دمشق: تعد مدينة حمص وسط سوريا، والتي يعتبرها الناشطون quot;عاصمة الثورةquot; ضد نظام الرئيس بشار الاسد، من اكثر المناطق تضررا جراء النزاع، وتعاني الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، ويقطنها قرابة ثلاثة آلاف شخص، من حصار خانق مفروض منذ حزيران/يونيو 2012.
ووجه ناشطون معارضون ومنظمات حقوقية نداءات متكررة، تنديدا بالاوضاع المعيشية الخانقة في هذه الاحياء، حيث يقتات السكان من الاعشاب والنباتات وحبات الزيتون، وسط نقص حاد في الادوية والغذاء.
وشكلت حمص نقطة اساسية للاحتجاجات المناهضة للنظام التي اندلعت منتصف آذار/مارس 2011، وتعرضت منذ ذلك الحين لسلسلة من العمليات العسكرية والقصف العنيف، زادت حدة منذ ايلول/سبتمبر 2011، مع تحول الحراك السلمي شيئا فشيئا الى نزاع دام.
وكان اشد هذه العمليات في حي بابا عمرو الذي استعاده النظام في شباط/فبراير 2012 بعد معارك طاحنة وقصف عنيف لاكثر من شهر.
وتمكن النظام تباعا من استعادة السيطرة على غالبية احياء المدينة، باستثناء بعض الاحياء الواقعة في وسطها لا سيما منها حمص القديمة. وفرضت القوات النظامية منذ حزيران/يونيو 2012، حصارا خانقا حول هذه الاحياء التي تتعرض بشكل شبه يومي لقصف من القوات النظامية التي تلجأ في بعض الاحيان الى سلاح الطيران.
وبدأت الدفعات الاولى من المدنيين بالخروج الجمعة من هذه الاحياء التي يقارب عددها العشرة، اثر اتفاق اشرفت عليه الامم المتحدة، وذلك للمرة الاولى منذ اكثر من عام ونصف عام.
ومن بين نحو ثلاثة آلاف شخص ما زالوا في الاحياء المحاصرة، يبلغ تعداد النساء والاطفال والمسنين قرابة 1200 شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتعد محافظة حمص من اكبر محافظات سوريا واكثرها استراتيجية. فهي تمتد على حدود لبنان والعراق والاردن، وهي قريبة من العاصمة دمشق وتشكل صلة وصل بين شمال البلاد وجنوبها.
وادت المعارك في المدينة الى مقتل الصحافية الاميركية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي اوشلك، اللذين توفيا في 22 شباط/فبراير 2012 في قصف طاول مركزا اعلاميا في حي بابا عمرو.
وتضم حمص خليطا من السكان، بينهم السنة والعلويون والمسيحيون، ويقيم العديد منهم في احياء مختلطة التكوين الطائفي.
ويعتبر السنة انفسهم سكان حمص الحقيقيين ولم يستسيغوا وصول أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد، بكثافة الى المدينة والبلدات الجديدة التي احاطت بها اعتبارا من نهاية الستينات. وهم ينظرون الى العلويين الذين يتحدر معظمهم من الارياف الفقيرة، ببعض الحنق لانهم استفادوا من عدد كبير من المناصب في الادارة والمؤسسات العامة.
وكانت حمص قبل اندلاع النزاع السوري، تعد بمثابة رئة اقتصادية للبلاد، اذ تقع الى الغرب والشرق منها مصاف للنفط وحقول للغاز والعديد من المراكز الصناعية.