توافد المصريون على الميادين لإحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وهم في حالة انقسام حاد، ما بين مؤيدين لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وأنصار للرئيس السابق محمد مرسي.


القاهرة:قتل اربعة اشخاص واصيب 15 اخرون في اشتباكات وقعت خلال التظاهرات التي تشهدها مصر السبت بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 2011 التي أطاحت حسني مبارك، بحسب ما اعلنت وزارة الصحة.
وقالت الوزارة في بيان إن اثنين من القتلى سقطا في محافظة المنيا (صعيد مصر) بينما سقط قتيل في الجيزة وآخر في القاهرة.

وانطلقت السبت في مصر تظاهرات مؤيدة للفريق اول عبد الفتاح السيسي، الرجل القوي في البلاد المرجح ترشحه لانتخابات الرئاسة واخرى معارضة له في الذكرى الثالثة لثورة 2011 التي اطاحت حسني مبارك.
وفيما تجمع الالاف في ميدان التحرير حاملين صور السيسي واعلام مصر، تم تفريق احدى التظاهرات المعارضة في القاهرة بقنابل الغاز وطلقات من بنادق صيد.

وتدخلت الشرطة بعد دقائق من تجمع عدة مئات من المتظاهرين يضمون إسلاميين ونشطاء شبابا غير اسلاميين معارضين للجيش في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين في القاهرة وتردادهم هتافات quot;الشعب يريد اسقاط النظامquot; وquot;يسقط يسقط حكم العسكرquot;، بحسب صحافيين من فرانس برس.
وينتمي غير الاسلاميين الذين شاركوا في المسيرة الى حركة تطلق على نفسها اسم quot;جبهة طريق الثورةquot; وتعارض عودة الجيش او الاخوان المسلمين او بقايا نظام مبارك الى السلطة.

وفي ميدان التحرير، كانت فرقة موسيقية عسكرية تعزف اناشيد وطنية في اجواء احتفالية بينما كانت الحشود تلوح بالاعلام المصرية كما شكل بعضهم حلقات للرقص.
واتخذت اجراءات امنية مشددة عند مداخل الميدان، الذي كان مهد الثورة المصرية على مبارك، إذ أغلقت بمصفحات الجيش وبأسلاك شائكة وكان رجال الشرطة والجيش يفتشون مرتين الاشخاص الراغبين في الدخول.

وكان بعض المتظاهرين يهتفون quot;الشعب يريد إعدام الاخوانquot; غداة أربعة تفجيرات دامية في القاهرة استهدفت قوات الامن واسفرت عن سقوط ستة قتلى.
ويحمل انصار الجيش مسؤولية هذه الانفجارات لجماعة الاخوان المسلمين التي اعلنت رسميا quot;تنظيما ارهابياquot; اثر اعتداء على مقر للشرطة في مدينة المنصورة في دلتا النيل الشهر الماضي اوقع 15 قتيلا.

واعلنت جماعة انصار بيت المقدس المرتبطة بالقاعدة السبت مسؤوليتها عن التفجيرات الاربعة وطلبت من المسلمين الابتعاد عن مباني الشرطة.
وفي بيان نشرته على موقع الكتروني يستخدمه اسلاميون قالت الجماعة انها قامت بتفجير سيارة مفخخة عن بعد امام مديرية امن القاهرة صباح الجمعة ما ادى الى مقتل اربعة اشخاص واعقبت ذلك الهجوم بثلاثة تفجيرات اخرى في انحاء العاصمة.

وتابع البيان quot;وفي هذا الصدد نكرر نداءنا الى اهلنا في مصر بالابتعاد عن المقار والمراكز الامنية والشرطية فاننا نعاني اشد المعاناة حتى يتم العمل من دون الحاق أي اذى في صفوف المسلمينquot;.
وسبق ان اعلنت الجماعة مسؤوليتها عن عدد من التفجيرات الاكثر دموية في مصر بعد عزل الجيش للرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو الماضي.

وبعد كل اعتداء الجمعة كان اهالي المنطقة المستهدفة ينزلون الى الشارع رافعين صور الفريق اول عبد الفتاح السيسي ومطلقين هتافات مؤيدة للسلطات ومنددة بالاخوان المسلمين.
وفي ساعة مبكرة من صباح السبت، تم القاء عبوة ناسفة صغيرة فوق سياج مركز للتدريب تابع للشرطة في القاهرة من دون يؤدي ذلك الى وقوع اي اصابات، بحسب وزارة الداخلية المصرية.

