کثيرة و متنوعة و قوية کانت الادعائات الصادرة من قبل قادة النظام الايراني بخصوص نيتهم في ضرب إسرائيل بل وحتى محوها من الخارطة و الوجود. وبديهي أن المتابعين و المتخصصين بالشأن الايراني و بملف العلاقات الايرانية الاسرائيلية کانوا دوما يوجهون إنتقادات لاذعة بهذا السياق حيث أنهم لم يعتبروا رمي إسرائيل بأيادي غير أياديهم و بوجوه غير وجههم، ماهو إلا إضفاء ضبابية و حالة من الالتباس المقصود على أصل نية النظام الايراني.
وطوال العقود الماضية التي مرت على عمر هذا النظام، و عشية رمضان کل عام، کانوا يقيمون مايسمونه يوم القدس العالمي، والذي وعلى الرغم من کل المظاهر التي تحيط به، لايتعدى عن کونه مجرد بالونة إعلامية للإستهلاکين المحلي و الاسلامي، لأن هذا النظام وعلى أرض الواقع لم يخطو ولو حتى مجرد خطوة فعلية لکي يوجه ولو مجرد طلقة واحدة ضد الکيان الصهيوني، لکن، اليوم وکما علمنا من(مصادر موثوقة) بأن احمدي نجاد سوف يقطع المسافة الطويلة من إيران إلى جنوب لبنان العربي و تحديدا إلى بوابة فاطمة على الحدود مع فلسطين المحتلة على الشريط الشائك ليرمي حجرا على جندي اسرائيلي وبناءا على ذلك سوف لن يقال بعد الان ان النظام الايراني لم يرم حجر على الکيان الصهيوني بصورة مباشرة!!
ان إصرار النظام الايراني على هکذا ممارسات ديماغوجية و غير منطقية و بعيدة کل البعد عن أصل المسألة و جوهر القضية، هو تلاعب مکشوف و قفز واضح على الحقائق و تجاوز واقع المشکلة و اساسها، وان زيارة احمدي نجاد من أساسها للبنان هي لعبة إعلامية يراد منها ذر الرماد في العيون و منح نوعا من التصعيد للصراع الايراني الاسرائيلي القائم من أساسه على مديات و حدود نفوذ کل منهما في المنطقة وليس له اي علاقة بمضامين و مباني دينية کما يسعى النظام الايراني لإظهار ذلك، وان هذه الزيارة هي وبکل المقاييس ليس بإمکانها ان تکون مفيدة للبنان و المنطقة بقدر ماستلحق بکلا بهما أضرارا و تساهم في إضفاء المزيد من القلق و التوجس على الموقف.
النظام الايراني الذي سعى و يسعى لکي يظهر نفسه بمظهر حامل راية المقاومة والممانعة و التصدي للکيان الصهيوني، ينکس هذه الراية کلما إقتضت مصالحه و إستدعت الضرورة ذلك(وللضرورات أحکام!)، بل وانه مستعد حتى لتمزيقها لو وجد الطرف الاخر متفهما و متقبلا لمساحة النفوذ التي يرتجيها في المنطقة.
اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ومن خلال استقرائنا لمجريات الامور و أبجديات الاوضاع المعقدة في لبنان و المنطقة، نؤکد بأن زيارة احمدي نجاد لن تکون سوى حلقة أخرى من حلقات المزيد من تعقيد الاوضاع و إيصالها الى حافة الازمة و الانفجار في غير وقته وبديهي أن ذلك لن يکون مفيدا إلا لأجندة خاصة لاعلاقة لها البتة بمصالح و أهداف لبنان و الوطن العربي و القضية الفلسطينية نفسها قبل کل ذلك واننا نرفض هذه الزيارة جملة و تفصيلا و ندعو لإلغائها من أجل مصلحة لبنان و المنطقة، وان اولئك الذين يريدون محو اسرائيل من خارطة الوجود ليذهبوا و يفعلوا مايدعونه بعيدا عن الارض اللبنانية و عموم الارض العربية لأن لبنان و شعب لبنان قد دفع ثمنا باهضا من جراء مواجهات وهمية و کاذبة و مزيفة مع الکيان الغاصب لأرض فلسطين.
*المرجع الإسلامي للشيعة العرب.
- آخر تحديث :
التعليقات