هدد قادة حملة إلغاء رواتب تقاعد البرلمانيين وامتيازات كبار المسؤولين الضخمة في العراق باحتجاجات جديدة اوسع لمواجهة تلكؤ السلطات بالاستجابة إلى مطاليبهم، بينما تعد الحكومة لإلقاء مسؤولية تنفيذ هذه المطالب الى ساحة البرلمان خلال الساعات المقبلة وتسليمه قانون التقاعد الجديد بعد إنجازها له لمناقشته وإقراره لفائدة حوالى 8 ملايين عراقي يعملون في القطاعين الحكومي والخاص وينظم رواتبهم التقاعدية بدءا من رئيس الجمهورية وحتى أصغر موظف ويلغي امتيازات كبار المسؤولين.

اكد منظمو التظاهرات المطالبة بإلغاء تقاعد البرلمانيين والامتيازات الضخمة لكبار المسؤولين اليوم الخميس انهم quot;مستمرون برفع مطاليبهم ومستعدون لكل الاحتمالاتquot; . وشددوا على صفحتهم quot;ألعراق ينتفضquot; بشبكة التواصل الاجتماعي quot;فيسبوكquot; على انهم باقون quot;على أهبة الاستعداد ولن يغمض لنا جفن ولن تهدأ قلوبنا فهي تشتعل بالمطالبة بحقوقنا .. في كل يوم نزيد همتنا وقودا واصرارنا تصاعدا لاننا اصحاب حق لابد من انتزاعهquot;. واضافوا quot;تعلمنا ان الحقوق لاتمنح بل تنتزع .. لن نهدأ حتى ننتزع حقوقناquot;.
وحذر المنظمون السلطات من إمكانية تجديد تظاهراتهم في حال التلكؤ في الاستجابة لمطالب العراقيين خلال شهر واحد واشاروا quot;قلناها في ساحات التظاهر وفي المعتقل وفي المحكمة (كلا لتقاعد البرلمانيين ) وسنقولها معا في تظاهرة اخرى ان لم يستجيبواquot;.
وتتدارس اللجان التنسيقية للتظاهرات حاليا القيام بفعاليات للاحتجاج على اعتداء قوات الامن على المتظاهرين في محافظتي بغداد وذي قار ومنعهم لحقهم الدستوري في التظاهر. واشارت في بيان صحافي الى انها مستمرة في دراسة ومراقبة الخطوات الحكومية والبرلمانية للتعامل مع مطلب الجماهير بإلغاء التقاعد.وأكدت الاستعداد للقيام بجولات ميدانية جديدة للنقابات ومنظمات المجتمع المدني لتوسيع المشاركة في التظاهرات .
مواقف برلمانية متناقضة تواجه قانون التقاعد
وأكد مقرر مجلس النواب محمد الخالدي في مؤتمر صحافي اليوم الخميس أن المجلس ينتظر إجراءات الحكومة حول مطالب المتظاهرين من أجل إدراجها في جلساته المقبلة للإسراع بإقرارها والتجاوب معها وتحقيقها بشكل كامل في اشارة الى قانون التقاعد.
واشار الى ان مجلس النواب أجّل النظر بمطالب المتظاهرين الى حين الانتهاء من اللجان التحقيقية للمجلس وبانتظار إرسال الحكومة لمشاريع القوانين المعنية بطلبات المتظاهرين من أجل إقرارها في أسرع وقت ممكن .
وينتظر أن تشهد نقاشات مجلس النواب للقانون صعوبات سياسية وليس تنظيمية أو قانونية حيث تخوض القوى السياسية منذ أشهر نقاشا يرقى الى درجة المزايدات حول إلغاء تقاعد البرلمانيين وكبار المسؤولين مع امتيازاتهم الخاصة الضخمة. وستعتري النقاشات تباينات بين ثلاثة مواقف للكتل السياسية في مجلس النواب حيث إن هناك مطالبات بإلغاء الراتب التقاعدي لأعضاء مجلس النواب تماما فيما هناك رأي يطالب بان يكون الراتب التقاعدي للنائب ضمن السياقات العامة لتقاعد الموظفين وهو ما يشير له قانون التقاعد الجديد .. اما الرأي الثالث الذي تتبناه بعض الكتل السياسية فيلح على تخفيض الراتب التقاعدي للنائب فقط .
ويتشكل قانون التقاعد الذي حصلت quot;ايلافquot; على نصه الكامل من 6600 كلمة ضمن 12 فصلا تضم 43 مادة حيث تنوع الفصول على تعاريف مواد القانون واهدافه وسريانه والهيكل التنظيمي لهيئة التقاعد والاحالة على التقاعد والاستقطاعات وتخصيص الحقوق التقاعدية واحتسابها واعادة تعيين المتقاعد .. اضافة الى تقاعد العائلة والاعتراضات والحرمان من الراتب التقاعدي ثم الاحكام العامة والختامية.