وانتشرت قوات الامن السبت في ميدان التحرير، مركز الثورة الشعبية التي اطاحت مبارك في 2011، ومنعت حركة سير السيارات فيه فيما بدأ عشرات من المتظاهرين بالتوافد منذ الصباح على الميدان للاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير.
واجبر مبارك على التنحي في 11 شباط/فبراير 2011 بعد 18 يوما من التظاهرات التي ادت الى سقوط 850 قتيلا، لينتهي حكمه الذي استمر 30 عاما في اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
تظاهرات حركة 6 ابريل
وبالمقابل، قررت حركة 6 أبريل، النزول إلى ميدان التحرير أيضاَ، ولكن ليس للإحتفال أو تأييد السيسي في السباق الرئاسي، ولكن من أجل الإحتجاج على الأوضاع الحالية، والمطالبة باستمرار الثورة ضد النظام الموقت في مصر، ويخشى من وقوع مصادمات بين شبابها ومؤيدي السيسي، على غرار ما حدث في احياء ذكرى أحداث محمد محمود.
ورفعت الحركة شعار quot;ضد الظلم والفساد.. ضد القمع والإستبدادquot;، ودعت المصريين إلى تجمع في ميدان مصطفى محمود، في حي المهندسين، والإنطلاق نحو ميدان التحرير.
وضعت الحركة خمسة مطالب أساسية لخروجها الثوري في ذكرى ثورة 25 يناير، هي: أولاً: ميثاق للمشاركة المجتمعية، توافق عليه كل القوى الوطنية ومؤسسات الدولة. ويتضمن كحد أدنى بنود إلزامية لوقف العنف المتبادل وأخرى تضع حدوداً لممارسة العمل السياسي بين القوى السياسية وبما يمنع أي خطاب إستقطابي أو إستعدائي بين أي طرف والأخر.
ثانياً: عدالة تشمل الجميع وتحتوي مجموعة من الإجراءات التشريعية والقضائية والإدارية من خلال قانون العدالة الإنتقالية بما يحقق العدل للجميع كأساس للمصالحة الوطنية الشاملة.
ثالثاً: ترسيم العلاقات بين مؤسسات الدولة والمجتمع وتتضمن تحديد العلاقات ومنع سيطرة أو تدخل أي منها في عمل الأخرين ومنها المؤسسة العسكرية ومؤسسة القضاء و الإعلام والداخلية.
رابعاً: ميثاق شرف إعلامي يضمن منع خطابات الكراهية والعنف والتشهير ووقف حالة الإستقطاب والإستعداء بين أطراف المجتمع والمتنافسين السياسيين.
خامساً: حكومة إنقاذ إقتصادي قومي للبلاد وتضمن البدء الفوري في مشروعات قومية بدعم من الأموال الوطنية وبدء تشغيل المصانع وإنعاش الإقتصاد المنهار.
مقاطعة احتفالات التحرير
يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه بعض القوى الثورية، مقاطعة الإحتفالات في ميدان التحرير، ومنها التيار الشعبي بزعامة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، خشية وقوع أعمال عنف بين مؤيدي السيسي وشباب الثورة. وقال التيار في بيان له، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه: يستنكر التيار الشعبي المصري مطالبة اللواء محمد ابراهيم، وزير الداخلية لجموع المواطنين بالإحتشاد في ميدان التحرير ومباركة بعض القنوات الإعلامية لذلك وحشد بعض الجبهات والقوى لأنصارها على الرغم من علمهم المُسبق بإعلان بعض القوى الشبابية -المعادية للاخوان والمؤمنة بخط الثورة- للنزول الى ميدان التحرير أيضًا، لذا فإننا ندعو الجميع لتحمل المسؤولية تجاه معنى وذكرى قيمة هذا اليوم ودلالاته لدى الشعب المصري، ويحمل التيار الشعبي وزارة الداخلية مسؤولية حماية ارواح المصريين ومنع اي أحداث عنف قد تحدث بين مواطنين مصريين نتيجة لذلك الحشد والحشد المضادquot;.
