حمّلت أغلبية قرّاء "إيلاف" المشاركين في الاستفتاء الأسبوعي، الإخوان المسلمين مسؤولية انتشار العنف في مصر، فيما تتهم الجماعة ما تصفه بـ "سلطة الانقلاب" بتدبير التفجيرات من أجل "استمرار القمع".


القاهرة: يتحرك مؤشر العنف في مصر بشكل متصاعد وغير مسبوق، ويسقط بشكل شبه أسبوعي العشرات من القتلى، فضلاً عن عودة الإرهاب المنظم، بشكل أثار قلق المراقبين للشأن المصري، لاسيما بعد إستخدام السيارات المفخخة والعمليات الإنتحارية، لإستهداف المنشآت الشرطية أو العسكرية، وتعرض مسؤولين آمنيين للإغتيال.

ومنذ إسقاط نظام حكم محمد مرسي، في 3 تموز (يوليو) الماضي، وأصابع الإتهام تشير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين هي المسؤول الأول عن تصاعد أعمال العنف والإرهاب في مصر. ووفقاً لنتائج الإستفتاء الذي أجرته quot;إيلافquot;، وهذا نصه: quot;من المسؤول عن تصاعد العنف في مصر؟quot;، وخيرتهم ما بين quot;الإخوانquot; أم quot;السلطةquot;؟

شارك في الإستفتاء 4980 قارئًا، وحمّلت الأغلبية وتقدر بـ 3197 قارئاً، بنسبة 64%، جماعة الإخوان المسؤولية عن العنف، بينما رأت الأقلية وتقدر بـ1783 قارئاً، وبنسبة 36% أن السلطة الحالية في مصر لا يمكن تبرئتها من المسؤولية عن العنف، الذي يضرب البلاد، ومن تدخل الجيش وعزل الرئيس السابق محمد مرسي، وسجنه هو وقيادات الجماعة.

العنف وعزل مرسي

ويتشاركالمراقبون مع ما إنتهى إليه استفتاء quot;إيلافquot;، لاسيما أن تصاعد العنف والعمليات الإرهابية في مصر، جاء بالتزامن مع عزل الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم على يد قائد الجيش عبد الفتاح السيسي، إستجابة لمظاهرات شعبية عارمة خرجت في 30 حزيران (يونيو) 2013.

وجاء الإرتباط في أعقاب تهديدات أطلقتها قيادات في جماعة الإخوان المسلمين ومن يؤيدها في الجماعة الإسلامية، ومنهم محمد البلتاجي، الذي قال إن أعمال العنف في سيناء سوف تتوقف في الوقت الذي يعود فيه مرسي للحكم، بينما هدد طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية، بـquot;سحقquot; معارضي مرسي، وهدد صفوت حجازي، بأن quot;اللي يرش الرئيس مرسي بالمية أرشه بالنارquot;.

وشهدت مصر العديد من أعمال العنف والإرهاب، منها مقتل 25 جندياً في سيناء بتاريخ 19 آب (أغسطس) الماضي، رداً على مقتل 36 معتقلاً من أنصار مرسي بتاريخ 18 أغسطس نفسه. وقتل 12 جندياً وضابطاً في تفجير سيارة مفخخة أثناء مرور حافلة كانت تقلهم في سيناء أيضاً بتاريخ 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كما قتل أربعة جنود وأصيب 14 آخرون في هجوم مسلح على حافلة كانت تقلهم في سيناء بتاريخ 26 كانون الثاني (يناير) الماضي.

وقتل أربعة عسكريين بينهم طياريان اثنان في عملية إرهابية استهدفت اسقاط طائرة عسكرية بسيناء في 25 يناير الماضي. كما شهدت مصر محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم في سبتمبر الماضي عبر سيارة مفخخة، وقتل ضابط رفيع المستوى بجهاز الأمن الوطني، في غضون شهر نوفمبر الماضي، وقتل مؤخراً اللواء محمد السعيد، مدير المكتب الفني لوزير الداخلية أمام منزله، يوم 28 يناير الماضي. وتبنت جماعة أنصار بيت المقدس، مسؤولية العمليات ونشرت تسجيلات مصورة تؤكد مسؤوليتها عن العنف.

وبالمقابل، قتل نحو 726 شخصاً أثناء فض اعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية في 14 آب (أغسطس) الماضي، وقُتل مئات آخرون في حوادث مختلفة، آخرها مقتل 62 شخصاً في الإحتفالات بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، غالبيتهم من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي.

تاريخ إرهابي

quot;جماعة الإخوان تاريخها ملوث بالعنف والإرهابquot;، هذا ما قاله نبيل زكي، القيادي بحزب التجمع اليساري، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الجماعة التي وصفها بـquot;الإرهابيةquot; تقف وراء جميع حوادث العنف في مصر، مشيراً إلى أن جماعة أنصار بيت المقدس التي تعلن مسؤوليتها عن العديد من الأعمال الإرهابية ليست إلا ذراعاً عسكرية للإخوان.

