تزال قيد التقويم، لكن يبدو أنها مبادرة واعدة لتغيير المفاهيم الاجتماعية حول قيمة الفتيات. ويقوم البنك الدولي بتنفيذ برامج مماثلة في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، التي تبشّر بالحدّ من زواج الأطفال.

وفي أثيوبيا وتنزانيا، تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع شركاء من خلال برامج المساعدة الصحية القائمة لمساعدة الفتيات المراهقات المتزوجات في شؤون تنظيم الأسرة وتقديم المشورة.

في الختام، أشارت فولغشتاين إلى التوجّه الجديد للسياسة الخارجية الأميركية بشأن هذه المسألة، ورأت وجود زخم متزايد للحدّ من ظاهرة زواج الأطفال. وقالت إن أكثر من 250 منظمة لا تبغي الربح تعمل على هذه القضية في أنحاء العالم كافة.