كبشر نولد ونموت بدون خيار لديننا أو لوننا وعرقنا.. وفي أوطاننا الإسلاميه العربية نجرد من بقية الخيارات.. وندرس المواد الدينيه المكثفه محرومين حتى من التساؤل.. وبدون أية فرصه للبحث الموضوعي فيما ندرسه ومع الزمن تنتفي قدرتنا على التساؤل أو النقد.. إضافة إلى الحذر وإجتناب الآخر المختلف دينيا..


قبل أيام أطلق شيخ الفتاوي القرضاوي عقيرته منبها المسلمين بأنه لا يجوز الإحتفال بأعياد الميلاد ولا بالسنة الجديده.. محرما على المسلمين البهجه والسرور الذي تدخله شجرة الميلاد على قلوب الأطفال وما ترمز له من مشاركه دينيه بالفرحه مع المسيحيين إضافة ما لدور هذه الأعياد في إنعاش الحركه الإقتصاديه التي يتعيش منها أصحاب المحلات.. أي بمعنى آخر تداول وتقاسم لقمة العيش التي لا يختلف إنسان عن آخر في الكد لتأمينها لتصل إلى أكبر عدد ممكن..بمعنى، ما حرمه الشيخ القرضاوي على البيوت الجائعه. واليوم وعلى صفحات إيلاف 25-12 تطالب أعلى مؤسسة دينية يهودية في إسرائيل الفنادق والمطاعم والمقاهي الامتناع عن وضع رموز دينية مسيحية مثل شجرة الميلاد ودمى بابا نويل وذلك من أجل القيم اليهودية.


سيدي القارىء..
خلال معركة المآذن في سويسرا لفت نظري تعليق لأحد أكبر رجال الدين اليهودي في اوروبا، الراباي جيليس بيرنهايم. في مجلة لوفيغارو الفرنسيه يوم 29 نوفمبر حيث صرح بأن نتيجة الإستفتاء السويسري الذي أصر على رفض بناء المآذن الإسلاميه، أظهر أن هناك ازمة حقيقيه لدي الشعب السويسري الذي تعودنا قدرته على الإحتمال والإختلاف.. ويذكرنا ببداية ظهور العنصرية ضد اليهود في الماضي.. ودعا الراباي إلى زيادة الجهود من أجل تعزيز الحوارات بين الأديان جميعها.. ومساندة المسلمين ورفض أي شكل من أشكال التحامل عليهم... وهي لفتة مساندة أقدرها.. ما يثير دهشتي تأثر الراباي بحرمان المسلمين من بناء الرموز الدينيه (مآذنهم) الصماء بينما لم يتأثر لفتاوي تشريع القتل ضد الإنسان التي صدرت في إسرائيل مؤخرا وتضمنت..


quot;الشريعة اليهودية تبيح قصف التجمعات السكانية المدنية الفلسطينية، والتوراة تجيز إطلاق قذائف على مصدر النيران حتى لو كان يتواجد فيه سكان مدنيونquot; وهي مسوغات فقهية تسمح بقتل غير اليهود وفق الشريعة اليهودية.


لم يتأثر هو وغيره من رجال الدين والفتاوي حين صدرت فتوى خطيره يوم 6 مارس/آذار 2008 ووقع عليها عدد من كبار الحاخامات اليهود الذين يشكلون ما يعرف باسم quot;رابطة حاخامات أرض إسرائيلquot; برئاسة الحاخام دوف ليئور والتي أباحت للجيش الإسرائيلي قصف التجمعات السكانية الفلسطينية بدون تمييز،
وأخرى صدرت في 13 يونيو/حزيران 2008 حيث أصدر 15 حاخاماً برئاسة الحاخام يعكوف يوسف نجل الرئيس الروحي لحركة quot;شاسquot; الحاخام عفوديا يوسف، فتوى صريحة تدعو للمس بالمدنيين الفلسطينيين بعد كل عمل مقاوم يستهدف يهوداً، حيث أجازت الفتوى أيضاً تدمير ممتلكات المدنيين الفلسطينيين على اعتبار أن هذا السلوك يمثل عملاً quot;رادعاً يوضح للفلسطينيين الثمن الباهظ الذي تنطوي عليه محاولة المس باليهودquot;.. quot;quot;


أين هي القيم اليهوديه؟؟؟ كلها فتاوي شرعتها الديانه اليهوديه لقتل بشر في رأي أهم من رموز دينيه صماء.. فتاوي تشرع وتهدم لمستقبل أية إنسانيه ولا تقل خطورة عن فتاوي بعض فقهاء الدين الإسلامي في موضوع الجهاد وربطه المتواصل بالحروب الصليبيه لإعطائه الشرعيه..


كلها فتاوي من رجال دين نصبوا أنفسهم و كلاء بين الخالق والمخلوق والخالق برىء مما يقولونه.. أهم ما في الموضوع تصريح عوفر كوهين (أحد أكبر الحاخامت ) بأن الحاخاميه تدرس إمكانية نشر أسماء الفنادق والمطاعم والمحال التجاريه التي تضع رموزا دينيه مسيحيه والدعوة إلى مقاطعتها..


ترى وإن حصل ذلك كيف سيعتاش أصحاب تلك المحلات.. كيف سيعتاش أصحاب المحلات في مصر الذين يعانون من الأزمه الإقتصاديه الخانقه إن لم نتضامن ونحتفل جميعا بكل الأعياد..
بالتأكيد سيكون لهذه الفتوى اليهوديه تداعيات دبلوماسيه.. لتزيد من فضائح إسرائيل وإدعائها بالديمقراطيه.. ولكن هذا لا ينفي أننا أيضا متشاركون في غياب الديمقراطيه عن المجتمعات العربيه أيضا.


ويبدو أن أحد أهم إفرازات الترابط العالمي المرئي والإعلامي هو وضع السؤال الأهم في حياة البشريه وهو هل نستطيع التعايش في القريه العالميه ونبقى ضحايا لفتاوي فقهاء الدين فما بين نفي حق الحريه في إعتناق أي دين.. وبين آخر ينفي حرية إحتفال الآخر بدينه.. أنتظر اليوم الذي تفتح فيه كل بيوت العباده بدون تفرقة لكل من يريد من البشر التقرب لله.. الذي أؤمن بأنه موجود في كل مكان.. إن وجدناه في قلوبنا... بدون أي وسطاء أو فقهاء......ولكن يبقى السؤال الذي يؤرقني..
كيف سنعيش في مجتمعات تفرق ولا تؤلف.. بإسم الدين وبإسم إختلافنا.. ونحن لسنا إلا بشر مخلوقات الله في أرض الله...؟؟

باحثه وناشطه في حقوق الإنسان