عادة ما ( تعرف حقوق الملكية الفكرية بانها تلك الحقوق التي ترد على كل عمل ابداعي مبتكر انتجه العقل البشري في حقول الادآب والفنون والعلوم والصناعة والتجارة وهي حقوق استئثار لمالكها الاستئثار بها قبل الغير مدة من الزمن لقاء الجهد الابداعي والمبتكر الذي مكنه من التوصل الى هذا الحق.
وبحسب الاقسام المتعارف عليها لحقوق الملكية الفكرية بتنوع تخصصاتها وتفرعاتها العديدة كحق الملكية الصناعية والتجارية وحق الملكية الادبية والتي تتضمن هذه الاخيرة حق المصنفات الادبية العائدة الى اصحابها / مؤلفيها والمتفرعة هي الاخرى الى تخصصات ادبية كالرواية والشعر والقصة القصيرة فضلا عن المؤلفات الاخرى من الكتب و الدراسات والبحوث المنشورة والمعترف رسميا بجهات نشرها والتي تتعرض للقراءة والاقتباس من قبل الكثيرين من القراء والباحثين بحسب طبيعة الاقتباس ونوعه اذا كان اقتباسا مباشرا ام غير مباشر مع الاحتفاظ بحق الاشارة البحثية المنهجية الى المصدر الاصل الذي استل منه الباحث ذلك الاقتباس، وبدون تلك الاشارة في هامش الورقة يوصف هذا الاقتباس بالسطو على جهد الاخرين وعدم الاعتراف بحقوقهم وبذلك نجد انفسنا امام قضية سرقة يحاسب عليها القانون.
لكن الذي حصل بعد الانفجار المعرفي في عصرنا هذا والهيمنة الالكترونية العملاقة التي اخذت منه الكثير حتى اللحظة لدرجة انها جعلت من جملة ( العالم بين يديك ) التي كنا نرددها مجازا تعبيريا لم تعد كذلك، بل تحولت هذه الجملة إلى واقع حال نعيش لحظاته أولا بأول عبر استخدامنا ( الانترنت ) الذي بفضله تحول عالمنا الكبير إلى مجرد شاشة زرقاء نقبض عليها في غرفتنا الصغيرة ونتحكم في التنقل خلالها من مكان إلى آخر مخترقين بذلك كل نظريات الزمان والمكان ومتجاوزين كل وسائل الاتصالات القديمة.. ونحن على قناعة تامة ان الانترنت أسبغ على عالمنا صفة ( الرقمية ) في كل شيء وأصبحت هي الوسيلة المهيمنة على شبكة الاتصالات بين أفراد الكون قاطبة، ممن ارتبطوا بعلاقات ( خاصة وعامة ) كلا بحسب اهتمامه، فأصبح الجميع يعرفون كل شيء عن بعضهم ولكن دونما لقاء مادي حقيقي.. فعلا لقد احدث الانترت - وبحسب تنظيرات ماك لوهان في مجال علم الاتصالات وتحديدا في كتابه فهم الاعلام ndash; احدث في سبعينات القرن الماضي حالة توحيد للجهاز العصبي لدى الانسانية جمعاء فيقول : ( كان خطر هتلر او ستالين بمثابة تهديد خارجي، اما خطر التكنولوجيا الالكترونية فهو في كونها تمثل تهديدا داخليا مبطنا...وعلى أي حال لم يحن الوقت لاقتراح التدبير المناسب لذلك مادام التهديدغير شاخص وغير محدد )...
والان وبعد ان اصبح هذا التهديد شاخصا ومحددا لما يزل الفراغ قائما بعدم ( وجود تشريعات قانونية تحكم البيئة الرقمية بصريح النص ) لتردع العدد الغير قليل من المسيئين للفضاء الشبكي ك ( الجواسيس و الاباحيين و واصحاب الافكار المنحرفة الهدامة و القراصنة و لصوص الاموال )...وغيرهم.
تتعرض البحوث العلمية والمقالات المنشورة على الانترنت ( المؤلفات الرقمية ) الى السرقة مثلما كانت تتعرض قبلها المنشورات الورقية.. جريمة السطو ذاتها لان مصداقية الباحث العلمية حتمية التوفر في الحالتين واذا ما اختفت هذه المصداقية يكون الباحث عندها لصا مع سبق الاصرار والترصد بتعبير الحقوقيين.
ويمكننا اجمال عدد من النقاط التي نرى جدية الاشارة اليها تحوطا لهذا الخلل المعرفي العلمي منها : وعي الباحث بالتعامل مع الانترنت في العالم العربي بمعنى الايمان باهداف الانترنت العلمية الثقافية واستخداماته البعيدة عن اغراض الدردشة والعلاقات المؤقتة والعاب الكيمز والتسليات الاخرى وهي كثيرة. كذلك تجدر الاشارة الى اشكالية وعي (الاستاذ الجامعي ) قبل الطالب الباحث / مابين التوجيه والمنع، لان جهل التعامل مع الانترنت اذا ماغاب عند الاول فسيحرم الثاني منه بل ويمنع بالاكراه ويحرم من هذا الفضاء العلمي الشبكي المهم الذي وجد لخدمة البحث العلمي والثقافة لا غير.
هذه السرقات تجعل من الكثيرين يتخوفون من نشر ابحاثهم ومقالاتهم عبر الشبكة الالكترونية خوفا من تعرضها للسطو والسرقة.. كذلك ومن خلال تتبعنا واهتمامنا بهذا الموضوع لخطورته وحساسيته على مستقبل بحوثنا العلمية الجامعية وعلاقة ذلك بمصداقية الباحث التي يجب فلم نعثر او نتفق على نص ما توجيهي او تعليمي يساعد الباحث على طريقة اقتباس واضحة وممنهجة قانونيا وعلميا حول كيفية الاشارة الى المصدر..الى الان مجرد اجتهادات لا اكثر.. الامر الذي يؤدي بالتالي الى الارتباك في تقديم الادلة التي تدين الباحث / السارق مثل حذف او غياب الموقع او رفعه من الشبكة لاسباب كثيرة وهذا معمول به فعلا. هذا الى جانب عدم توفر التقنيات اللازمة في المؤسسات البحثية وفي قاعات المناقشات لرسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه في جامعاتنا العراقية.
في ضوء ماتقدم نرى ضرورة نشر ثقافة رقمية في الوسط الجامعي وتاسيس المنتديات والجمعيات الخاصة بذلك الهدف العلمي المهم، والمهم الذي يراه كاتب هذه السطور هو : ادخال مادة الثقافة الرقمية ضمن المناهج المقررة في الدراسات الجامعية العراقية في كافة تخصصاتها ومراحلها الدراسية.
جامعة بابل
التعليقات