في ذكرى محرقة اليهود، اجتمع جمع من الشخصيات العالمية في ندوة في البرلمان البريطاني، ندد بجرائم الابادة ضد اليهود والأرمن والأكراد، وباضطهاد ملالي إيران للسنة والبهائيين.


لندن: بدعوة من الإتحاد العالمي للسلام، عقدت في البرلمان البريطاني، برعاية البرلماني البريطاني فيريندا شرما، ندوة عن ذكرى الهولوكوست أو الإبادة الجماعية لليهود، وذلك يوم الثلاثاء 4 شباط (فبراير) 2014، تناولت ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة في شجبها وإدانتها ومنع تكرارها.

المحاسبة القانونية

تحدث روبن مارش، سكرتير الإتحاد العالمي للسلام، عن أهمية هذه الندوة التي ما زال يعقدها في كل عام في البرلمان البريطاني، وعن دورها في التفاعل مع مآسٍ قديمة وحديثة، وجرائم يندى لها جبين البشرية.

وأكد ضرورة الوعي بأهميتها وتحديد مفهومها وتطبيق مصاديقها، كما حددتها جريجورى ستانتون، رئيسة مراقبة الإبادات الجماعية في الأمم المتحدة، لمنع تكرارها في المستقبل، وهي تتضمن مجموعات متنوعة من ثقافية إجتماعية سياسية، تستغرق زمانًا معينًا، كما عرفته وثائق الأمم المتحدة، لتكون جرائم عامة ضد الإنسانية تستحق العقاب القانوني في المحاكم الدولية.

فقد وافقت الأمم المتحدة في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1948 على اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية واعتبارها جريمة دولية، وتعهدت الدول الموقعة على المعاهدة بمنعها والمعاقبة عليها.

عنصرية ضد اليهود والغجر

أما روث بارنت، مؤلفة مجموعة كتب أهمها كتاب quot;اليهود والغجر بين الحقيقة والوهمquot;، فقد تحدثت عن إبادة ستة ملايين يهودي في المحرقة، وقالت إنها جرائم ما زالت آثارها باقية وأباؤها وأحفادها يعانون.

كما ذكرت أن العداء للسامية ليس مجرد استمرار، بل ازدياد في أوروبا بشكل كبير وعن النازيين الجدد الذين يشكلون خطرًا كبيرًا على البشرية. كما تحدثت عن استعمال اصطلاح (الغجر) وعلى من يطلق، وهو اصطلاح عنصري رائج، وذكرت العديد من الإصطلاحات العنصرية المتداولة في أوروبا وضرورة التصدي لها ومجابهتها، لأننا كلنا بشر متساوون في الحقوق، ويجب إشاعة ثقافة حقوق الإنسان وتداولها حيث المجتمع بعيد عن ذلك الهدف النبيل.

ذكرت روث كيف أن البعض ما زال ينكر محرقة اليهود والإبادة والجرائم ضدهم، ومن الجانب الآخر هناك مؤسسات ترفع صوتها عاليًا، مطالبة بإرجاع الحقوق إلى نصابها والتعامل مع البشر سواسية كأسنان المشط. واقترحت روث تنشيط مؤسسات المجتمع المدني لتلعب دورها الرائد في تصحيح المسار، كما ذكرت بروز مؤسسات وجهات وأفراد في أوروبا تعادي اليهود والمسلمين.

لا علاقة لليهود بصلبه

القس ماركوس بريبروك، رئيس المؤتمر العالمي للأديان، تحدث عن مشاركاته في حوار الأديان مع المسلمين واليهود والأديان الأخرى، ثم استذكر المحرقة وجرائمها الوحشية وضرورة الإعتذار عنها. وهو يعتقد بازدياد العداء للسامية في أوروبا، ثم عارض ما يطرح من مسؤولية اليهود عن صلب المسيح، ليقول إن المسيح كان يهوديًا بارًا مخلصًا، وقد صححت الكنيسة نظرتها الخاطئة عن اليهود.

ثم انتقل للحديث عما هو موجود في الساحتين البريطانية والأوروبية من حالات عنصرية غير مقبولة في الألفاظ، وبعض الإعلام والتعاملات اليومية. ثم عرج على بعض المتشددين الإسلاميين واستعمالهم اصطلاحات دار الحرب ودار الإسلام، ليجعلوا الغرب كافرًا مستحلّا دمه والعمليات الإرهابية فيه. وقال ماركوس: quot;إذا تعرضت طائفة للإضطهاد فيجب على الطوائف الأخرى الدفاع عنها، فإننا أخوة متساوون ينبغي على كل واحد منا أن ينظر إلى الآخر بمحبة واحترام وتقديرquot;.