وأضاف أن بعض السياسيين يرون أن هناك إمكانية للمصالحة مع الإخوان، رغم أن هذا الأمر مستحيل، لاسيما أنها غمست أيديها في دماء المصريين، ولم يعد أحد في السلطة أو غيرها بوسعه أن يجلس مع تلك الجماعة الإرهابية ويفاوض على دماء المصريين. وأشار إلى أن جميع التنظيمات الإرهابية في مصر والعالم خرجت من تحت عباءة جماعة الإخوان.

وفي 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي اتخذت الحكومة المصرية قراراً بتصنيف الإخوان كجماعة ارهابية، وقالت الحكومة في حيثيات قرارها: quot;جماعة الإخوان المسلمين، ما زالت كما كانت، لا تعرف إلا العنف أداة لتحقيق أهدافها، منذ اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، وقتل القاضي الخازندار في أربعينيات القرن الماضي، وحتى أحداث الاتحادية في عام 2012، وجرائم التعذيب في رابعة العدوية، مرورًا بعمليات تصفية أعضاء الجماعة الخارجين عليها، ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الخمسينيات من القرن الماضي، واغتيال الشيخ الذهبي والرئيس الراحل أنور السادات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضيquot;.

وأضافت الحكومة المصرية: quot;كل ذلك بالإضافة إلى جرائم حرق الكنائس التي امتدت على طول عمر هذه الجماعة، وإذا كانت الجماعة قد جاوزت كل الحدود المتصورة في جريمة المنصورة (تفجير مديرية أمن الدقهلية في 24 ديسمبر)، فذلك لأنها تحاول يائسة، إعادة عجلة الزمن إلى الوراء وإيقاف مسيرة الشعب المصري في سعيه لبناء دولة الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والكرامة الإنسانيةquot;.

انتقام

وحسب وجهة نظر اللواء محمد رفعت، الخبير الأمني، فإن الإخوان جماعة لا تعرف غير العنف عبر تاريخها، وقال لـquot;إيلافquot; إن الجماعة تمارس الإنتقام من المصريين، بسبب ثورتهم على حكم محمد مرسي واسقاطه في 30 يونيو، مشيراً إلى أن الحكومة صنفت جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، بعدما ثبت لها أنها تمارس العنف على الأرض في مصر، وأنها تمول العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة في سيناء.

وحول السبب في عدم تصنيف جماعة بيت المقدس تنظيماً إرهابياً، رغم إعلانها مسؤوليتها عن العمليات الإرهابية، قال رفعت إن الحكومة لديها أدلة دامغة أن ما يسمى بـquot;جماعة أنصار بيت المقدسquot;، هي جماعة وهمية أو على الأقل ذراع عسكرية للإخوان، وأن تنظيم جماعة الإخوان هو المسؤول والممول والمنفذ للعمليات الإرهابية.

وبالمقابل، يؤكد الإخوان أنهم ضحية. وتتهم الجماعة السلطة الحالية التي تصفها بـquot;سلطة الإنقلاب العسكريquot;، بأنها المسؤولة عن تنفيذ أعمال العنف في مصر من أجل إلصاقها بالجماعة، وتبرير أعمال القمع ضد quot;المتظاهرين السلميينquot;.

وقالت في بيان لها في أعقاب تفجير مديرية أمن القاهرة بتاريخ 24 يناير الماضي: quot;الثورة المستمرة منذ سبعة أشهر ثورة سلمية وستظل على سلميتها المبدعة فهي مصدر قوتها ولأنها تتطلع إلى تحقيق السلم العام للشعب والوطن وإزالة كل أسباب العنف والإرهاب الذي يمارسه الانقلابيون ضد الشعب الأعزل منذ أنقاموا بإنقلابهم المشؤوم ولم يتوقفوا عن سفك الدماء الحرام وإزهاق الأرواح البريئة واعتقال الشرفاء من أبناء الوطن يوماً واحداًquot;.

وتتهم الجماعة ما تصفه بـquot;الإنقلابquot; بتدبير التفجيرات من أجل استمرار القمع، وقالت: quot;من الملاحظ أن هذه التفجيرات تقع قبيل اتخاذ قرارات ظالمة خطيرة لتكون بمثابة قنابل الدخان التي تمر من خلالها تلك القرارات مثلما حدث مع إنفجار مديرية أمن الدقهليةquot;.

وأضافت: quot;يحدث إنفجار هنا وانفجار هناك ليتم اتخاذه ذريعة للبطش بالثوار، فليعلموا أن الشعب كله قد فهم هذه اللعبة، وأن ذلك لن يفتّ في عضد الثوار، وأن شيئاً لن يثنيهم عن تحقيق هدفهم بإذن اللهquot;.