لسنا ندعي بأنه لم تکن هنالك خلافات مذهبية او طائفية في الوطن العربي و العالم الإسلامي، لکننا نؤکد بأن تلك الخلافات بالفروع وليست بالأصول ولم تکن تتجاوز حالات محلية ضيقة ناجمة عن الجهل و التعصب و الانغلاق في أغلب الاحيان ولم تکن مطلقا بمقدورها الاتساع و فرض نفسها کظاهرة او کأمر واقع.

الخلافات المذهبية(والعرقية و الدينية أيضا)، کانت دوما تثير إنتباه و فضول القوى الطامعة او المتربصة شرا بالعرب و المسلمين، وکانتquot;وبالاستناد للأرضية العقائدية المتينة و الحمية و الغيرة الاستثنائية للأمة الاسلاميةquot;، تدفعهم و تحثهم للبحث عن أية ثغرة او فجوة يتسللون منها لداخل البنيان الاجتماعي الفکري والسياسي و نفث سمومهم الکريهة من أجل الوصول الى غاياتهم و اهدافهم المتعارضة مع مصالح و أهداف المسلمين عموما.

ان إيلاء المسألة الطائفية و مسألة الاقليات الدينية و العرقية في الوطن العربي و العالم الاسلامي أهمية استثنائية ملفتة للنظر من جانب مختلف القوى و الجهات الاقليمية و الدولية المعادية، وحتى ان هناك دوائر و اوساط مختصة لاهم لها سوى إعداد الدراسات و البحوث عن أفضل الطرق و الاساليب التي يمکن إتباعها من أجل إبقاء الامة الاسلامية منشغلة بنفسها و لاتفکر او تتمعن فيما يعد او يخطط لها من جانب الاعداء، وحتى ان بدايات الاجتياح الاستعماري للوطن العربي و العالم الاسلامي شهدت ترکيزا مکثفا على هذه المسألة و منحها الاولوين قياسا لکل المسائل الاخرى التي يمکن توظيفها من أجل التسلل الى العمق العربي و الاسلامي و إقامة مناطق و مراکز للنفوذ، لکن، عودة المسألة الطائفية و لاسيما من زاوية الترکيز على الاختلافات بين الطائفتين السنّية و الشيعية و اللتين هما بالاساس دعامتي الاسلام الرئيسيتين و هما يشکلان معا سدا منيعا بوجه کافة الاعداء و الطامعين وليس بالامکان مطلقا إختراقهما إلا باللجوء للألاعيب و الدسائس و المؤامرات و المخططات القذرة و المشبوهة، کانت متزامنة مع إقامة نظام ولاية الفقيه في إيران والذي قام ومنذ الايام الاولى لترسيخ رکائزه بسلوك نهج أقل مايقال عنه غريب و مشبوه، حيث أنه إعتمد و بشکل ملفت للنظر على إثارة النعرات الطائفية و الترکيز على الاختلافات الشکلية والفرعية بين السنّة و الشيعة و جعلها تبدو وکأنها صميمية و ليس بالمکان مطلقا معالجتها أو تخفيفها ولو بالحوار.

وقد کان لإثارة الطائفية السنية داخل إيران ولاسيما في المناطق الغربية و الشرقية منها بوجه خاص، أکثر من دليل دامغ على النهج غير السليم للنظام الجديد في إيران. بيد ان إثارة النعرات الطائفية لم تتحدد بالداخل الايراني، ذلك أن النظام طفق ينفث سموم الاختلاف الطائفي عبر منافذ متباينة أهمها حملاته المختلفة لتغيير الترکيبة الاجتماعية الفکرية القائمة منذ مئات السنين و جعلها تبدو بشکل و مضمونين مختلفين عن ماهي عليها، وقد کانت هذه المحاولات واضحة في السودان و المغرب العربي بشکل خاص، وفي عموم الوطن العربي بشکل خاص، وحتى أن ترکيز النظام الايراني على کتب و مؤلفات تتحدث علنا و بشکل مکشوف عن مسائل الاختلاف و من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر کتاب(ثم أهتديت)، لتونسي غير مذهبه من سني الى شيعي، حيث تم طبع هذا الکتاب بشکل واسع بحيث تجاوز مئات الالوف من النسخ وتم توزيعه هنا وهناك عبر مختلف المنافذ و الطرق و السبل و الوسائل، وقد رکز النظام بشکل خاص على مفردة(الاستبصار)، إذ صور تشييع السني بأنه إستبصار للحقيقة مما يلفت الانظار الى أن البناء العقائدي للطائفة السنية غير سليمة، وهو امر أثار إستهجان ليس الاوساط السنية لوحدها وانما حتى الغيورين من الطائفة الشيعية من اولئك الذين أنتبهوا للغايات الخبيثة و المشبوهة الکامنة خلف المسألة من أساسها، وقد تأکد لکل هذه الاوساط بأن هنالك غايات سياسية بحتة قائمة خلف هکذا دعوات و محاولات مشبوهة وليست لها أية علاقة بالدين لامن قريب او بعيد، وان علاقات الاخوة المتينة التي ربطت و تربط بين السنة و الشيعة لهي اقوى واعمق و ارسخ بکثير من هذه المخططات و الطروحات المشبوهة وليس هنالك من سنّي أو شيعي لا يرفض هذا الطرح جملة و تفصيلا.

إننا کمرجعية إسلامية للشيعة العرب، نؤکد دائما و أبدا أن الأصل في الإسلام شهادة أن لا اله إلا الله محمد سول الله فمن قالها وامن بها حرم دمه ماله وعرضه وهو مسلم موحد وهذا ما يقول به ويشهد عليه كل المذاهب الإسلامية سنة وشيعة ويعتقدون بالقرآن والصلاة والصيام والحج والزكاة وهو الأصل والجوهر، والباقي فروع واجتهادات ومذاهب وآراء مشروعة و مسموحة وفيها مدعاة للتحرك الفكري الفقهي الكلامي.

فليس هنالك قضية أصولية اسمها الاختلاف بين السنة و الشيعة وإنما هناك أجندة و سياقات سياسية مفتعلة تسعى لتوظيف المسألة من أجل أهداف تکتيکية و إستراتيجية وندعو أبناء الأمة الإسلامية ولاسيما إخواننا من الشيعة العرب في مختلف الأقطار العربية و العالم کله إلى أخذ الحيطة و الحذر و الانتباه جيدا إلى هذه المؤامرة الخبيثة والفصل بين المرام و الأهداف السياسية المشبوهة و بين الأساس النقي الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي الفکري لکلتا الطائفتين وإننا نؤکد للجميع بأنها السياسة المشبوهة فقط وليس هنالك قضية اسمها السنة و الشيعة وان کلا الطائفتين براء من إثارة هکذا قضية مختلقة و خطيرة تهدد الأمن الاجتماعي للأمة العربية، وإننا نعلن أن لا خلاف أصولي جوهري بين السنة والشيعة وعليه يجب الابتعاد عن أي مسلك أو تغطية مذهبية لهذا الحزب أو ذاك الزعيم أو الجماعة حتى لو نسبت نفسها واسمها إلى الله تعالى عم ينسبون{كل حزب بما لديهم فرحون }فهل من متعظ.

*المرجع الاسلامي للشيعة العرب.