تأثير ايجابي على حياة غالبية العراقيين
وقد اشار رئيس لجنة اعداد القانون نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني الى ان القانون التقاعدي الجديد سيؤثر ايجابا في حياة الغالبية العظمى من العراقيين سواء كانوا من الموظفين الذين عددهم اكثر من ثلاثة ملايين او من المتقاعدين الذين عددهم مليونان ونصف المليون حاليا اضافة الى العاملين في القطاع الخاص والاعمال الحرة وعددهم حوالى المليونين ونصف المليون فهؤلاء كلهم سيشملون بقانون التقاعد الجديد.
وبتشريع هذا القانون من قبل البرلمان فإنه سيتم الغاء 10 قوانين استثنائية للتقاعد من القانون النافذ حاليا لشرائح معينة في الدولة فهو يسري على جميع المناصب في الدولة العراقية بدءا من اعلى منصب برئاسة الجمهورية الى اخر موظف في السلم الوظيفي.
واشار الشهرستاني في مؤتمر صحافي الى ان القانون عالج مشاكل متراكمة من السنوات الماضية واهم الفقرات التي يتضمنها هو إلغاء الامتيازات التقاعدية الاستثنائية لفئات محددة من الموظفين الكبار في الدولة وخاصة في المجالس المنتخبة على المستويات المختلفة او في الرئاسات واعادة كل هؤلاء الى قانون تقاعدي موحد بآليات احتساب محددة تشمل كل موظفي الدولة ولا يستثنى احد من ذلك وشمول كل المتقاعدين باحتسابات جديدة.
واضاف ان الراتب التقاعدي الادنى لأي متقاعد سيكون 400 الف دينار شهريا (حوالي 350 دولارا) وهذا يحسب على اساس كلف المعيشة والاسعار السائدة ومستوى خط الفقر في العراق حيث سوف لا يبقى هذا الرقم ثابتا مدى الحياة للمتقاعد كما كان سائدا وانما يعاد احتساب الراتب التقاعدي سنويا ويزداد حسب نسبة التضخم للاسعار. وقال ان الجهاز المركزي للاحصاء مسؤول عن احتساب الاسعار السائدة في السوق واحتساب نسبة التضخم التي ستضاف للراتب التقاعدي واصبحت النسبة 5ر3% لسنة الخدمة الواحدة ، ويعني هذا ان من لديه خدمة 30 سنة يستحق الراتب الاسمي كاملا بلا استقطاعات . واوضح ان القانون عالج فقرات عدة منها الذي يخص المرأة الام التي بامكانها التفرغ لاولادها بحصولها على التقاعد اذا كانت خدمتها 15سنة.
وقال الشهرستاني ان من اهم الفقرات المعدلة هي شمول غير العاملين في الدولة في القطاع الخاص بهاذ سيعاملون معاملة الموظف وحتى الذي يعمل لحسابه الخاص ، والتوصية في هذا القانون ان يعاملوا معاملة الاخرين بدفع نسبة من استقطاعه التقاعدي حسب ايراده الشهري وتدفع الدولة الجزء المتبقي.
واكد ان القانون التقاعدي الجديد سيؤثر ايجابا في حياة الغالبية العظمى من العراقيين سواء كانوا من الموظفين الذين عددهم اكثر من ثلاثة ملايين او من المتقاعدين الذين عددهم مليونان ونصف المليون حاليا والعاملين في القطاع الخاص والاعمال الحرة وعددهم حوالى 3 ملايين ايضا فهؤلاء كلهم سيشملون بقانون التقاعد الجديد.
ومن جهته، اوضح الامين العام لمجلس الوزراء علي العلاق ان مشروع قانون التقاعد الموحد الجديد يأخذفي الاعتبار معدلات التضخم السنوي لتعديل الراتب التقاعدي. وقال في بيان صحافي لأمانة مجلس الوزراء ان القانون رفع مستوى الراتب التقاعدي لكل المتقاعدين القدامى والجدد ومن جهة أخرى يوسع نطاق المشمولين به بحيث يشمل اصحاب المهن والحرف والعاملين لحسابهم حتى لو كان فردا واحدا .
واشار الى ان مشروع القانون الجديد منح حق الموظف في طلب الاحالة على التقاعد عند استيفائه الحد الادنى للخدمة التقاعدية البالغة 15 سنة بغض النظر عن عمره وزيادة مكافأة نهاية الخدمة لتصبح راتب 12 شهرا بدلا من 6 اشهر . وأكد ان من شأن هذا القانون ان يحقق عدالة وتوازنا في الرواتب التقاعدية بعد إلغاء القوانين الخاصة كافة ، والتي كانت تمنح راتبا تقاعديا يعادل 80% من الراتب والمخصصات من دون الاخذفي الاعتبار مدة الخدمة.
واضاف العلاق ان هذا القانون سيؤدي ايضا الى تخفيض نفقات الدولة على تطبيق تلك الانظمة الخاصة اذ سيحتسب الراتب التقاعدي حتى بالنسبة إلى الوزراء وما دونهم على اساس الراتب من دون المخصصات مع شروط توفر خدمة لا تقل عن 15 سنة. وعبر عن تطلع مجلس الوزراء الى اقرار مشروع القانون من قبل مجلس النواب بأسرع وقت والنظر الى المصلحة العامة وتطلعات الجماهير الى اقراره.
