بتمويل ومساعدة ألمانية مالية ولوجستية، أعلنت تونس اطلاق أكاديمية دولية للحوكمة الرشيدة تضع نصب عينيها مقاومة الفساد المالي والاداري المتفشّي، ونشر ثقافة الشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد والمُفسدين.


محمد بن رجب من تونس: صادق مجلس الوزراء التونسي الأسبوع الماضي على إحداث أكاديمية دولية للحوكمة الرشيدة في إطار quot;تكريس مبادئ الحوكمة الرّشيدة ونشر ثقافتها وجعل تونس مركزاً رائداً، وذا إشعاع دولي في هذا المجالquot;.

تونسية - ألمانية

أكد هشام الحامي، رئيس ديوان الوزير المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، أنّ هذه الأكاديمية هي الثانية من نوعها في المنطقة المتوسطية والأوروبية بعد أكاديمية برلين.

هذه الأكاديمية ستنطلق تونسية ألمانية، ثم تأخذ بعدًا دوليًا، وقد وفرت ألمانيا لها تمويلاً بنحو 1.5 مليون أورو (3 ملايين دينار ) بالنسبة للسنة الدراسية الحالية 2013-2014 لتكوين إطارات عليا في مجال الحوكمة الرشيدة تحت إشراف خبراء تونسيين وألمان، وينتظر أن تفتح الأكاديمية أبوابها بعد سنتين أمام المجتمع المدني والقطاع الخاص وحتى الأفارقة.

وأوضح الحامي في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ الهدف من بعث الأكاديمية يتمثل في نشر ثقافة الحكومة الرشيدة في مستوى الأعوان العموميين، وحتى في المستوى الأكاديمي، وسيتم الربط مع الأكاديميات الموجودة للتكوين ومنح شهادات، وتشرف على الأكاديمية وزارة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد.

وكانت كاتبة الدولة الألمانية للشؤون الخارجية إيميلي هابر أعلنت في مايو 2012 أنّ حكومة بلادها quot;خصصت بعنوان سنتي 2012 و2013 اعتمادات مالية هامة لمساعدة تونس في مجال الحوكمة الرشيدةquot;.

ثقافة الحوكمة

شدد الحامي على نشر ثقافة الحوكمة والنزاهة في إطار الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي بصدد الاستكمال، وسيعلن عنها يوم التاسع من ديسمبر القادم بمناسبة اليوم الوطني والعالمي لمكافحة الفساد، وذلك على مستوى المنظومة التربوية في مستوياته الثلاثة، أو في مستوى المنظومة التكوينية أي تكوين الموظفين العموميين في مجال الحوكمة.

وكان عبد الرحمن الأدغم الوزير المكلف بملف الحوكمة ومقاومة الفساد، أشار إلى أنّ 35% من التونسيين تعاملوا مع ظاهرة الفساد ولو لمرة واحدة سواء بتقديم رشوة أو تلقيها، كما أقرّ 90% من التونسيين بخطورة ظاهرة الفساد وتأثيرها السلبي على الاقتصاد لأن الفساد يؤدي بتنمية البلاد إلى خسارة نقطتين سنويًا.

الإستراتيجية الوطنية

أكد الحامي أنّ الإستراتيجية الوطنية بدأت في مارس/ آذار 2012 بمشاركة كل الأطراف ذات الصلة، وقد تمخضت عن اجتماع في الغرض عديد التوصيات أبرزها ضرورة إحداث استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وبدء العمل بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتم تكليف مختلف الوزارات باستراتيجيات قطاعية إلى جانب انتداب خبراء دوليين وتركيز مكاتب دولية مختصة في هذا المجال.

وقال الوزير المكلّف بالحوكمة ومكافحة الفساد عبد الرحمن الأدغم إن خارطة الطريق الوطنية في مجال مكافحة الفساد تقوم على إرساء دعائم المنظومة الوطنية للنزاهة ومرافقة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز كفاءة الفاعلينوبالخصوصالمجتمع المدني وأخيرًا تعزيز آليات التعاون والتنسيق والاتصال.

خمس أولويات

هذه الإستراتيجية ستهتم بعديد المنظومات تتضمن أولويات، لعل أبرزها التأسيس لقانون لوظيفة الحوكمة صلب النسيج الهيكلي للدولة عقلنة التعاون الدولي في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد وإشراك المجتمع المدني من جمعيات ومواطنين ونقابات، ثم إبراز أهمية الإعلام في مقاومة الفساد ونشر ثقافة النزاهة، وأخيرًا غرس قيم النزاهة والحوكمة عبر البرامج الدراسية.

وقامت تونس ببرنامج مسح للنزاهة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولمدة عام كامل، وتم الخروج بمجموعة من الأولويات تتمثل في إصلاح المنظومة المؤسسية والتشريعية لمقاومة الفساد.

وفي إطار تنفيذ ما ورد في برنامج الحكومة للعام 2012 شرعت وحدة الإدارة الإلكترونية في نشر موقع واب البيانات المفتوحة (open data) بهدف مزيد تعزيز الحوكمة المفتوحة وتكريس الشفافية داخل الهياكل الحكوميّة التونسيّة، ويوفّر هذا الموقع نقطة نفاذ مركزيّة وموحّدة لعدد من البيانات التي تنتجها مختلف الوزارات والهياكل التابعة لها.

لماذا تأخرت المحاسبة؟

أكثر من سؤال يتبادر إلى أذهان المواطن الذييرى فاسدين يقرّ الجميع بتجاوزاتهم وسرقاتهم ولكنهم بقوا بعيدين عن أي محاسبة.

أشار رئيس ديوان وزير الحوكمة ومقاومة الفساد إلى وجود خيارين بعد الثورة، الأول هو الذهاب في إطار الإجراءات الثورية وعدم احترام المنظومة القانونية القائمة وتمّ التخلي عن هذا الخيار.

أما الخيار الثاني الذي عملت به الوزارة، فهو احترام المنظومة القانونية القائمة وحقوق الإنسان وتطبيق القانون، وهذا عطل كثيرًا عملية المحاسبة. وبالتالي لا بد من تكوين خبراء مختصين في مقاومة الفساد خاصة أعضاء الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد.

وشدد على أنّ الإشكال الحقيقي هو عدم وجود الوثائق التي تؤكد تهم الفساد في عديد ملفات الفاسدين الذين بقوا دون محاسبة، وهو ما يتطلب خبرة وإرادة عامة من المجتمع المدني، حيث لم يقع التركيز على مقاومة الفساد بل كان التركيز في إطار التجاذبات على المواقع السياسية والانتخابات.

وأوضح الحامي أن الصفقات العمومية والديوانة ونظام الجباية هي أكثر القطاعات تعرضاً لعمليات الفساد المالي والإداري، مؤكدا أنّ قيمة الفساد المالي والإداري قد ارتفعت بعد الثورة مباشرة، وكذلك ارتفع عدد مستغلي الوضع الأمني والإداري الهش، فارتفعت جرائم الفساد بعد الثورة.