حذرت الولايات المتحدة رعاياها من التوجه الى مصر ودعت المواطنين الاميركيين الى مغادرتها، فيما ألغى أوباما المناورات العسكرية التي كان من المقرر اجراؤها.
واشنطن: ألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس المناورات العسكرية التي كان من المقرر ان تجريها الولايات المتحدة قريبا مع مصر احتجاجا على مقتل مئات المتظاهرين المصريين، الا انه لم يوقف المساعدات العسكرية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار لذلك البلد.
ودعا أوباما السلطات المصرية الى رفع حالة الطوارئ والسماح بالتظاهر السلمي، منددا quot;بقوةquot; بقمع المتظاهرين. وقال أوباما للصحافيين من مارثاز فاينيارد حيث يقضي اجازته quot;رغم اننا نريد مواصلة علاقاتنا مع مصر، فان تعاوننا التقليدي لا يمكن ان يستمر كالمعتاد عندما يتم قتل مدنيين في الشوارعquot;.
وقال أوباما ان الولايات المتحدة ابلغت مصر انها علقت مناورات quot;برايت ستارquot; (النجم الساطع) والتي تجري بين جيشي البلدين كل عامين منذ العام 1981. وفي العام 2009 شارك اكثر من 1300 جندي أميركي في تلك المناورات التي شاركت فيها كذلك المانيا والكويت وباكستان.
وكانت هذه المناورات علقت قبل ذلك في 2011 اثناء ثورة 25 يناير التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك الذي كان حليفا مقربا من واشنطن. وتواجه مصر الاضطرابات منذ ذلك الحين حيث قام الجيش في 3 تموز/يوليو بالاطاحة بالرئيس الاسلامي المنتخب ديموقراطيا محمد مرسي.
وقتل اكثر من 500 شخص منذ الاربعاء عندما اقتحمت قوات الامن المصرية اعتصامات الاخوان المسلمين المطالبة بعودة مرسي. وقال أوباما ان مرسي لم يكن رئيسا quot;للجميعquot; وانه quot;ربما عارضته غالبيةquot; المصريين.
واضاف quot;رغم اننا لا نعتقد ان القوة هي الطريق لحل الخلافات السياسية، الا انه وبعد تدخل الجيش قبل عدة اسابيع، كانت لا تزال هناك فرصة للمصالحة ولمواصلة المسار الديموقراطيquot;. وتابع quot;بدلا من ذلك شهدنا اتباع مسار اكثر خطورة من خلال الاعتقالات التعسفية وحملة القمع الواسعة ضد المقربين من مرسي وضد انصاره، والان شهدنا عنفا ماساويا ادى الى مقتل المئاتquot;.
وتجاهل أوباما سؤالا من احد الصحافيين حول المساعدات الأميركية لمصر التي تتلقى واحدة من اكبر المساعدات العسكرية منذ توقيعها معاهدة السلام مع اسرائيل في 1979. ويواجه أوباما ضغوطا متزايدا لوقف تلك المساعدات. ونشرت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست مقالين انتقدتا فيه موقفه بشدة.
وقالت واشنطن بوست ان ادارة أوباما quot;شريكةquot; في حملة القمع لانها اظهرت لحكام مصر ان quot;تحذيراتها ليست لها مصداقيةquot;. وحرصت الولايات المتحدة على تجنب وصف ما حدث في 3 تموز/يوليو بانه انقلاب وهو الوصف الذي يترتب عليه وقف المساعدات العسكرية الأميركية لمصر.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري اشاد سابقا بالجيش وقال انه quot;يعيد الديموقراطيةquot; للبلاد، الا انه تراجع عن تصريحاته لاحقا. ودعا السناتور الجمهوري راند بول الى الوقف الفوري لتلك المساعدات. واتهم القوات المصرية باستخدام عربات عسكرية أميركية لقمع المحتجين.
وقال بول في بيان quot;فيما يدين أوباما العنف في مصر فان ادارته تستمر في ارسال مليارات من دولارات دافعي الضرائب للمساعدة على العنفquot;. كما قال السناتور الديموقراطي باتريك ليهي، الذي يعرف عنه انتقاده للانتهاكات العسكرية في الخارج، انه quot;يجب وقف المساعدات لمصر الى حين استعادة الديموقراطيةquot;.
الا ان مسؤولين اسرائيليين دعوا الولايات المتحدة الى مواصلة تقديم المساعدات لمصر نظرا لضرورتها في الحفاظ على معاهدة السلام وضمان تعاون الجيش في قمع المتشددين الاسلاميين. واكد أوباما ان بلاده ليس لديها مرشح مفضل في مصر التي تنتشر فيها نظريات المؤامرة حول الدعم الأميركي لكل من الجانبين. وقال quot;أميركا لا يمكنها ان تقرر مصير مصر، فهذا امر يعود للشعب المصريquot;.
العلاقات العسكرية مستمرّة
قال وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل الخميس انه ابلغ رئيس اركان الجيش المصري وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ان واشنطن ستبقي علاقاتها العسكرية مع مصر، الا ان ارتكاب الجيش لمزيد من اعمال العنف يمكن ان يهدد هذه العلاقات.
وقال هيغل انه اتصل بالسيسي ليعرب له عن قلق واشنطن بسبب احداث فض اعتصامات انصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي والتي ادت الى مقتل اكثر من 500 شخص الاربعاء.
