الانذار المبطن الذي وجهه النظام الايراني للغرب بدراسة مقترحاته و الرد عليها خلال مهلة قدرها شهر واحد فقط، أثبتت بوضوح ليست اللاأبالية الايرانية بعدم جدية الموقف الغربي فحسب وانما استهانة و استخفاف طهران بکل ماصدر او يصدر عن المجتمع الدولي بخصوص برنامجه النووي. وفي الوقت الذي کان المحللون و المراقبون السياسيون منشغلون بالبحث في الخيارات الدولية الصعبة التي ستتخذ ضد النظام الايراني على خلفية تصعيداته غير العادية على صعيد برنامجه النووي، فإن طهران باغتت العالم کله بردها العنيف(المبالغ في استخفافه)والذي هو موجه بشکل خاص الى الرئيس الامريکي باراك اوباما الذي يبدو انه سيبقى أسير حالة بحث و دراسة الخيارات المتاحة ضد النظام الايراني حتى يدخل المحفل النووي رغم أنفه وانف الارادة الامريکية.


الرد الايراني القوي، يحمل في ثناياه الکثير من المعاني الخاصة والتي أهمها ان هذا النظام قد إجتاز مرحلة لعبة القط و الفأر في تعامل المجتمع الدولي معه وهو حاليا يتعامل مع المجتمع الدولي بصورة الند للند، او بکلمة أخرى قط أمام قط، فلم يعد هناك قط غربي يذعر منه فأر إيراني وانما هناك قط إيراني ويمتلك الکثير من المخالب التي يبدو أنها ترعب الکثيرين بشکل عام و شخص الرئيس اوباما بشکل خاص.


ان التهديدات الغربية بشکل عام و الامريکية منها بشکل خاص، جاء اليوم الذي تبدو فيه على حقيقتها ومن دون أية رتوش، تهديدات ليست تحمل في ثناياها أية أرضية قوية تستند عليها لحمل طهران على الامتثال لها، تهديدات قد يکون أفضل تشبيه لها الاستهانات المستمرة لملالي طهران و مسؤوليها بها وحقا فإنها تهديدات خرقاء جوفاء فارغة من أية معان سوى إضاعة و قتل الوقت الذي کان و سيبقى لصالح النظام الايراني. وفي الوقت الذي کانت التهديدات الدولية ضد دول مثل العراق و ليبيا وحتى السودان، بالغة الجدية بحيث أثبتت فعاليتها على أzwnj;رض الواقع، فإن التهديدات الموجهة ضد طهران لم تکن کذلك أبدا وانما کانت تمويهية و هلامية وتحتمل اکثر من تأويل وهذا ماکان يشکل نقطة الضعف و الخلل الاساسي فيها وهو امر من شأنه أن يدفع الدول العربية و الاسلامية لملاحظته و دراسته بعمق.


والامر المهم الذي لابد من ان نلفت النظر إليه بشدة، هو ان کشف البرنامج النووي الايراني لم يکن من جانب اجهزة الاستخبارات الدولية وانما قد جائت اساسا من جانب منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة التي تثبت يوما بعد آخر فعاليتها و دورها القوي على الساحة الايرانية وان ماکشفته هذه المنظمة و تکشفه من أمور متعلقة بحقيقة و واقع البرنامج النووي الايراني المثير للقلق، يثبت بأن النظام الايراني قد کان يمارس عملية تضليل و خداع کبيرة للمجتمع الدولي وحري بتلك الاجهزة أن تدرس سبب إخفاقاتها بهذا الخصوص سيما وانها کانت قد أطلقت خلال الاعوام الماضية الکثير من التأکيدات التي أصرت على أن النظام الايراني أبعد مايکون عن الوصول الى إمتلاك التقنية اللازمة لإنتاج الاسلحة النووية لکن الايام و منظمة مجاهدي خلق قد أثبتت سقم و خواء هذا التصور الاستخباري الوردي عن نظام متمرس في تصدير العنف و الارهاب الى مختلف دول العالم وحتى ان إمتلاکه للسلاح النووي يصب اساسا في مجرى استخدامه من أجل إملائات مختلفة الاشکال و المضامين على دول العالم بشکل عام و دول المنطقة بشکل خاص.
واضح أن المأزق الغربي حيال المشهد الايراني کبير جدا وان لعبة الخيارات(السلمية)و(الحضارية)مع نظام لايؤمن بکليهما من الاساس، قد وصلت الى طريق مسدود ولاتقود مثل هذه الخيارات(الورقية)و(اللفظية)سوى الى المفترق النووي الايراني وعندها فليس هنالك من خيار غير ملاطفة القط الايراني و تدليله خوفا من مخالبه التي تهدد الجميع من دون إستثناء.