في ظل الحديث عن مبادرة لوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية، تبرز العديد من العقبات والعثرات التي تعترض طريق تنفيذ هذه المبادرة التي طرحتها موسكو ورحبت بها واشنطن.

قد يبدو من الناحية النظرية أن المبادرة الروسية التي تدعم تخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن السيطرة على ترسانة أسلحته الكيميائية هي في واقع الأمر quot;ضربة معلمquot; على الصعيد الدبلوماسي من جانب موسكو ربما يكون من شأنها أن تحول كابوس السياسة الخارجية الذي يعيشه الرئيس باراك أوباما إلى انتصار مذهل.
ورغم إعلان أوباما عن ترحيبه بتلك المبادرة، وتأكيده في تصريحات لمحطة السي إن إن أنهم سيدرسون الأمر، وأن إدارته تعمل لتحديد ما إن كان بوسعهم الوصول لثمة إجراء جاد وقابل للتنفيذ، إلا أن مجلة التايم الأميركية رأت أن تلك المبادرة، التي استقطبت اهتمام واشنطن، دمشق وموسكو وعواصم أخرى، تمتلئ بالعقبات والعثرات.
ومضت التايم تستعرض تلك العثرات، وفق رؤيتها التحليلية للأحداث، وتساءلت في البداية عما إن كانت هناك جدية لدى الجانب الروسي أم لا، موضحةً أن موسكو لا تدعم الأسد منذ فترة طويلة فحسب، بل وفرت له الحماية أيضاً من أصغر محاولات الإدانة الدولية بخصوص استعانته المزعومة بالأسلحة الكيميائية. وقالت سفيرة الأمم المتحدة سامانثا باور في خطاب لها قبل أيام quot;تصدت روسيا لقرارين يدينان الاستخدام العام للأسلحة الكيميائية وبيانين صحافيين يعربان عن القلق من استخدامهاquot;.
ثم تساءلت المجلة بخصوص إمكانية الوثوق بالرئيس الأسد، وقالت إن أي خطة تهدف لتأمين أو إزالة ترسانة الأسد الكيميائية ستتطلب تحققاً شاملاً. لكن العملية الخاصة بإرسال مفتشين أو قوات أمنية لانجاز تلك المهمة ستستغرق وقتاً وستتاح أمام الأسد فرص لتأخير العملية وتعقيدها، وربما يشتري بذلك وقتاً لنفسه حتى تهدأ الأمور.
وعما إن كانت تلك المبادرة ذات جدوى من الناحية العملية أم لا، أشارت التايم إلى أن البنتاغون قدّر العام الماضي أن تأمين العشرات من المواقع التي يُعتَقَد أن الأسلحة الكيميائية السورية مُخزنة بها قد يحتاج ما يصل إلى 75 ألف جندي أميركي.
ورأت التايم أن هذا التأمين قد يتطلب عدداً أصغر من ذلك، بالنظر إلى التعاون المفترض من جانب الحكومة السورية. لكن المهمة ما تزال مهمة شاقة، وربما تتطلب المئات، إن لم يكن الآلاف، من المحترفين المدربين، إلى جانب أمن يوفر لهم الحماية. وسبق لتوني بلينكين، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي أن صرح للسي إن إن أمس، بقوله quot;إنها مهمة شاقة أن نتمكن من وضع أيدينا على كل هذه الأسلحةquot;.
وأخيراً، تطرقت المجلة إلى الفرضية الخاصة بالمرحلة التي ستعقب سيطرة أطقم التفتيش المسلحة والمدربة على كافة المواقع الكيميائية، وما يمكن أن يحدث بها، حيث رأت أن تأمين ما يصل لـ 50 موقعاً خلال ما يزيد عن فترة رمزية من الوقت هو أمر أبعد ما يكون عن الجانب العملي، موضحةً أن تدمير العوامل الكيميائية قد يستغرق سنوات.
وقالت المجلة إن من الخيارات القابلة للتنفيذ هو القيام بنقل الأسلحة الكيميائية إلى موقع مركزي يسهل الدفاع عنه في منطقة نائية بالبلاد، وان استبعدت خيار كهذا، نظراً لصعوبة تنفيذه، في وقت تتواصل فيه الحرب الأهلية وفي ظل حكومة ترفض التدخل الخارجي. فضلاً عن المخاطر التي تحيط بخطوة نقل غاز الأعصاب الذي يملكه الأسد.