أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الأحد دعمه التظاهرات التي شهدتها البلاد أمس مهما اختلفت مع مواقف حكومته. وقال إنه يدعم مطالب المتظاهرين، لكنه حذرهم من استغلال منظمات الإرهاب لها، وتحويلها إلى عصيان مدني، بينما أصدرت اللجنة الوزارية، المكلفة بوضع مسودة قانون التقاعد الموحد لموظفي الدولة، مسودة قانون التقاعد الموحد، الذي يشمل جميع الموظفين العراقيين، بدءًا من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف في السلم الوظيفي.


أسامة مهدي: قال المالكي في كلمة الى العراقيين اليوم بعد يوم من خروج تظاهرات كبيرة في بغداد و12 محافظة أخرى للمطالبة بإلغاء تقاعد البرلمانيين وامتيازات الرئاسات الثلاث وكبار المسؤولين إن الدولة ملزمة بتوفير المناخات التي أقرّها الدستور في حماية التظاهرات والمتظاهرين، سواء اتفقوا مع وجهة نظرها أو اختلفوا.

وشدد على دور الحكومة في توفير الفرصة والامن لكي يعبّر المتظاهرون عن آرائهم ووجهات نظرهم. لكنه استدرك بالقول إنه في الديمقراطيات غير المكتملة وفي الدكتاتوريات، فإن التعبير عن الآراء يكون في بعض الاحيان مطلقًا وبلا ضوابط، بينما من المفترض أن تحصل هذه التظاهرات على رخصة رسمية، حتى لا تتحول الى شغب أو فوضى.

واكد دعمه التظاهرات، سواء كانت منسجمة مع مواقفه او ضدها. واشار الى أن بعض تظاهرات امس كانت منضبطة وضمن السياقات السلمية العامة، لكن بعضها خرج عن آليات التظاهر. وشدد على تأييد مطالب المتظاهرين، واقر بوجود فوارق شاسعة بين الرواتب العليا والاخرى الدنيا، موضحًا أنه يجري العمل لتخفيض الأولى، ورفع سقف الثانية، لأن المرتبات العالية تنهك قدرات الدولة.

لكنه اوضح أن هناك اشكالية دستورية تواجه تحقيق هذا الامر، لان الدستور لم يتحدث عن مرتبات البرلمانيين. وقال إنه لذلك سيعرض على مجلس الوزراء خلال جلسته الاسبوعية الثلاثاء المقبل مسودة مشروع قانون لمعالجة الامر لإرساله الى مجلس النواب لتشريعه ووضعه موضع التنفيذ.

وكرر المالكي عدم معارضته التظاهرات، لكنه اشار الى ضرورة الاخذفي الاعتبار الاوضاع الامنية في البلاد، حيث كانت السلطات قد اتخذت اجراءات امنية مشددة امس لتوقعها ضربة غربية ضد سوريا من اجل عدم انزلاق الامن في العراق. وحذر المتظاهرين ممن اسماهم اصحاب الاجندات الداخلية والخارجية، الذين يريدون حرف التظاهرات عن مسارها السلمي والاحتكاك مع اجهزة الامن وتحولها الى قطع للطرق او للعصيان المدني، مشيراً الى وجود منظمات تعمل من اجل ذلك، منها ارهابية وأخرى تابعة للنظام السابق وثالثة لا تؤمن بالعملية السياسية.

لجنة قانون التقاعد تعلن شموله جميع العراقيين
عقب كلمة المالكي، اصدرت اللجنة الوزارية المشكلة لوضع مسودة قانون التقاعد الموحد لموظفي الدولة العراقية، التي يترأسها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وعضوية كل من الامين العام لمجلس الوزراء ورئيس هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء ورئيس الدائرة القانونية في الامانة العامة لمجلس الوزراء ورئيس هيئة التقاعد الوطنية في اجتماعها اليوم مسودة قانون التقاعد الموحد، والذي يشمل جميع الموظفين العراقيين، بدءًا من رئيس الجمهورية الى اصغر موظف في السلم الوظيفي.