وصرح هيغل في بيان ان quot;وزارة الدفاع ستواصل علاقاتها العسكرية مع مصر، ولكنني اوضحت ان العنف وعدم اتخاذ خطوات كافية باتجاه المصالحة يهددان العناصر المهمة في تعاوننا الدفاعي الطويلquot;.
وتاتي تحذيرات هيغل بعيد اعلان الرئيس باراك اوباما الخميس الغاء المناورات العسكرية التي كان من المقرر ان تجري الشهر المقبل بسبب احداث القمع.
وقال هيغل quot;منذ بدء الازمة الاخيرة، اوضحت الولايات المتحدة ان على الحكومة المصرية الامتناع عن اللجوء الى العنف واحترام حرية التجمع والتحرك باتجاه عملية انتقال سياسي تشمل الجميعquot;. واضاف ان quot;التطورات الاخيرة بما فيها اعمال العنف التي نجم عنها مقتل المئات في انحاء البلاد، قوضت هذه المبادئquot;.
ونظرا للعلاقات بين الجيشين المصري والاميركي القائمة منذ عقود، اصبح هيغل الوسيط الرئيسي بين السلطات المصرية وادارة اوباما مع تطور الازمة في مصر.
واجرى هيغل اكثر من 15 اتصالا هاتفيا مع السيسي منذ 2 تموز/يوليو، وهو اليوم الذي سبق عزل الرئيس المصري محمد مرسي.
وقال هيغل quot;لقد جددت التاكيد اثناء مناقشاتي مع الوزير السيسي ان الولايات المتحدة لا تزال مستعدة للعمل مع جميع الاطراف للمساعدة على التوصل الى طريق مستقبلي سلمي يشمل الجميعquot;.
واشنطن تدعو رعاياها إلى المغادرة
حذرت الولايات المتحدة رعاياها الخميس من التوجه الى مصر ودعت المواطنين الاميركيين المتواجدين في ذلك البلد الى مغادرته.
وياتي هذا التحذير الذي اصدرته وزارة الخارجية بعد يوم من مقتل نحو 600 شخص في عملية فض اعتصامات انصار الرئيس المعزول محمد مرسي وفي الاحداث التي اعقبت ذلك.
وجاء في بيان الخارجية ان على اي اميركي يبقى في مصر رغم التحذير ان يلتزم بحظر التجول المفروض وتجنب تظاهرات الشوارع.
واضاف البيان ان الاجانب قد يصبحون هدفا quot;للمضايقات او ما هو اسوأ من ذلكquot; مشيرة الى مقتل مواطن اميركي خلال تظاهرة في الاسكندرية في حزيران/يونيو الماضي.
وتابع البيان ان من مصادر القلق المستمرة quot;العنف على اساس الجنس في مناطق الاحتجاجات وما حولها حيث استهدفت النساء في اعتداءات جنسيةquot;.
وكانت السياحة احدى روافد الاقتصاد المصري الرئيسية حيث كان يزور البلاد ملايين الاجانب لمشاهدة الاهرامات والاثار القديمة.
الا ان ارقام السياح انخفضت بشكل كبير بعد الثورة التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك في 2011.
كما ان مصر التي تعد اكبر الدول العربية من حيث السكان، هي سوق مهم للشركات الاميركية الخاصة التي بدأ بعضها بالخروج من ذلك البلد او تخفيض عملياتها فيه.
واعلنت شركة جنرال موتورز الاميركية العملاقة الخميس عن تعليق الانتاح في مصنعها المصري حتى تقييم الوضع الامني.
نافي بيلاي تطلب اجراء تحقيق
وطلبت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان المتحدة نافي بيلاي الخميس اجراء تحقيق حول سلوك قوات الامن المصرية في احداث الاربعاء. وفي بيان صدر في جنيف، اعلنت بيلاي انه quot;ينبغي (اجراء) تحقيق مستقل، محايد، فعلي وذي صدقية حول سلوك قوات الامنquot;، مشددة على وجوب quot;محاسبة جميع من تثبت ادانتهمquot; في هذه الاحداث.
ولاحظت المسؤولة الاممية ان ثمة تباينا هائلا في عدد القتلى وفق المصادر، وقالت quot;على قوات الامن ان تحترم القانون وان تتحرك مع احترام حقوق الانسان بما فيها الحق في حرية التعبير والتظاهر السلميquot;.
من جهة اخرى، اشارت بيلاي الى ان quot;هناك معلومات عن هجمات على مباني عامة واماكن عبادة من جانب معارضي الحكومةquot;، معربة عن quot;قلقها الكبيرquot; حيال ذلك. واضافت ان quot;المسؤولين عن هذه الافعال الاجرامية يجب احالتهم امام القضاءquot;.
واعتبرت ان quot;احداث الاربعاء الماسوية اظهرت مدى حالة الاستقطاب الخطير في مصرquot;، مبدية اسفها لquot;الخسائر في الارواحquot; وموجهة quot;نداء الى الجميع في مصر لايجاد سبيل للخروج من هذا العنفquot;. وخلصت بيلاي quot;اطالب السلطات المصرية وقوات الامن بالحاح بالتحرك باكبر قدر من ضبط النفسquot;.















التعليقات