لم يستمر عملي في منظمة العفو الدولية في السويد إلا شهراً واحداً وذلك لعدم اقتناعي بطريقة مواجهة الدكتاتوريات التي تعتقل شعوبها بالكتابة إليهم أو إلى مكاتبهم التي تصدر القرارات الظالمة، فلا يكفي أن تواجه القتل الجماعي والاعتقالات لشعب ما في أي بلد برسائل مطبوعة على ورق ملون ترسل إلى مرتكب الجريمة، بل يفترض أن تكون المواجهة أكثر قوة واشد صرامة من رسائل وبيانات الاستنكار!.

بيانات الاستنكار هذه نسمعها من المسؤولين في الحكومة العراقية في كل مرة يتم تنفيذ فيها عمليات إرهابية بحق العراقيين، وإذا كان كتابة بيانات الاستنكار من طبيعة عمل منظمة العفو فان العراقيين يقولون إن ذلك ليس من اولويات الحكومة لأنها (إي الحكومة العراقية ) ليست جمعية خيرية او منظمة مجتمع مدني، ذلك أن من اولويات الحكومة هي منع وقوع الجريمة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ثم إن حدثت فعليها إلقاء القبض على المجرمين وبعدها محاكمتهم وعرضهم على وسائل الإعلام لكي يكونوا عبرة لغيرهم ثم تنفيذ الأحكام التي صدرت بحقهم وعرضها على الملأ لتردع الآخرين من الإرهابيين الذين ينتظرون دورهم لتنفيذ عمليات إرهابية في المدن العراقية لقتل العراقيين.

ويقارن المواطن العراقي بين الجهات التنفيذية في الحكومة العراقية والجهات التنفيذية في حكومات بعض الدول المجاورة كإيران التي أعدمت منفذي ( تفجيرات زهدان ) والأردن عاقبت منفذي تفجيرات فندق لاندمارك بعمان دون تردد ومصر أصدرت أحكاما بمنفذي تفجيرات شرم الشيخ.. ونظرة سريعة على ما فعلته الدول المتحضرة والعريقة بتطبيق الديمقراطية كالولايات المتحدة وطريقة تعاملها مع المجاميع الإرهابية بعد جرائم 11 سيتمبر، وبريطانيا في تعاملها مع الإرهاب والإرهابيين بعد تفجيرات قطارات الأنفاق بلندن.. سنرى ان الدول المذكورة تقوم بمعاقبة المجرمين ومحاكمتهم وإعلان ذلك على الملأ بينما تبقى ملفات الإرهابيين وجرائمهم على رفوف الجهات التنفيذية في الحكومة العراقية لتدخل في مشاريع سياسية (كالمصالحة الوطنية ) بينما يهدر الدم العراقي يوميا في الأماكن العامة.!!.

ويتساءل العراقيون عن الأسباب التي تمنع الحكومة من معاقبة المجرمين،،كما يتساءل أهالي الضحايا إن كانت الحكومة بحاجة إلى دعم شعبي للتظاهر من اجل تقويتها كي تعاقب المجرمين لان الطرف المعترض قد يكون قويا أو يلوح بالقوة..؟؟ أو ربما يهدد بتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية باستهداف العراقيين،لتحريضهم ضد الحكومة العراقية أو ضد العملية السياسية خصوصا وان العراق مقبل على انتخابات برلمانية جديدة، فكيف سيصوت الناخب العراقي للمرشحين الذين يتبوأ كثير منهم مراكز مهمة في الحكومة وهم لا يستطيعون حماية الناخب أو حماية منشآت الدولة.

وهنا يستنتج المواطن العراقي المتضرر ان الحديث عن تطبيق العدالة من قبل الجهات التنفيذية في الحكومة العراقية يصبح متناقضا إذا لم يتم معاقبة المجرمين وإذا لم تتحمل الحكومة برئاساتها الثلاث مسؤولية الدم العراقي وإذا لم تتحمل الوزارات المعنية المسؤولية الأكبر في عدم الاستجابة لمطالب ضحايا الإرهاب وهي معاقبة الإرهابيين.

ويحدد الشرع الإسلامي والقوانين المدنية المسؤولية الشرعية والقانونية للشخص (الحكومة بالطبع ) المعني بإدارة الدولة ( في بلاد المسلمين ) كالعراق مثلا بان عليه ان يرعى المواطنين كابناءه وكعائلته فهل سيكتفي المسؤول بالدولة بإصدار بيان استنكار إذا ما تعرض احد أفراد عائلته للقتل او الخطف او تضرر بسبب عبوة ناسفة او سيارة مفخخة لا سمح الله؟ آم إن أولاد الناس ( الرعية ) ليسوا كأولاده؟ وقد تكون الإجابة معروفة لمن يقرأ فكرة المقال لكن الناس مع ذلك بانتظار الإجابة العملية من قبل المسؤولين وذلك بمعاقبة الإرهابيين بدلاً من إصدار بيانات الاستنكار خصوصاً مع وجود قانون مكافحة الإرهاب والصلاحيات التي كفلها الدستور العراقي.

[email protected]