وقال الشهرستاني في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع إن المسودة تتضمن مقترح إلغاء الاحكام الخاصة بالتقاعد المنصوص عليها في القوانين الخاصة، التي استثنت شرائح معينة من قانون التقاعد المعمول به في الدولة العراقية، وهي:
bull; قانون مجلس الوزراء رقم 9 لسنة 2009 المعدل بالامر 31 لسنة 2005.
bull; قانون الجمعية الوطنية رقم 3 لسنة 2005.
bull; قانون الحقوق التقاعدية لاعضاء المجلس الوطني الموقت رقم 14 لسنة 2005.
bull; قانون مجلس النواب رقم 50 لسنة 2007.
bull; قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007.
bull; قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008، المعدل بالقانون رقم 15 لسنة 2010.
bull; قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 2012
bull; قانون رواتب القضاة وأعضاء الإدعاء العام رقم 27 لسنة 2008 المعدل.
bull; قانون المحكمة الجنائية العليا.

كما اعلن عن أهم الفقرات الواردة في مسودة قانون التقاعد الموحد الجديد، وهي:
1- الغاء الرواتب التقاعدية الممنوحة بموجب قوانين خاصة لكل المناصب والوظائف، كما وردت اعلاه.
2- مساواة المتقاعدين كافة منذ تأسيس الدولة العراقية.
3- قانون التقاعد الموحد يشمل كل موظفي الدولة بمعادلة تقاعدية يحتسب بموجبها الراتب التقاعدي حسب سنين الخدمة بدءًا من رئيس الجمهورية الى آخر موظف في الدولة.

4- بموجب المعادلة المقترحة يحتسب الراتب التقاعدي على اساس الراتب الاسمي في 2.5% مضروب في عدد سنين الخدمة اضافة الى نسبة محددة لكل سنة خدمة من المخصصات التي كان يستلمها الموظف حين أحيل إلى التقاعد.
5- اعادة احتساب الراتب التقاعدي سنويًا وفقاً لمستويات التضخم المالي السنوي في العراق، بحيث يحتفظ المتقاعد على القوة الشرائية لراتبه التقاعدي.
6- صرف راتب تقاعدي للأم للتفرغ لرعاية اولادها، إن كان لها خدمة 15 سنة فاكثر.
7- التوصية بشمول كل العاملين في القطاع الخاص، بمن فيهم اصحاب المهن والحرف وعمال البناء وامثالهم.
8- لا يقلّ الراتب التقاعدي لأي متقاعد عن 400 الف دينار شهريًا.

9- شمول الاخ والاخت اذا كان المتقاعد المتوفي عازبًا.
10- زيادة نسبة توزيع الراتب التقاعدي على الاسرة الى 80% للخلف الواحد، و90% اذا كان هناك شخصان، و100% اذا كان الورثة اكثر من ثلاثة.

واضاف ان هذه الاجراءات عمليًا ستشمل غالبية الشعب العراقي من الموظفين والمتقاعدين والعاملين في القطاع الخاص، داعيًا مجلس النواب إلى تشريع القانون في اسرع وقت ممكن، بعد اقراره من قبل مجلس الوزراء في جلسته المقبلة.

عنف رغم التصريح بالتظاهر
وكانت السلطات في بغداد قد واجهت التظاهرات بالعنف، واغلقت جميع الشوارع والجسور المؤدية الى ساحة التحرير في قلب بغداد، مما اضطر المتظاهرين الى محاولة الانتقال الى اقرب ساحة عامة، هي الفردوس، لكنهم منعوا من ذلك ايضًا، فلجأوا الى ساحة الاندلس البعيدة نوعًا ما عن وسط بغداد، لينظموا تجمعهم فيها، ويعلنوا عن مطالبهم.

