فرح شيعة عراقيون لسقوط حكم الاخوان في مصر واعتبروه نصرًا إلهيًا، بينما عدّه يساريون سقوطًا للأنظمة الدينية، في حين قال مسلمون سنة إن اخوان مصر ضحية مؤامرة أميركية.


بغداد: اعتبر شيعة عراقيون سقوط الرئيس المصري السابق محمد مرسي انتقامًا إلهيًا للدماء الزكية التي سُفكت في جريمة قتل الداعية الشيعي المصري الشيخ حسن شحاتة، في حين عدّه علمانيون سقوطًا للانظمة التي تسخّر الدين في السياسة. لكن الكثير من الاسلاميين السنة اعتبروه انقلابًا على الشرعية. وعلى المستوى الرسمي والنخبوي، فإن البعض عدّه سقوطًا للإسلام السياسي، بينما اعتبره البعض الآخر نتيجة أخطاء سياسية لاخوان مصر، طيلة عام كامل.

تبادل التهاني

في مدينة كربلاء، خرج المعلم عصام الياسري مع العشرات إلى الشوارع وتبادلوا التهاني مع المحتفلين تزامنًا مع اعلان وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي تعليق الدستور وعزل مرسي. واعتبر الياسري ما حدث استجابة إلهية لدعاء ملايين الشيعة في العراق والبلدان الأخرى، لأن مرسي وصفهم بالكفار، كما شجع على قتل الداعيةحسن شحاتة.

وكان مرسي حضر مهرجانًا في ملعب في القاهرة في الخامس عشر من شهر حزيران الماضي تحت شعار quot;نصرة سورياquot; هاجم فيه الشيعة. وأكد الياسري أن المئات من العراقيين خرجوا في تجمعات لم تنل اهتمام الفضائيات.

وكانت العديد من القنوات الفضائية العراقية الدينية بثت عبر برامج أو عبر الشريط الاخباري المتحرك رسائل التهنئة بسقوط حكم اخوان مصر طوال يومين، واعتبرت الكثير من هذه الرسائل التغيير في مصر سقوطًا للفكر الديني الذي يعادي الشيعة ويكفّرهم.

الاحزاب الدينية سرقت التغيير

لكنّ هناك من لا يقرأ الأمر على هذا النحو، اذ يقول سعيد العزاوي من بابل إن سقوط حكم الاخوان هو الحلقة الاولى في سقوط النظام الديني في ايران، الذي يساند الرئيس المصري وحكم الاخوان، ليس ايمانًا بتجربتهم بل لأنه من صنفهم وعلى طريقتهم في الحكم، وهو حكم المرشد.

وقال العزاوي، الذي يدرّس التاريخ لطلاب المرحلة المتوسطة وذو افكار يسارية، إن أي حكم على شاكلة حكم اخوان مصر أو النظام الايراني سيسقط عاجلًا أم اجلًا، ورأى أن القوى الدينية سرقت ثورات الربيع العربي من الشباب اليساري. أضاف: quot;حتى في العراق، فإن الاحزاب الدينية سرقت ارادة التغيير في العراق منذ العام 2003، وبمساندة الولايات المتحدة التي تساند الاخوان على البقاء في الحكم وعلى استلام السلطة في سوريا ايضًا، لأن واشنطن تخشى التيار التقدمي اليساري الذي يهدد مصالحهاquot;.

من مصر إلى العراق

يتنبأ احمد الفضلي أن ينتقل ما حدث في مصر إلى العراق، لو أن الشعب غير مشتّت الولاءات. لكن سقوط حكم الاخوان له انعكاسات على الرأي على المستوى المحلي، حيث يرى لؤي الحسيني من النجف أن سقوط مرسي سيكون دافعًا لكي يُسقِط العراقيون حكومة نوري المالكي في بغداد وحزبه، بعدما فشلوا طوال سنوات في تعزيز الامن، وانتشر الفساد الاداري عبر صفقات بمليارات الدنانير، مؤكدًا أن الشعب العراقي يجب أن يأخذ عبرة من المصريين الذين لم يصبروا على حكم الاخوان أكثر من سنة واحدة فقط.

وعلى عكس ما قاله الحسيني، تحدث النائب إحسان العوادي، من ائتلاف دولة القانون، قائلًا: quot;إنه امر مفرح أن ينجح الشعب المصري في إسقاط النظام، لكن لكل دولة خصوصيتهاquot;. وكان النائب المستقل حسن العلوي، اعتبر سقوط نظام حكم الاخوان في مصر بداية لخارطة جديدة وضعها صانعو القرار الدولي، تتمثل باعادة الانظمة العلمانية، كونهم شعروا بأن النظام الاسلامي قد لا یتواءم مع مصالحهم أو أنه قد یثیر اشکالات اجتماعیة.

مؤامرة اميركية

في مدينة اللطيفية، يرى عامر عبدالله، من الطائفة السنية، أن بعض الجهات السياسية في العراق تسعى إلى توظيف عزل مرسي في الحالة العراقية، عبر اظهار عجز حركات الاسلام السياسي عن الحكم، quot;فيما تغض هذه الجهات النظر عن الاحزاب الدينية الحاكمة في العراق، التي اثبتت فشلها طيلة سنوات من الحكمquot;. أضاف: quot;لو كان الاخوان المسلمون في مصر لهم علاقة وطيدة بالأجندة الاميركية لظلوا في الحكم كما في العراق، لكنهم اثبتوا أنهم مخلصون لمصر فقطquot;.

لكن نشوان الجبوري، السني من بغداد، يقول: quot;من الضروري أن ننظر إلى ما بعد عزل مرسي، اذ يصر اليوم ابناء مصر على الشرعيةquot;، داعيًا معتصمي المحافظات الغربية العراقية إلى استمرار الاعتصام بنفس اصرار المصريين، وأن يؤكدوا وطنيتهم عبر رفع شعارات واعلام العراق وليس رايات التطرف حيث تحاول الحكومة تشويه صورتهم من خلالها مثلما حدث في مصر. اضاف: quot;لا مقارنة بين الحالتين العراقية والمصرية إلا في الظلم، فقد تساوى في الظلم المصريون الذين انتزعت منهم الشرعية مع ابناء السنة في العراق والذين يجري تهميشهم يومًا بعد يومquot;.

ترحيب إلكتروني

في مواقع التوصل الاجتماعي، توافق الكثيرون من الشيعة المتدينين مع اليساريين العراقيين في السعادة بسقوط مرسي، رغم التباين في وجهات النظر حول كيف ولماذا سقط. يقول فاضل فلاح، وهو طالب جامعي من مناصري الحزب الشيوعي، على صفحته في موقع فايسبوك، إن التغيير في مصر دليل على الرفض الشعبي للحكم الديني في مصر وغيرها، والتوق إلى الحريات. لكن الاعلامي علي حسين يعتبر أن سقوط مرسي يعود بالدرجة الاولى إلى تحالفه مع التيارات التكفيرية والمتطرفة، فلو أن مرسي استمر في تحالفه مع الحكم الاسلامي في ايران لما سقطquot;.

في الجانب الآخر، فإن البعض من الجمهور الغاضب يحاول الانتقاص من الشعب العراقي لأنه لم يستطع أن يثور وأن يواصل احتجاجاته لحين تحقيق مطالبه، إذ يتهم كريم عباس الشعب العراقي بالقصور وعدم الوعي عن ادراك حاجاته ومصالحه، quot;لأن الاحزاب الدينية تسيره بحسب مصالحهاquot;.