كييف: انتقد الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش المعارضة بشدة الخميس، واتهمها بتصعيد التوترات في الازمة الاوكرانية بعد تغيبه في اجازة مرضية مفاجئة وسط الاحتجاجات، التي يبدو ان لا نهاية قريبة لها.

وفي بيان نشره موقع الرئاسة الالكترونية انتقد الرئيس المعارضة quot;غير المسؤولةquot;، التي رفضت وقف الاحتجاجات المستمرة منذ اكثر من شهرين، رغم سلسلة التنازلات التي قدمها، بما فيها العفو عن المحتجين المعتقلين.

واندلعت الاحتجاجات غير المسبوقة في كانون الاول/ديسمبر بسبب تراجع الرئيس عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي في تشرين الثاني/ نوفمبر لمصلحة علاقاته الوثيقة مع موسكو. وتحولت الاحتجاجات الى حركة مناهضة للحكومة قادت الى استقالتها.

واصرّت المعارضة على مطلبها باستقالة الرئيس، وقالت ان ذلك هو الامر الوحيد، الذي يمكن ان يرضي مئات الاف المحتجين الذين خرجوا الى الشوارع في درجات الحرارة المتدنية للإعراب عن غضبهم في الاسابيع الماضية. وفي احدث تطور في الازمة اعلن مكتب يانوكوفيتش الخميس عن اصابة الرئيس بمرض ناجم من quot;التهاب تنفسي حادquot;.

واعتبرت الاجازة المرضية، التي تاتي في الوقت الذي يعاني فيه العديد من المحتجين من المرض بسبب درجات الحرارة التي انخفضت الى 20 درجة تحت الصفر، محاولة من الرئيس لكسب بعض الوقت في المفاوضات الصعبة لانهاء الازمة.

والخميس، اتهم قادة المعارضة الثلاثة الرئيس الاوكراني بـquot;انتهاكquot; الدستور لدى التصويت على العفو عن المتظاهرين، وقال فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك واوليغ تيانيبوك في بيان مشترك quot;لقد ثبت ان العديد من النواب صوّتوا مكان اخرين، الامر الذي ينتهك الدستورquot;، مؤكدين ان حزب المناطق الحاكم كان quot;على وشك الانقسامquot;، وان العديد من نوابه لم يؤيدوا العفو.

وتعتبر الازمة التي تعانيها اوكرانيا اصعب تحد يواجه هذه الجمهورية السوفياتية السابقة منذ استقلالها في 1991. وامتد تاثير هذه الازمة دوليا، حيث دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتحاد الاوروبي الى عدم التدخل، الا ان الدول الغربية تتعرض لضغوط للتفكير في فرض عقوبات على المسؤولين الاوكرانيين.

وحذر ليونيد كرافتشوك، اول رئيس الاوكراني بعد الاستقلال، الاربعاء من ان البلاد quot;على حافة حرب اهليةquot;. والخميس لا يزال المحتجون يحتلون قسما كبيرا من وسط مدينة كييف، ومن بينهم نشطاء متشددون ارتدوا الاقنعة، وقاموا بدوريات على الحواجز التي اقامها المحتجون وهم يحملون القضبان الحديدية.

وبعد ساعات من اعلان اجازته المرضية، اصدر يانوكوفيتش بيانا يحمل تحديًا للمعارضة، اتهمها فيه بالتصرف بطريقة لا مسؤولة من خلال عدم دعوتها إلى انهاء الاحتجاجات. وقال quot;تواصل المعارضة تسميم الوضع ودعوة الناس الى الوقوف في البرد القارس بسبب الطموحات السياسية للعديد من القادة، واعتقد ان ذلك خطأquot;.

واضاف quot;لماذا لا يدعو السياسيون الى السلام والهدوء والتفاهم، ويفعلون العكس من خلال اشعال الجو بتصريحاتهم غير المدروسة وغير المسؤولة، ويفكرون بنسبة التاييد التي يحصلون عليها اكثر مما يفكرون في حياة وصحة الناسquot;. الا انه وفي مؤشر نادر إلى مراجعته لموقفه، قال انه سيأخذ المزاج العام في البلاد في الحسبان.

وقال quot;من جانبي ساظهر مزيدا من التفهم لمطالب وتطلعات الشعب، واخذ في الاعتبار الاخطاء التي ترتكبها السلطات دائما.. اعتقد اننا معا نستطيع ان نعيد الحياة الى اوكرانيا والسلام إلى شعبهاquot;. واكد ان السلطات ستفي بجميع الالتزامات التي قطعتها.

وقدم الرئيس العديد من التنازلات للمحتجين، من بينها قبول استقالة رئيس الوزراء مايكولا ازاروف وحكومته بكاملها والسماح بالغاء القوانين الصارمة ضد التظاهر. وفي وقت متاخر من الاربعاء وافق البرلمان بدعم من حزب المناطق الحاكم، على مشروع قانون يمنح العفو للمحتجين المعتقلين. الا ان المعارضة لم تشارك في التصويت، لان العفو يشترط على المحتجين مغادرة الشوارع والمباني التي يحتلونها بعد 15 يومًا من تنفيذ العفو.

وطبقا للنيابة العامة، قتل اربعة اشخاص واعتقل 234 اخرون في الاحتجاجات في ارجاء اوكرانيا. وينطبق العفو على جميع المعتقلين ما عدا المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة. من جهته، قال الزعيم القومي لحزب سفوبودا (الحرية) اوليغ تيانيبوك ان البرلمان تبنى قانونا عن quot;ألرهائنquot;، لان الذين اعتقلوا خلال الازمة سيظلون محتجزين حتى اخلاء المباني التي يحتلها المحتجون.

اما بطل الملاكمة السابق واحد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو فقال ان هذا القانون quot;سيرفع درجات الحرارة في المجتمع بدلًا من ان يخفضهاquot;. وعقب شكاوى من شركات اوكرانيا أجبر جهاز الجمارك الروسي الخميس على نفي المزاعم بان موسكو فرضت اجراءات حدودية مشددة جديدة للضغط على كييف، وهي الطريقة التي استخدمتها موسكو في السابق.

وذكر quot;اتحاد اصحاب العمل في اوكرانياquot; الاربعاء ان الجمارك الروسية فرضت اجراءات quot;صارمةquot; على السلع الغذائية والالات المصنعة في اوكرانيا اضافة الى المعادن. وتعاني اوكرانيا من ازمة اقتصادية عميقة، وقبلت صفقة انقاذ من موسكو بقيمة 15 مليار دولار، رغم ان روسيا حذرت هذا الاسبوع انها لن تفرج عن دفعات جديدة من الصفقة الا بعد تعيين حكومة جديدة.

وتراجع النمو الاقتصادي في اوكرانيا الى صفر في العام الماضي بعد تسعة اشهر من التدهور الاقتصادي، بحسب ما افادت لجنة الاحصاءات الخميس.