وفي محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) واجهت قوات مكافحة الشغب المتظاهرين باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريقهم بالقوة، مما اسفر عن اصابة خمسة منهم. وقد تم اثر ذلك تشكيل لجنة للتحقيق في وقوع هذه الاصابات وفضّ تظاهرهم بالقوة، على الرغم من منحهم اجازة رسمية بالتظاهر.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد اعرب صباح امس فور انطلاق التظاهرات في بغداد والمحافظات الأخرى عن دعمه ومساندته لمطالب المتظاهرين. وقال بيان صحافي إنه quot;سيعمل على دعم هذا التوجّه، سواء في الحكومة أو من خلال كتلته في مجلس النواب ولدى الرأي العامquot;.

الإعلاميون يطاردون
وقد دانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة منع الحكومة العراقية لوسائل الاعلام من تغطية المظاهرات، وقيام الاجهزة الامنية بالاعتداء بوحشية على بعض الصحافيين، الذين تواجدوا في ساحات التظاهر السبت. واضافت الجمعية في بيان تلقته quot;ايلافquot; أن الاجهزة الامنية منعت وسائل الاعلام من الوصول الى ساحات المظاهرات التي انطلقت اليوم في مختلف المحافظات العراقية للمطالبة بإلغاء تقاعد وامتيازات المسؤولين، وقامت باعتقال وضرب الصحافيين الذين حاولوا تصوير المظاهرات بوحشية شديدة.

واعتدت الاجهزة الامنية بالضرب المبرح على المصور الصحافي محمد عباس ومراسل قناة quot;الفيحاءquot; كرار المياحي، كما قامت باحتجاز مصور صحيفة quot;المدىquot; محمد رؤوف لأكثر من ساعتين، وهددته بإخفائه نهائيًا اذا لم يترك مكان التظاهر الذي كان قرب ساحة الاندلس في وسط بغداد.

واوضحت أنه في محافظة ذي قار، تعرّض كادر قناة quot;البغداديةquot; الى الاعتداء بالضرب ومحاولة تدمير جهاز الـ(SNG) من قبل قوات التدخل السريع quot;سواتquot; أثناء تغطيتهم التظاهرات في مدينة الناصرية. بدورها أكدت وكالة quot;نافذة ذي قارquot; أن مراسلها عبد المناف الوائلي تعرّض الى اعتداء بالضرب وكسر كاميرته من قبل قوات quot;سواتquot; ايضًا. كما منعت السلطات الامنية وسائل الاعلام من تغطية المظاهرات ومن الوصول الى ساحات التظاهر في محافظات بابل وكربلاء والبصرة والديوانية وميسان والمثنى.

راتب الرئيس السنوي 75 ألف دولار
وتشير الأرقام بشأن الرواتب والامتيازات لكبار المسؤولين في العراق الى أنه في الوقت الذي يبلغ فيه الراتب الشهري لرئيس الجمهورية 82 مليون دينار عراقي (75 ألف دولار) فإن راتب رئيس الوزراء هو 62 مليون دينار (57 ألف دولار)، في حين يبلغ راتب رئيس البرلمان 57 مليون دينار (53 ألف دولار). أما راتب الوزير فيبلغ نحو 12 مليون دينار (10 آلاف دولار) وهو مقارب لراتب عضو البرلمان، سوى أن الوزير يملك مخصصات ونثريات تزيد على العشرين مليون دينار (18 الف دولار)، في حين أن عضو البرلمان لا يملك مثل هذه المخصصات.

وفي ما يتعلق بالراتب التقاعدي فإنه يبلغ 80 في المئة من الراتب، وهو ما يعني أنه إذا كان صافي راتب عضو البرلمان هو 10 ملايين دينار، فإن راتبه التقاعدي هو 8 ملايين دينار (7 الاف دولار)، وهو ما ينسحب بالتدريج على جميع أصحاب الدرجات الخاصة، في وقت يبلغ فيه معدل الرواتب التقاعدية لباقي أصناف الموظفين في العراق ما بين 200 ألف دينار (150 دولارًا) إلى 400 ألف دينار عراقي (300 دولار) شهريًا.