فتوى سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن والشريعة وممثل الأزهر في لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري، التي تفيد بأن الراقصة شهيدة إذا قتلت وهي في طريقها للعمل وكسب الرزق، جعلته في مرمى نيران التيار السلفي الذي تفرّغ لمهاجمته والرد عليه أخيرًا.


القاهرة: أثارت فتوى لعالم أزهري عضو في لجنة وضع الدستور، بشأن حصول الراقصة على الشهادة لو ماتت وهي في طريقها إلى عملها، الكثير من الجدل في مصر، في الوقت الذي تموج فيه البلاد بجدل وصراعات سياسية، عقب نجاح الجيش في الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، استجابة لمظاهرات ملايين طالبوا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

فاتهمه السلفي ياسر برهامي، بـquot;الكذب والإفتراء على اللهquot;، في حين رد الهلالي باتهام السلفيين بـquot;تشويه صورتهquot;. ويأتي اشتعال الحرب بين الهلالي والسلفيين في ضوء الصراع بين الأزهريين والسلفيين في لجنة إعداد الدستور، على الحديث باسم الإسلام والدفاع عن الشريعة في اللجنة.

quot;الراقصة شهيدةquot;
وفقاً لفتوى الهلالي، الذي يعتبر من أكثر علماء الأزهر إثارة للجدل في مصر، فإن quot;كل من قتل في شيء مباح فهو شهيدquot;، وكان الهلالي يتحدث في برنامج تلفزيوني في قناة أزهرية، فسأله مقدم البرنامج الشيخ خالد الجندي: quot;طيب اللي مات في ماتش كورة؟، فأجاب الهلالي: quot;ماتش الكورة شي مباح إذًا هو شهيدquot;. وعاد الجندي يسأل: quot;واللي مات وهو مسافر للسياحةquot;؟، فأجاب الهلالي: quot;السفر للسياحة مباح، إذًا هو شهيدquot;.

استمر الجندي في طرح الأسئلة، فسأل الهلالي: quot;طيب الراقصة؟، أوعى تقول كمان شهيدة؟، فأجاب: quot;دي فيها كلام. هي الراقصة بتشتغل 24 ساعة راقصة؟. طبعًا لأ. إذًا لو ماتت وهي بتجري على لقمة العيش، فهي شهيدة. وأبدى الجندي دهشته، فرد عليه الهلالي: quot;لازم نرحم الناس ونخفف عليهمquot;.

أثارت فتوى الهلالي الكثير من الدهشة والغضب، إلا أنه عقب موضحًا: ''إن الراقصة شهيدة إذا نزلت للتظاهر ضد الفساد أو الظلم، أو كانت ذاهبة إلى عمل خير، ثم غرقت أو حرقت أو انهدم عليها جدار، أو طعنت بآلة حادة أو قتلت بطلق ناريquot;.

أضاف: quot;هذا ليس من اجتهادي، بل من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذهب لزيارة عبادة بن الصامت في مرضه، فسأل صحابته عن مفهوم الشهيد، فقالوا: من قاتل حتى استشهد، فقالوا للنبي: إذن شهداء الأمة قليل، ورد عليهم بأن المطعون شهيد والمبطون شهيد والغريق شهيد وقتيل الهدم شهيدquot;.

وأوضح أن: quot;الراقصة إذا كانت ذاهبة لأداء عملها في الرقص، ثم لقيت حتفها، فإنها لا تندرج تحت مسمى الشهداء، باعتبار أن الرقص حرام شرعًاquot;.

السلفيون: افتراء على الله
انبرى السلفيون للرد على فتوى الهلالي، وانتقدوا تمثيله للأزهر الشريف في لجنة الخمسين لتعديل الدستور. فقال ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية: quot;لا دليل على هذا الكلام من كتاب ولا سنةquot;، متهمًا الهلالي بالافتراء على شرع الله.
وقال: quot;نعوذ بالله من افتراء الكذب على شرع الله، الذي يصل بالعبد إلى أن يقول: إن الراقصة الذاهبة إلى الملهى الليلي إذا قتلتْ؛ فهي شهيدة!، والحديث المذكور يرد عليه؛ إذ ليس فيه كل مَن قتل في مباحquot;. وأضاف: quot;لا بد من معرفة الرخصة المطلوب الأخذ بها، وليس الكلام على إطلاقهquot;.

تشويه وتحريف
من جانبه، اتهم الهلالي السلفيين بـquot;تشويه صورتهquot;، وقال: quot;حزب النور يحاول تشويه صورتي وقلب الحقائق، لأني طالبتهم مسبقًا بالالتزام بالدعوة والابتعاد عن السياسةquot;. وأضاف أن quot;الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، يبحث في أمور قديمة، ويقلب الحقائق، لأنه يقول على لساني ما لم أتفوّه بهquot;.

وأوضح: quot;أنا لم أقل إن الراقصة إذا قتلت في طريقها إلى ملهى ليليّ هي شهيدة، وإنما قلت بالحرف الواحد إن الراقصة إذا نزلت للتظاهر ضد الفساد أو الظلم، أو كانت ذاهبة إلى عمل خير، ثم غرقت أو حرقت أو انهدم عليها جدار، أو طعنت بآلة حادة أو قتلت بطلق ناري فهي شهيدةquot;.

جدل لا يفيد الأمة
من جهته، قال الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى في الأزهر سابقًا، لـquot;إيلافquot; إن الجدل في مثل هذه الأمور quot;لا يفيد الأمة، لاسيما أنها تمر بمرحلة عصيبةquot;، مشيرًا إلى أن quot;الأهم للأمة الانشغال بالتنمية وتطوير الأداء وطلب العلم من أجل رفعة شأنهاquot;.

وأضاف أن هذه الأمور محسومة منذ سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن الرسول قال إن quot;المرء يبعث على ما مات عليهquot;. وأوضح أن هناك حديثًا آخر عن أبي داوود، ورد فيه أن أحد الصحابة سأل النبي الكريم، وقال: quot;يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو، قال: إن قتلت صابرًا محتسبًا بعثت صابرًا محتسبًا. وإن قتلت مرائيًا مكاثرًا، بعثت مرائيًا مكاثرًا. على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحالquot;. ولفت إلى أن هذين الحديثين يوضحان أن المرء يبعث وفقًا للحال أو النية التي كان عليها وقت وفاته.