يُعرف عن تمام سلام الذي شكل السبت حكومة جديدة في لبنان، خطابه المعتدل، لا سيما في الملفين الشائكين في لبنان، سوريا وحزب الله، وهو ابن عائلة سنية عريقة في تعاطيها العمل السياسي منذ أجيال عدة.


بيروت: يبلغ تمام سلام الثامنة والستين من العمر ويتسلم رئاسة حكومة وفاق وطني في الوقت الذي تمر به البلاد بحالة استقطاب شديدة على خلفية النزاع في سوريا بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له، ووسط تفجيرات ارهابية واحداث امنية متنقلة من منطقة الى اخرى.

وسيكون على سلام ايجاد القواسم المشتركة لجمع الضدين داخل الحكومة اي فريق الثامن من اذار الذي يتزعمه حزب الله الذي يشارك في القتال في سوريا الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد، وفريق الرابع عشر من اذار الذي يضم شريحة واسعة من القوى المناهضة للنظام السوري على رأسها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري.

وتمام سلام الذي يدخل للمرة الاولى ما يعرف في لبنان بquot;نادي رؤساء الحكوماتquot;، هو نجل الزعيم السني الراحل صائب سلام الذي تولى رئاسة الحكومة لمرات عدة بين عامي 1952 و1973.

ووصفه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بانه quot;ابن شعار صائب سلام التفهم والتفاهم وشعار لا غالب ولا مغلوبquot;، مضيفا quot;اسمه عنوان الاعتدالquot;، ومشيرا الى ان تمام سلام quot;لم تخرج منه كلمة واحدة سيئة عن المقاومة الاسلاميةquot; (اي حزب الله).

ورغم انتماء تمام سلام الى قوى 14 آذار (المعارضة) والتزامه بكل مبادئها وسياساتها، فان خطابه هادىء وغير صدامي اجمالا.

فقد انتقد بعنف اجتياح حزب الله عسكريا لاجزاء واسعة من بيروت في ايار/مايو 2008 بعد تفجر الخلاف السياسي بين الحزب الشيعي وتيار المستقبل معارك في الشارع اسفرت عن مقتل اكثر من مئة شخص.

ورغم موقفه المبدئي الرافض للسلاح وتأكيده ان quot;الطائفة السنية تشعر بالاستهدافquot;، الا انه اعلن باستمرار تقديره لنشاط quot;المقاومة ضد اسرائيلquot; من دون ان يدخل في الجدل اللبناني العنيف احيانا حول quot;نزع سلاح حزب اللهquot; ام لا.

واكد اخيرا ان لا قرار سنيا في نزاع مع الشيعة، مؤكدا ان الظواهر المتطرفة quot;ليس لها ولن يكون لها صدى لدى سنة لبنانquot;.

ورغم دفاعه بقوة عن سيادة لبنان تجاه التدخلات السورية والتوغلات العسكرية على الحدود منذ بدء الازمة السورية قبل سنتين، ومواقفه المبدئية من الحريات والديموقراطية، الا انه لم يهاجم النظام السوري بعبارات استفزازية كما فعلت اجمالا معظم شخصيات المعارضة المناهضة لدمشق.

واطلق والده صائب سلام خلال سنوات الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990) التي تواجه فيها المسلمون والمسيحيون مدعومين من قوى عسكرية خارجية، شعاري quot;لا غالب ولا مغلوبquot;، وquot;لبنان واحد لا لبنانانquot;.

ومد يده الى المسيحيين بعد اغتيال بشير الجميل، الرئيس الذي وصل بدفع من الاحتلال الاسرائيلي آنذاك، ما سمح بانتخاب شقيق بشير، امين الجميل رئيسا.

على خطى والده، امتنع تمام سلام عن الترشح الى الانتخابات النيابية العام 1992، تضامنا مع quot;شركائه في الوطنquot; المسيحيين الذين قاطعوا انتخابات قالوا يومها ان نتائجها مقررة سلفا من سوريا، quot;قوة الوصايةquot; آنذاك على لبنان.

وفاز بمقعد نيابي العام 1996 ليعود فيخسره العام 2000 في مواجهة رفيق الحريري، والد سعد الحريري، الذي فازت لوائحه بكل مقاعد العاصمة.

في 2009، تحالف مع سعد الحريري ودخل البرلمان مرة اخرى. وكان عين وزيرا للثقافة العام 2008 في حكومة برئاسة السنيورة المنتمي الى تيار المستقبل برئاسة الحريري.

طويل، اصلع، وجهه ضاحك اجمالا، يتحدث بصوت خافت ولهجة هادئة ويختار كلماته بعناية.

ولد تمام سلام في 13 ايار/مايو 1945، ووالدته سورية الاصل. تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة الليسيه الفرنسية في بيروت، ثم تابع دروسه التكميلية في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية، والثانوية في مدرسة quot;هاي سكولquot; في برمانا شمال شرق بيروت.

تابع دروسا جامعية في مادة الاقتصاد وادارة الاعمال في انكلترا، ثم عمل في الحقل التجاري لسنوات قليلة. في العام 1982، انتخب رئيسا لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في بيروت، وهو اليوم رئيسها الفخري.

تمام سلام متزوج وله ابن يحمل اسم والده صائب، وابنتان تميمة على اسم والدته وثريا.