رصدت تقارير عبرية رفض الأوساط السياسية في تل أبيب ما وصفته باستخدام أجهزة الأمن المصرية القوة المفرطة خلال فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، في حين شهدت مدينة تل ابيب تظاهرات داعمة للرئيس المعزول محمد مرسي.


محمد نعيم من القاهرة: في الوقت الذي لم تعلق الدوائر الرسمية الاسرائيلية على ما يجري من تطورات في المشهد السياسي والامني المصري، ابدت العديد من الدوائر السياسية في تل ابيب رفضها التام لما وصفته بتعامل اجهزة الامن بقوة مفرطة خلال فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وترجم نشطاء اسرائيليون هذا الرفض لمظاهرات حاشدة امام سفارة القاهرة في تل ابيب.

اعضاء كنيست يدعمون مرسي

وبحسب معلومات نشرها موقع quot;والاّquot; العبري، توافدت امام السفارة المصرية في شارع quot;بازلquot; في تل ابيب المئات من الناشطين من بينهم اعضاء عرب في الكنيست، ونددوا بما وصفوه بممارسات الجيش المصري ضد المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي.

ونقل تقرير الموقع العبري عن عضو الكنيست العربي quot;طلب ابو عرارquot; قوله: quot;ان التظاهرات التي احتشدت امام السفارة المصرية تأتي اعتراضاً على المذبحة التي تعرّض لها المتظاهرون في مصر على ايدي قوات الامن والجيش المصري بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسيquot;.

وعلى حد قول عضو الكنيست العربي ابوعرار، الذي شارك هو الاخر في التظاهرات التي يجري الحديث عنها في تل ابيب، وصل عدد قتلى ومصابي المواجهات مع قوات الامن المصرية الى الالاف، واضاف: quot;جئنا الى هنا للتعبير عن تضامننا مع الشعب المصري، ومع الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، الذي تم انتخابه عبر عملية اقتراع ديمقراطية حرة ونزيهةquot;.

من جانبه رأى الخبير الاسرائيلي quot;بوعاز بيسموتquot; ان مصر تمر بحالة من السقوط السياسي منذ فترة ليست بالقصيرة، وان المستقبل بات ملبداً بالغيوم بعد ان تبخّر حلم الديمقراطية الذي تطلع اليه ثوّار ميدان التحرير، وامام ذلك بحسب مقال بيسموت في صحيفة quot;يسرائيل هايومquot; العبرية، لم يجد الجيش المصري امامه خياراً سوى تبني استراتيجية جيش بشار الاسد في التعامل مع المتظاهرين، لا سيما ان المصريين الذين خرجوا الى الشوارع والميادين لاسقاط حكم محمد مرسي، لم يلمسوا حتى الان اي استقرار يمكن التعويل عليه في اعادة بناء دولة ديمقراطية.

زعزعة استقرار الحكومة المصرية الجديدة

وفي محاولة لرصد ما يجري في مصر، رأى الخبير الاسرائيلي بوعاز بيسموت انه بعد ما يربو على الشهر والنصف على الثلاثين من يونيو، نفّذ الجيش تهديداته حينما اخلى مؤيدو مرسي من ميادين القاهرة، واسفر ذلك عن مقتل ما لا يقل عن 278، واصابة ما يربو على 2.000 مواطن، فضلاً عن مقتل واصابة العشرات في صفوف الاجهزة الشرطية، لكن تبعات تلك الممارسات قادت لزعزعة الارض اسفل اقدام الحكومة المصرية الجديدة، خاصة حينما قدم الدكتور محمد البرادعي مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية استقالته، اعتراضاً على تبني خيار القوة في فض اعتصام ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر.

وعلى صعيد توتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة على خلفية تعامل الجيش مع مؤيدي الرئيس مرسي، رصدت تقارير عبرية نشرها موقع quot;ماكوريشونquot; العبري ما وصفته برفض وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الرد على اتصال هاتفي من الرئيس الاميركي باراك اوباما.

واوضحت دوائر سياسية في تل ابيب ان المشكلة التي تقف امام الرئيس اوباما حالياً لم تعد في اصرار وزير الدفاع المصري على المضي قدماً في خارطة الطريق، التي وضعها النظام الجديد بقيادة المستشار عدلي منصور، وانما باتت في التحالف الاستراتيجي الواضح بين دول الخليج والقاهرة.

تحويل مكالمة اوباما الى رأس النظام

وفي حين تلقى وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً اليوم الجمعة من نظيره الاميركي quot;تشاك هيغلquot;، اكد فيه الاخير حرص وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; على توطيد علاقتها بالجيش المصري، رغم تعليق المناورات العسكرية الدورية quot;النجم الساطعquot; بين الدولتين، نقلت التسريبات العبرية عن الجهات القائمة على التواصل الهاتفي بين اوباما والسيسي قولها: quot;ان اوباما طلب الحديث هاتفياً مع السيسي، الا ان الاخير رفض بشدة الطلب، واوصى بتحويل المكالمة الى راس النظام المصري المستشار عدلي منصورquot;. لكن اوباما قال وفقاً للتسريبات : quot;لسنا معنيين بالحديث مع عدلي منصور، وانما نرغب في الحديث مع السيسيquot;، الا ان طلبه قوبل بالرفض.

وتشير المعلومات العبرية الى ان وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي كان على علم مسبق بمضمون الاتصال الهاتفي الذي اجراه اوباما، إذ ان الاتصال - اذا تم ndash; لم يكن ليختلف عن نظيره، الذي اجراه اوباما مع الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في الاسبوع الاول من شباط/ فبراير عام 2011، وهو الاتصال الذي طلب فيه اوباما من مبارك وقف ما وصفه باستخدام الذخيرة الحيّة ضد المتظاهرين، وحينما طلب منه مبارك مهلة اسبوعين او ثلاثة لترسيخ الاستقرار، اوعز اليه باراك اوباما بضرورة الرحيل والتخلي عن منصبه الآن وليس غداً.

وخلصت دوائر تقدير الموقف الاسرائيلي الى ان توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، ستسفر بالضرورة عن عدة تطورات، اولها: مواصلة الاخوان المسلمين مجابهتهم للجيش والشرطة، اعتماداً على زيادة الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة وتركيا على عبد الفتاح السيسي، خاصة بعد إلغاء الاخيرة مناورات عسكرية كان من المقرر اجراؤها مع الجيش المصري في شهر تشرين الاول/ اكتوبر المقبل. ثانياً: سيوعز الفريق اول عبد الفتاح السيسي الى قواته بزيادة عملياته ضد جماعة الاخوان المسلمين.

ثالثاً: ستعزز دول الخليج دعمها لوزير الدفاع المصري وعملياته ضد جماعة الاخوان المسلمين، الامر الذي يزيد من فجوة العلاقة بين القاهرة وواشنطن.