القانون تلبية لمطالب جماهيرية
ويأتي اعداد قانون التقاعد هذا اثر تظاهرات خرجت في بغداد و12 محافظة اخرى للمطالبة بالغاء رواتبالنواب وكبار المسؤولين واصحاب الدرجات الخاصة وامتيازاتهم الضخمة.
وتم الاعلان الثلاثاء الماضي عن رفع دعويين قضائيتين لدى المحكمة الاتحادية ضد الحكومة والبرلمان لإرغامهما على الاستجابة لمطالب المتظاهرين بإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وكبار المسؤولين .
وقال رئيس كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري بهاء الاعرجي ان كتلته رفعت دعويين قضائيتين الى المحكمة الاتحادية ضد البرلمان والحكومة بسبب مماطلتهما وتسويفهما في إلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين والرئاسات الثلاث واصحاب الدرجات الخاصة . واضاف خلال مؤتمر صحافي في بغداد ان هناك الكثير من المزايدات السياسية على حساب الشعب العراقي كان اخرها على موضوع الغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة حيث ان هناك الكثير من المسؤولين يعلنون دعمهم لهذا الالغاء لكنهم يعارضونه في الخفاء ويعرقلون إقراره .
ومن جانبه، اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي ان مجلس الوزراء اقر قانون تقاعد موظفي الدولة بدءا من رئيس الجمهورية وحتى اصغر موظف بهدف تحقيق العدالة في توزيع المرتبات التقاعدية لرفع الدخل الشهري للمتقاعدين واشار الى ان القانون يلغي الحقوق التقاعدية للنواب وكبار المسؤولين واعضاء المجالس المحلية وعدم احتساب تقاعدهم على اساس مرتباتهم في هذه المناصب وانما احتسابها خدمة وظيفية مضاعفة تضاف الى الخدمة الوظيفية ويتم على اساس ذلك احتساب الراتب التقاعدي. واوضح ان التقاعد لن يحتسب على اساس وظيفة الشخص كنائب او صاحب درجة خاصة وانما كموظف في الدولة من دون الامتيازات التي كانوا يحصلون عليها. ومن جهتها اعلنت اللجنة القانونية النيابية عن انتهائها من الصياغة النهائية لمقترح قانون إلغاء الرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة ومجالس المحافظات والمجالس المحلية .
وكان المالكي قال الاحد الماضي ان التظاهرات التي خرجت السبت في بغداد و12 محافظة عراقية اخرى للمطالبة بالغاء تقاعد البرلمانيين وكبار المسؤولين quot;عبرت عن وجهة نظر نحن نتبناها وإن التظاهر حق مشروع سواء اتفق مع وجهة نظرنا او لم يتفق . وشدد بالقول quot;اؤكد التزامي والتزام الحكومة بضرورة توفير المناخات الديمقراطية التي أقرها الدستور وقد أخذت مطالب المتظاهرين وسأعرضها في جلسة مجلس الوزراء ليوم الثلاثاء المقبل (اليوم) لوضع مشروع قانون ونرفعه الى مجلس النواب وندعوه الى التفاعل مع مطالب الجماهير. واشار الى ان الرواتب التقاعدية للنواب او اعضاء مجالس المحافظات او المحلية تجهد موازنة الدولة وتحول المجتمع الى مستهلك . لكن رئاسة البرلمان قالت انها لم تتسلم من الحكومة اي مشروع قرار بذلك.
رواتب الرئاسات الثلاث بين 75 الف و57 الف دولار شهريا
وتشير الأرقام بشأن الرواتب والامتيازات لكبار المسؤولين في العراق الى أنه في الوقت الذي يبلغ فيه الراتب الشهري لرئيس الجمهورية 82 مليون دينار عراقي (75 ألف دولار) فإن راتب رئيس الوزراء هو 62 مليون دينار (57 ألف دولار)، في حين يبلغ راتب رئيس البرلمان 57 مليون دينار (53 ألف دولار). أما راتب الوزير فيبلغ نحو 12 مليون دينار (10 آلاف دولار) وهو مقارب لراتب عضو البرلمان، سوى أن الوزير يملك مخصصات ونثريات تزيد على العشرين مليون دينار (18 الف دولار)، في حين أن عضو البرلمان لا يملك مثل هذه المخصصات.
وفي ما يتعلق بالراتب التقاعدي فإنه يبلغ 80 في المئة من الراتب، وهو ما يعني أنه إذا كان صافي راتب عضو البرلمان هو 10 ملايين دينار، فإن راتبه التقاعدي هو 8 ملايين دينار (7 الاف دولار)، وهو ما ينسحب بالتدريج على جميع أصحاب الدرجات الخاصة، في وقت يبلغ فيه معدل الرواتب التقاعدية لباقي أصناف الموظفين في العراق ما بين 200 ألف دينار (150 دولارًا) إلى 400 ألف دينار عراقي (300 دولار) شهريًا.