عندما يحين منتصف الليل يكون سكان أربيل عاصمة الإقليم على موعد يتجدد كل يوم مع إنطفاء الكهرباء لساعة أو ساعتين، فتغرق هذه العاصمة في ظلام دامس فيما عدا الفنادق الشاهقة من الدرجة الأولى التي يتنعم نزلائها بكهرباء مستمر..
وبما أن الكرد عموما لم يعتادوا السهر متأخرين، فأن معظمهم يلزمون بيوتهم بعد ساعات الغروب إلا فيما ندر، وبذلك فإن الحركة تنعدم في شوارع مدن كردستان ماعدا بعض المرافق الترفيهية التي يرتادها أبناء الموسرين وهم في أغلبيتهم من أبناء المسؤولين، أو عدد من الفنادق التي يكون معظم نزلائها من الوفود الأجنبية خاصة في السنوات الاخيرة، وهذا يعني بأن هؤلاء معا، الوفود الأجنبية وإبناء الذوات سوف لا يشعرون بالمعاناة اليومية لمواطني كردستان مع إنعدام الكهرباء لساعات طويلة أثناء الليل، حتى وإن فاقت درجات الحرارة نسبا تحرم النوم من أعين أطفالهم.ولا يعدم أن يكون الأمر مخططا ومتعدما، أي عدم قطع الكهرباء عن تلك الفنادق حتى لا تشعر تلك الوفود بإخفاقات حكومة الإقليم في أبسط إلتزاماتها تجاه مواطنيها وهو توفير الكهرباء لهم!!
لا يقتصر قطع الكهرباء الليلي عن بيوت المواطنين بساعات النوم فقط، بل يكاد التجهيز النهاري يكون معدوما على رغم الوعود الكثيرة من حكومة الإقليم بزيادة ساعات التجهيز، فلولا المولدات الأهلية الموزعة على أحياء مدن كردستان والتي تنوب ويا للغرابة عن حكومة الإقليم بتحمل عبء كبير في تجهيز الكهرباء لبيوت المواطنين، لعجزت هذه الحكومة من توفير أكثر من ست ساعات من تجهيز مستمر للكهرباء رغم أنها تمتلك العديد من المحطات التي تنتج آلاف الميغاواطات من الطاقة.
السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل هناك مشكلة في توفير الوقود لمحطات التوليد، أم أن حكومة الإقليم تنتهج سياسة quot; جوع كلبك يتبعكquot; من خلال إختلاق الأزمات لإشغال المواطنين كما يعتقد البعض بذلك؟.
فحكومة الإقليم عندما نشب الجدال قبل عدة اشهر حول تهريب نفطها الى إيران، إدعت بأن الكميات المهربة ليست نفط خام، بل هي مشتقات نفطية زائدة عن حاجة الإقليم، إذا كان ذلك الإدعاء صحيحا إذن أين المشكلة ما دامت هناك كميات أكبر من المطلوب تكفي لسد حاجة الإقليم؟ وما سبب توقف محطات التوليد الحكومية عن تجهيز الكهرباء؟ وما سبب تلك الإنقطاعات المتكررة يوميا ما دام الوقود متوفرا؟ بل ما سبب عدم قدرة الحكومة الإقليمية من توفير الطاقة الكهربائية اللازمة على مدار 24 ساعة كما في جميع دول العالم؟.
هذه الحكومة التي يقودها برهم صالح وهو quot; مهندس quot; يصفها الكثيرون بأنها حكومة quot; تكنوقراطquot; وأن معظم وزرائها هم من خيرة العقول والإختصاصات في إدارة شؤون الإقليم، ولكن هذه الحكومة بجلالة قدرها لم تستطع أن تنافس حتى أصحاب المولدات الأهلية الصغيرة بتوفير الطاقة الضرورية لبيوت المواطنين.
أليس غريبا أن تتسلم حكومة كل سنة أكثر من ثماني مليارات دولارات، وتكون أحوال ومعاناة مواطنيها مع تجهيز الكهرباء في سنوات الألفية الثالثة بحاجة الى عفريت مصباح علاءالدين ليطلب منه مواطنو كردستان تحقيق إمنيتهم بوقف إلإنقطاع المتكرر للكهرباء.
بحسب البرنامج التي فرضته حكومة الإقليم على أصحاب المولدات الأهلية، فأن تلك المولدات أرغمت على تجهيز بيوت المواطنين من الساعة الخامسة مساءا وحتى الساعة 12 ليلا أي بمعدل سبع ساعات يوميا، ثم يليها التجهيز من المحطات الحكومية، ولكن لاحظنا بأنه لا تمر إلا ساعة أو ساعتين حتى يحدث قطع للكهرباء وكأن قدرة هذه المولدات لا تحتمل سوى تجهيز الكهرباء لساعتين، ولو كان الأمر كذلك فما جدوى صرف كل هذه الملايين من الدولارات على بناء محطة لا تستطيع تجهيز المدينة لأكثر من ساعتين من الكهرباء.
الكهرباء أصبحت نعمة العصر لا يمكن لأي إنسان أن يعيش من دونها، فمتى ستشعر حكومتنا الإقليمية الرشيدة بأنها مسؤولة عن إدامة هذه النعمة لمواطنيها وأن مسؤوليتها تتحدد بتوفير جميع مستلزمات الحياة أمامهم، وإلا فما الداعي لأن تدعي زورا وبهتانا أنها حكومة الخدمات وأنها في خدمة الشعب؟!!.
التعليقات