اعتذار رئيس البرلمان الأوروبي

أما السيد إدوين شكر، نائب رئيس مجلس اليهود الشرقيين (سفارديم) ونائب رئيس المجلس اليهودي الأوروبي، فتحدث عن الحضور المتنوع في القاعة من مختلف الأديان والمذاهب والقوميات والألوان والدول، وكأن العالم مختصر في قاعة البرلمان البريطاني.

ثم ذكر بندوة البرلمان الأوروبي في الأسبوع الماضى، حيث استذكروا وأدانوا محرقة الهولوكوست وحديث رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز كونه ألماني يحس بالخجل والعار والخطيئة عما فعل أبوه في المحرقة، حيث السكوت عن الجريمة جريمة، وهو يقدم إعتذاره لليهود عن ذلك، ويعتقد أنه يحمل هذه الخطيئة منذ ولادته وحتى رفاته في قبره.

كما تحدث إدوين عن محنة المهاجرين والنازحين نتيجة المحرقة، ثم محنته ومعاناته في العراق مع يهود العراق من التهجير وسحب الجنسية والحرمان من الحقوق بلا ذنب أو سبب. وحتى الوثيقة الدراسية التي اكتشفها أخيرًا، بعد 42 عامًا، فقد نشرت في متحف واشنطن عندما جيء بالوثائق العراقية من سرداب المخابرات العراقية البعثية، بينما كانت القوات الأميركية تبحث عن أسلحة الدمار الشامل فرأتها صدفة في القبو تحت الأرض تكاد تتلف تحت المياه فأخذتها إلى واشنطن لتعميرها والحفاظ عليها. إنها وثيقته المدرسية الخاصة به، التي سرقت كما سرق بيته وجنسيته وتراثه وذكرياته.

الأكراد والأرمن

وتحدث ديسموند فرناندس، العضو في حملة السلام لكردستان والمحاضر في جامعة دي مونتفورت ومؤلف كتابي quot;الإبادة الجماعية للأكراد والأرمنquot; و quot;الأقلية الأخرى في الباكستانquot;، تحدث عن الجرائم الوحشية والإبادات الجماعية واستعمال السلاح الكيميائي ضد الأكراد في حلبجة والأنفال في العراق، ولا بد من معاقبة المجرمين ومن ورائهم بتزويده بهذه الأسلحة الفتاكة. كما تحدث عن الجرائم ضد الأرمن في تركيا والجرائم المسكوت عنها في الباكستان.

ثم تحدث آخرون عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن في بداية القرن العشرين، ورفض الحكومة التركية الإعتراف بها، quot;فالحكومة التركية الحالية ليست طرفًا في الجريمة، لكن إنكار الجريمة تعتبر جريمة أخرى، خصوصًا أن الحكومة تعاقب الصحافيين والكتاب الذين يذكرونها وتحيلهم على محاكم خاصة تتبع السياسة ليعاقبوا على ذلك أشد العقابquot;.

وذكر بعضهم قضية قبرص واحتلال جزء منها لفترة طويلة وبأساليب غير أخلاقية من الأتراك. وتحدث السفير البوسني عن الجرائم السابقة والإبادات الجماعية للمسلمين في البوسنة بشكل سافر لا يمكن تصوره، ولم يعرف الشخص أرحامه وأقرباءه من الموتى إلا بعد فحص quot;دى أن آيquot; لأن الجثث تشوهت كليًا.

عنصرية الملالي ضد السنة والبهائيين

تحدث عدد من المتكلمين عن جرائم النظام الإيراني الذي يستغل الدين باسم الشيعة، فيظلم المذاهب والأديان الأخرى، لا سيما السنة المسلمين، فهم مضطهدون أشد الإضطهاد في إيران الطائفية العنصرية حتى لا يسمح لمليوني إيراني سني في طهران بافتتاح مسجد لهم أو إطلاق أسماء quot;عمرquot; أو quot;عائشةquot;، كذلك المذاهب والأديان لا سيما البهائية المحظورة في القانون.

كما تحدثت امرأة من الكونغو عن جرائم الحكومة في القتل والإبادة والإعتداء الجنسي على النساء واغتصابهن ثم قتلهن، إضافة إلى حديث بعض السيخ عن جرائم الإبادة ضدهم في الهند. وتحدثت أخيرًا ماركريت علي، مديرة الإتحاد العالمي للسلام عن شعار الإتحاد، وهو أن البشر كلهم سواسية وعائلة واحدة، ولا بد من المحافظة على القيم والأخلاق الإنسانية وحقوق الناس ولا يمكن تعداد جميع جرائم الإبادة والعنصرية في كل العالم والمهم متابعتها ومعاقبة مرتكبيها ومنع تكرارها في المستقبل.

والإتحاد العالمي للسلام، الذي اطلق هذه الندوة في البرلمان البريطاني، مؤسسة غير ربحية تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.