لاابالغ اذا قلت ان القائمة العراقية هي اكثر القوائم البرلمانية واعلى صوت يردد الشعارات quot; الوطنية والقومية quot; وبشكل هستيري في بعض المواقف وفي معظم الاحيان ليس في المكان المناسب، ومن يعرف رموز القائمة العراقية quot; وبنيتها التحتية quot; يعرف جيدا لماذا هذا التواصل التاريخي المزمن في العراق لهذه الشعارات والتي اصبحت مستهلكة جدا. فرموز القائمة الحقيقيين هم الهاشمي والعيساوي والمطلك والنجيفي وهولاء هم أساس هذه القائمة وبالتالي اساس هذه الشعارات التي تحاول اغتصاب الوطنية العراقية والقومية العربية واختزالها بصفهم المكشوف على الاخر.... اما رئيس القائمة العراقية الدكتور اياد علاوي فهو وكما كتبت في مقالة سابقة بعد اعلان نتائج الانتخابات مباشرة هو عبارة عن محاولة بناء جسر من هولاء ومن بعض الدول العربية ومعهم تركيا للوصول الى سدة الحكم وبعدها تكون التقسيمات التي سيكون فيها علاوي كما هو الان الخاسر الاكبر، وهذه مفارقة غريبة ومؤلمة بحق الدكتور اياد علاوي حيث يكون رئيس القائمة الفائزة لكنه هو فعلا الخاسر الاكبر بين كل القوائم الاخرى والاسباب كثيرة لكن قد يكون أهمها ان اصحاب الصوت العالي في الشعارات الوطنية والقومية المزعومة لديهم أجندات خاصة ومتقاطعة الى حد يجعل من نفس القائمة قابلة للتشظي والتفرع في اقرب فرصة ممكنة بعد تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة، اما سبب توحدهم الاضطراري والقسري المستمر حتى هذه اللحظة فهو اولا بسبب ضغوطات الداعمين من دول الاقليم وايضا نوع من الانتظار الاضطراري حتى تحين ساعة توزيع المكاسب وحينها سيكون لكل موضوع تصريح وشعار ووجوه اخرى!

في عراق اليوم تم تثبيت ركائز تاريخية ديمغرافية كانت تعاني من خلل عظيم منذ تكون العراق وحتى نيسان 2003 واكاد اجزم ان كل مصائب العراق وكوارثة كانت بسبب هذا الخلل الانساني والتاريخي والدستوري، لذلك التصور بانه من اليسير والسهل الالتفاف على أسس بناء التاريخ العراقي الجديد هي طامة كبرى على اصحابها قبل غيرهم لان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء لا على ظهر الدكتور اياد علاوي ولا حتى على ضعف الخبرة السياسية التي تعاني منها قوائم واحزاب تمثل الغالبية المطلقة للسكان في العراق. فالامور حسمت في الاتجاه الصحيح والعقارب اذا كان هناك من يصر على ارجاعها فقد يكون الاولى تكسير وتهشيم هذه العقارب من الاساس وبالتالي سيكون امامنا اكثر من عراق، هذا واقع سوف يتحقق مع اقرب فرصة او سعي لعودة عقارب الساعة الى الوراء، قد يحسب البعض هذا التصور او التحليل كفر بحق العراق الواحد لكن الاولى البحث عن اسباب انطلاق هذا الكفر quot; اذا صدقت التسمية quot; ومع التذكير ان ناقل الكفر ليس بكافر. لان الشعارات لم تعد تنطلي على أبسط الناس وايضا يجب الوعي التام لخطورة اللعب بنار عقارب ساعة العراق التي تخطت اشواط مهمة وجوهرية في الاتجاه الصحيح بعد نيسان 2003.

الدكتور اياد علاوي شخصية مهمة ويملك من الامكانيات الشخصية والعلاقات السياسية التي لايمكن الاستهانه بها الا من قبل الجهلة في عالم السياسة، والواقع السياسي والاجتماعي والسكاني في العراق قد يفرض حقيقة ان علاوي هو الابعد عن منصب رئيس الحكومة العراقية وايضا ان رموز قائمته لايعترفون له بمنصب سيادي رفيع لانهم حينها سيتحولون من الشعارات الوطنية والقومية المزعومة الى المطالب الطائفية الضيقة وهذا بالضبط ماحدث قبل خمسة اعوام وحين تشكيل حكومة المالكي الاولى حيث تم الاقتراح بان يكون علاوي هو النائب الثاني لرئيس الجمهورية اضافة للدكتور عادل عبد المهدي لكن برز موقف غير غريب على من يعرف حقائق وجوهر هذه الشعارات الرنانة فقال احدهم وهو ينقل موقف رسمي حينها ونصا quot; ان اياد علاوي لايمثل السنة العرب حتى وان كانت قائمته سنية لذلك نحن أولى بهذا المنصب.. !!quot; فتم اقصاء الرجل ولم يحصل على منصب يعتد به، فكان فعلا جسرا لوصول هولاء للمناصب الحساسة والخطيرة في عراق اليوم.

اليوم وبعد ان اصبح من المؤكد ان رئاسة الحكومة المقبلة ستكون للتحالف الوطني بموجب الحق الدستوري والقانوني فان المحنة الحقيقية التي تعاني منها القائمة العراقية لايمكن الاسهانه بها، لان موقفهم مع الدكتور علاوي سيكون امام امتحان عسير لاتنفع معه التصريحات الناعمة او السكوت المريب او الهروب بطريقة النعامة فالرجل حصل على نسبة كبيرة من الاصوات وجاء بالمركز الثاني بعد السيد المالكي وهو ايضا رئيس القائمة دون منازع، لذلك قواعد اللعبة السابقة لم تعد تجدي نفعا وعلى اصحاب الشعارات الوطنية والقومية اثبات صدقهم وصدق شعاراتهم وان لاينحدروا الى قاع الطائفية والاستكون كل السبعة الاشهر الماضية ليس سوى... شعارات مزيفة وتخديش للاذان وتلاعب بالمشاعر الوطنية والقومية لجمهور القائمة العراقية ويكون في مقدمة الضحايا الدكتور اياد علاوي.


[email protected]