يرسم خبراء عسكريون صورة ميزان القوى في سوريا، فيقولون إن الجيش النظامي متفوق في السلاح والعتاد، بينما الجيش الحر متفوق في العدد، إذ ينضوي تحته نحو 100 ألف مقاتل، غير المقاتلين الإسلاميين، يعادونه عقائديًا ويساندونه عند اشتداد المعارك.


تعتمد أي محاولة لتحديد هوية الفصائل المسلحة للمعارضة السورية على من يُسأل عن هويته، ويختلف الخبراء الذي يتابعون الحرب الأهلية السورية، وليس السياسيين وحدهم، على قوة العناصر الجهادية في صفوف المعارضة. كما لا يعرف أحد عدد المقاتلين، الذين يحاربون قوات النظام داخل الحدود السورية، وقلة من الخبراء مستعدون للمغامرة بإعطاء تقديرات إحصائية. ثم هناك تداخل بين الفصائل التي تتسم عملية فرزها بتعقيد بالغ.

قليل من مبالغة
عمومًا، تنضوي غالبية المقاتلين تحت سيطرة المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية، الذي شُكل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بقيادة اللواء سليم إدريس. والمجلس هو حلقة الوصل الرئيسة بين قيادة المعارضة المسلحة على الأرض والائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية.

وأعلن قائد الجبهة الجنوبية العميد زياد فهد أن لديه 30 ألف رجل من مقاتلي الجيش السوري الحر يقفون على أهبة الاستعداد للتقدم نحو دمشق، إذا بدأت الضربات الأميركية المرتقبة. لكن إليزابيث أوباغي، الباحثة في معهد دراسة الحرب في واشنطن، قالت لمجلة فورين بوليسي: quot;في هذا قليل من المبالغة على الأرجح، فهناك أعداد كبيرة من المقاتلين، لكن ليس واضحًا ما إذا كان التنسيق بينهم كافيًا للقيام بعملية كهذهquot;.

أحد أسباب ذلك العدد الكبير من المجموعات المسلحة الصغيرة، سواء المنضوية تحت لواء المجلس العسكري الأعلى أو خارجه. وأكبر التنظيمات المنضوية تحت راية المجلس هي جبهة التحرير الإسلامية السورية. وقالت أوباغي إن الجبهة هي التحالف الأكثر اعتدالًا في سوريا، وتعيّن عليها أن توقع ميثاق شرف، وأن تكون مسؤولة أمام المجلس الأعلى، وهذا ما تلتزم به الجبهة في معظم الأوقات.

وفي 22 آب (أغسطس) الماضي، هدد أربعة من أصل خمسة قادة عسكريين على مستوى المناطق في المجلس العسكري الأعلى بالاستقالة إذا لم يتلقوا أسلحة إضافية، ولم يُفسح لهم مجال أوسع للعمل مع جماعات إسلامية متطرفة خارج مظلة المجلس، وهو الحاصل أصلًا بصورة غير رسمية، بحسب فورين بوليسي.

معه وضده
تضم بعض هذه الجماعات الجبهة الإسلامية السورية، التي تختلف عن جبهة التحرير الإسلامية السورية. فالجبهة الإسلامية السورية ائتلاف متطرف، لم ينضم رسميًا إلى المجلس العسكري الأعلى، كما قالت أوباغي. لكنها لاحظت أن هناك كتائب وألوية ترتبط بالطرفين، وتقول إنها جزء من المجلس العسكري الأعلى والجبهة الإسلامية السورية على السواء.

ثم هناك جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطتان بتنظيم القاعدة. واختصمت الجماعتان على مستوى القيادة، لكن أيمن جواد التميمي، الباحث في منتدى الشرق الأوسط في واشنطن، يصف الصراع بين الجماعتين بالمنافسة الودية.

وتعمل هاتان الجماعتان بصورة مستقلة عن المجلس العسكري الأعلى، وعن جبهة التحرير الإسلامية السورية والجبهة الإسلامية السورية. ولاحظ الخبير الأمني كيرك سويل أن مسلحي الجماعتين كانوا أحيانًا يقاتلون إلى جانب فصائل أخرى في المعارضة، بما فيها الجيش السوري الحر، كما في معركة السيطرة على مطار منغ العسكري قبل شهر، وضدها في أحيان أخرى، كما في مدينة الرقة.

قوتهم في عددهم
يختلف الخبراء على عدد مقاتلي المعارضة السورية المسلحة، لكن العديد منهم يتفقون على أن قوتهم تكمن في عددهم، أو كما قال الباحث كينيث بولاك من مركز سابان في معهد بروكنز: quot;إحدى الطرق لفهم الديناميكيات العسكرية للحرب الأهلية السورية أن قوات النظام متفوقة بالسلاح والمعارضة بالقوة العدديةquot;.

وتقدر أوباغي أن هناك نحو 80 إلى 100 ألف مقاتل يشاركون في عمليات هجومية وحماية المدن والأحياء، وأن غالبية هذه القوى متحالفة مباشرة مع المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية برئاسة اللواء سليم إدريس. وهناك زهاء 10 إلى 15 ألفًا يحسبون أنفسهم على الجبهة الإسلامية السورية. وتتسم تقديرات القوة العددية للجماعات المنتمية إلى تنظيم القاعدة بالإبهام.

فإن الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آرون زلين يقدر أن 5000 إلى 10000 جهادي أجنبي وصلوا إلى سوريا، عدا العناصر التي جُنّدت محليًا، في حين تقدر الباحثة أوباغي عدد مقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام في حدود 5000 إلى 7000 مسلح.

وفي 25 آب (اغسطس) المنصرم، أفادت وكالة رويترز بأن الائتلاف الوطني أعدّ خطة لتشكيل جيش وطني بقيادة مركزية.ورفضت الميليشيات الإسلامية هذه الخطة على الفور، بوصفها محاولة لتهميشها، وانتقدها قادة فصائل مسلحة في المجلس العسكري الأعلى نفسه.

وقالت أوباغي لمجلة فورين بوليسي إن الخطة لن تحرز تقدمًا لأن المقاتلين لا يشعرون بأن باستطاعتهم استعداء بعضهم على بعض. واعتبر الباحث زلين أن من المفارقات الكبيرة للانتفاضة المسلحة أن المعارضة السورية رغم تعدد فصائلها وتشظيها ترتبط في ما بينها على ساحة المعركة، لأنه ليس هناك فصيل قوي بما فيه الكفاية لفرض إرادته على الآخر، quot;فهم يحتاجون بعضهم بعضًاquot;.