وانتقد التيار الشعبي المصري ما وصفه بquot;وقوف السلطة الحالية موقف العاجز حيال محاولات تشويه الثورة ورموزها، والانقضاض على مكتسباتها وأهدافها، والاكتفاء بالخطابات والكلمات دون تحويلها لافعال محددة تصدق الاقوال ، ونجدد نداءنا للسلطة القائمة بسرعة اتخاذ ما يلزم من اجراءات لمواجهة ووقف الحملة المسعورة ضد الثورة وشبابها، وتصحيح أوضاع جميع الشباب والمواطنين الابرياء غير المتورطينفي اي احداث عنف او أي جرائم والذين يقبعون في السجون نتيجة لإستمرار الممارسات القمعية وغير المسؤولة من وزارة الداخلية سواء بحملات القبض العشوائي أو انتهاك حقوق الإنسان والإستخدام المفرط للعنف، فضلا عن محاسبة كل من يتجاوز وينتهك القانون ايا كان موقعه او انتماؤهquot;.
ويزداد سقف التوقعات مع دخول جماعة الإخوان المسلمين على الخط، وقررت النزول إلى الشوارع والميادين، من أجل أسقاط ما تصفه بquot;الإنقلابquot;، ودعت أنصارها في المحافظات إلى دخول القاهرة للتظاهر، وتتحدث تقارير سياسية وإعلامية عن وجود مخططات من جانب الجماعة للقيام بأعمال عنف واسعة ضد الشرطة، بهدف اسقاطها.
الخوف من أعمال العنف
وسط هذه الأجواء المشحونة بالكراهية، يخشى المراقبون وقوع أعمال عنف واسعة بين المصريين، ولكن اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة الاسبق، يتوقع أن يمر اليوم بسلام كما حدث يوم 6 أكتوبر الماضي، وقال لquot;إيلافquot; إن الذين يتحدثون عن وجود مخططات اخوانية لتكرار سيناريو ثورة 25 يناير من اقتحام للسجون وتهريب للسجناء هم مجموعة منquot;الحشاشينquot; على حد وصفه، مؤكدا ان هناك حالة من التراجع والانحسار الكامل quot;للحركات الارهابيةquot; في مصر وان الامن يتقدم يوميا، مستبعدا تماما تكرار سيناريو 25 يناير2011.
استبعاد السيناريو الماضي
وحسب وجهة نظر، نبيل زكي، القيادي اليساري فان الضمانة الرئيسة لخروج هذا اليوم بسلام هو وجود الناس بكثافة في الشوارع والميادين، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة سوف تشل يد الارهاب، وقال لquot;إيلافquot; إن الارهابيين لا يستطيعون الفعل أو الحركة إلا من خلال خلو الشوارع من المواطنين والتسلل والعمليات الارهابية التي تعتمد على الحركة السريعة، واستبعد تماما تكرار سيناريو11 فبراير 2011 بفتح واقتحام السجون والمعتقلات في ظل جاهزية الامن ويقظته الحالية ، متوقعا نزول حشود كبيرة للغاية من المواطنين احتفالا بالثورة وفي الوقت نفسه سيكون هناك قوى ترفع شعارات تتعلق بالمرحلة القادمة مثل دعوة السيسي للترشح.
بينما قال عبد النبي عبد الستار المتحدث الإعلامي لحملة كمل جميلك لترشيح السيسي رئيساً للجمهورية، لquot;إيلافquot; إن الهدف من الاحتشاد والنزول يوم 25 يناير هو الاحتفال بذكرى الثورة الثالثة بالإضافة إلى الاحتفال باقرار الدستور، والتأكيد على ان ثورة 30 يونيو هي امتداد لثورة 25 من يناير بالإضافة إلى مطالبة الفريق عبد الفتاح السيسي بالنزول وخوض انتخابات الرئاسة ، مؤكداً ان الفترة القادمة في حقبة مصر لا يصلح لها سوى الفريق عبد الفتاح السيسي نظراً لحالة الإرهاب التى تمر بها مصر على حد وصفه.
وأضاف أن الاحتشاد في الميادين من جميع أطياف المجتمع وسيضم الاعتصام مجموعة من الفنانين والسياسيين والمفكرين والذين سيعتصمون في الميادين لحين إعلان الفريق عبد الفتاح السيسي موقفه من خوض انتخابات الرئاسة، متوقعاً أن السيسي لن يترك مصر في هذه الأزمة.
وتوقع أيضاً إندلاع أعمال عنف جديدة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، لإفساد هذا اليوم بالإضافة إلى استخدام الشعارات المنددة ضد الجيش والشرطة، بالإضافة إلى محاولة استفزاز كل من سينزل في هذا اليوم للاحتفال حتى يفسدوا الاحتفالات، مضيفاً أن الثوار سيتصدون لهم بسلميتهم، وسيكون سلاحهم هو الاحتشاد بكثرة في جميع الميادين، والتي ستكون حائط الصد للجماعة الإرهابية - على حد وصفه، ولفت إلى أن هذا اليوم سيكون نهاية الإخوان، وإعلان السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة.