دعا الجيش الأوكراني الرئيس فيكتور يانوكوفيتش إلى اتخاذ تدابير عاجلة ترسي الاستقرار في البلاد، فأثار بخروجه عن صمته مخاوف الكثيرين، بعد شهرين من حركة احتجاجية لا سابق لها.
كان العسكريون الأوكرانيون اكدوا أنهم لن يتدخلوا في الازمة التي تعصف بأوكرانيا، والتي تسبب انقسامًا قد يؤدي إلى حرب اهلية. إلا أن الجيش الأوكراني دعا الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الجمعة إلى اتخاذ القرارات التي ترسي الاستقرار في البلاد.
وفي ما يمكن ان يكون بادرة أولى، وقع يانوكوفيتش اليوم الجمعة قانون العفو عن المتظاهرين المعتقلين، وإلغاء تعديلات أقرت في كانون الثاني (يناير)، وتسمح بقمع أي شكل من التظاهرات.
وكان البرلمان صوت على هذه النصوص، التي تشكل تنازلات للمعارضة التي تتظاهر منذ شهرين، لكنه ارفقه بطلب اخلاء الاماكن العامة والمباني التي يحتلها المحتجون خلال 15 يوما، إلا أن المعارضة رفضت ذلك.
تدابير عاجلة
تأتي هذه التطورات بينما تشهد هذه الجمهورية السوفياتية السابقة مأزقًا سياسيًا، تتبادل فيه السلطات والمعارضة الاتهامات بتسميم الوضع، بينما اعلن أن الرئيس في عطلة مرضية منذ الخميس.
وقال بيان نشر صباح اليوم الجمعة على الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع أن العسكريين والموظفين في وزارة الدفاع دعوا القائد الاعلى للجيوش، أي رئيس الدولة، إلى اتخاذ تدابير عاجلة في اطار القانون الحالي لارساء الاستقرار في البلاد.
أضاف البيان: quot;إن العسكريين والموظفين الاخرين في وزارة الدفاع رأوا انه من غير المقبول شن هجمات على مبان عامة، ومحاولات منع السلطات من القيام بمهامها، خصوصًا أن تصعيد حركة الاحتجاج يهدد وحدة اراضي أوكرانياquot;.
ويواجه يانوكوفيتش حركة احتجاج غير مسبوقة منذ تخليه في تشرين الثاني (نوفمبر) عن توقيع اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، والتفاته إلى روسيا. وهو يلقى تأييد غالبية سكان شرق البلاد وجنوبها الناطقين بالروسية، بينما تلقى المعارضة دعم المناطق القومية الواقعة غرب البلاد، حيث يحتل المتظاهرون ادارات رسمية.
لا تفريق للمتظاهرين
لم يعرف ما هي الاجراءات التي يطالب بها الجيش، مع رفض السلطات حتى الآن اعلان حالة الطوارئ. وقال فاديم كاراسيف، الذي يدير معهد الاستراتيجيات الدولية في كييف، إن هذا البيان يبرهن على ولاء الجيش للرئيس، لكنه quot;لا يعني انه سيتم تفريق المتظاهرين أو اعلان حالة الطوارئquot;.
ومع تصاعد الوضع في البلاد، يبدو أن الولايات المتحدة قررت وضع ثقلها في هذه القضية بعد الأوروبيين الذين قاموا بمهمات وساطة عديدة، وأدلوا بالكثير من التصريحات منذ شهرين. وفي مبادرة مهمة حيال المعارضة، يلتقي وزير الخارجية الاميركي جون كيري السبت في ميونيخ عددًا من قادتها، بينهم بطل الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الذي يقود احد احزاب المعارضة والمعارض السياسي ارسيني ياتسينيوك.
وسيضم وفد المعارضة ايضا النجمة الأوكرانية روسلانا الحائزة جائزة اليوروفيجن في 2004، والتي شجعت المتظاهرين في كييف بأغانيها خلال الاسابيع الماضية.
سيرك!
وصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين الجمعة هذا اللقاء بالسيرك، وكتب على حسابه بشبكة تويتر: quot;في ميونيخ، سيتباحث الوزير الاميركي كيري حول الوضع في أوكرانيا مع الملاكم كليتشكو والمغنية روسلان، هذا سيركquot;.
وتساءل: quot;لماذا لم يدع النازي تياغنيبوك؟quot;، في إشارة إلى أولغ تياغنيبوك، زعيم حزب سفوبودا القومي المعارض، مضيفًا بسخرية: quot;يجب أيضًا دعوة فيركا سرديوتشكا إلى المفاوضاتquot; في اشارة إلى المغني الأوكراني المخنث. وقال: quot;على البيت الابيض أن يستمع إلى رأيه ويأخذه في الاعتبارquot;.
وفي الجانب الأوروبي، دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، الرئيس يانوكوفيتش إلى الانتقال من الاقوال إلى الافعال، مشددة على ضرورة أن يوقع الغاء قوانين منع التظاهر.
وقالت في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في برلين: quot;يجب الانتقال الآن من الأقوال إلى الأفعالquot;، في اشارة إلى نص الغاء القوانين الذي اقره البرلمان. وفي ساحة الاستقلال وسط كييف، تجمعت مجموعة من ناشطي المعارضة في درجة حرارة عشرين تحت الصفر ليتولوا quot;الحراسةquot;. وقال ميشا الخمسيني الذي يعمل في صناعة الخشب: quot;سنبقى حتى الرضوخ الكامل للسلطةquot; ورحيل الرئيس يانوكوفيتش.
ابتزاز
استقالت الحكومة الأوكرانية الثلاثاء تحت ضغط الشارع، بينما الغيت القوانين التي تحد من التظاهرات، وتم تبني قانون عفو عن المتظاهرين الذين اوقفوا. لكن المعارضين رفضوا الشرط الذي وضع لذلك وهو أن يغادروا المباني والشوارع التي قاموا باحتلالها خلال 15 يومًا. ويشتبه هؤلاء بأن يانوكوفيتش يريد كسب الوقت.
وكان المكتب الاعلامي للرئيس اعلن صباح الخميس انه يعاني مرضا حادا في الجهاز التنفسي. وفي بيان نشر بعد ساعات، اتهم الرئيس المعارضة بتسميم الوضع، من خلال الدعوة إلى الاستمرار في التظاهر، بسبب الطموحات السياسية لبعض قادتها.
من جهة اخرى قال ابرز ثلاثة قادة في المعارضة فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك واوليغ تياغنيبوك في بيان مشترك أن يانوكوفيتش انتهك الدستور. وقد اتهموه بـquot;ابتزازquot; نواب حزبه، حزب المناطق الحاكم، ليصوتوا الاربعاء رغم تردد البعض، على قانون يمنح العفو للمتظاهرين الموقوفين.
تعذيب وترهيب
وروى ديمتري بولاتوف (35 عاما)، وهو ناشط أوكراني معارض خطف في 22 كانون الثاني (يناير) وافرج عنه مساء الخميس، روى تعرضه للتعذيب اسبوعًا، في قضية رأت فيها المعارضة حالة جديدة من الترهيب. فبعدما احتجز في مكان مجهول، وخضع للتعذيب لاكثر من اسبوع، نجح في الوصول إلى إحدى القرى، وطلب المساعدة.
وعبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي عن استيائها من هذا الحادث، ومن الدلائل الواضحة على تعذيب طويل ومعاملة وحشية تلقاها. وربطت بين هذه الحادثة ومقتل الناشط يوري فيربيتسكي الذي عثر على جثته الاربعاء وهي تحمل كما قالت عائلته أثار تعذيب.
وكان فيربيتسكي خطف الثلاثاء مع ناشط آخر، هو ايغور لوتشينكو الذي تعرض للضرب وتركه خاطفوه في الغابة، وقد نجح في الخروج منها حيًا.
التعليقات