شهدت مصر خلال الأسبوعين الماضيين أزمة طائفية ساخنة كادت تعصف بأمن الوطن، لولا حكمة قداسة البابا شنودة الثالث الذي كُتب عليه أن يحمل علي عاتقه دعم وحده أمن وسلامة الوطن.

القصة معروفة للجميع فدعونا نقرأها قراءة هادئة علنا نتجنب تكرارها قبل أن تتحول مصر للبنان أخر أو لسودان أخر.
أولا دعونا نعترف أن نيافة الأنبا بيشوي مفجر هذه الأزمة لا يجيد التعامل مع أجهزة الإعلام، لذا وجب علية أن يتجنب الظهور الإعلامي، فالحديث لأجهزة الإعلام موهبة قد لا يجيدها الكثيرون.

وأجد نفسي في هذا الصدد أكرر مطلب أطالب به منذ أكثر من عشرة سنوات: ألا وهو أن يكون لكل إيبارشية متحدث رسمي علماني (إعلامى محترف) يجيد التعامل مع الإعلام، ففي حالة وقوعه في خطأ يستطيع الأسقف الخروج لتصحيح الخطأ، بينما إن اخطأ الأسقف كما حدث مع الأنبا بيشوي وقبله الأنبا أغابيوس فساعتها يصعب تصحيح الخطأ.

ثانيا: تسبب مؤتمر تثبيت العقيدة في السنوات الأخيرة في بمشاكل كثيرة للكنيسة أثارها نيافة الأنبا بيشوي، مرة مع الكنائس البروتستانتية وأخري مع الكنيسة الكاثوليكية، وتارة داخل الكنيسة الأرثوذكسية نفسها. وشهد الأسبوع الماضي اكبر أزمة عندما تعرض نيافته للقرآن وعقيدة المسلمين، في خطأ لا ينبغي أن يقع فيه رجل دين بمكانة نيافته، والسؤال هنا: quot;ما الجدوى من استمرار مؤتمر يولد كل عام هذا الكم من المشاكل ويؤثر بالسلب في علاقة الكنيسة بالكنائس الأخرى ويثير الاختلاف بين ابناء الكنيسة وبالمسلمين؟؟quot; أرجو من قداسة البابا إلغاء هذا المؤتمر أو اسناده للجنة من الآباء الاساقفة المسنتيرين والقادرين على شرح العقيدة بتوازن والتزام وخصوصا أن قداسته أبدى عدم رضائه عن المؤتمر في لقائه التلفزيوني في برنامج وجهة نظر.

ثالثا: مصر بلد مستهدفة من دول الجوار طمعا في أخذ القيادة من القاهرة لصالح عواصم عربية أخرى... وزعزعة السلام الاجتماعي المصري هو الطريق الذهبي لتحقيق هذا، لتنشغل مصر بصراعات داخلية أملاً في أن يجد الأقزام الطريق مفتوحاً لهم لتولي قيادة المنطقة سياسياً، وهو ما بات الشغل الشاغل لقناة الجزيرة التي تلعبه لصالح قطر- وقطر ليست الدولة الوحيدة الطامعة في ذلك!

رابعا: نمو التيار السلفي أصبح في ازدياد مستمر بنحو ينذر بعودة الحوادث الإرهابية لمصر مرة أخري، فنفس بدايات الحركات السلفية في سبعينيات القرن الماضي عندما بدأت مستهدفة الأقباط ومصالحهم حتي قويت شوكتها فوجهت سمومها للوطن بالكامل، عادت لتطالعنا اليوم، و لكنها في هذه المرة مدعمة من أجهزة إعلام وهابية تمول من دول خليجية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في مصر. لذا أصبح لزاماً على الدولة أن تتصدى لهذا التيار قبل أن تمتد سمومه لتحرق الوطن، كذلك ينبغي على نقابة الصحفيين أن يكون لها وقفة مع صحف الفتنة علي وأن يقوم المجلس الأعلي للصحافة بسحب رخصة إصدار أية صحيفة تهدد الوحدة الوطنية فورا.

خامسا: هناك فرق بين حرية التعبير وحرية الإرهاب، فما حدث في مظاهرة الإسكندرية هو إرهاب، ولو تظاهر هؤلاء في بلد ديمقراطية حرة لتم القبض عليهم، لأن التهديد بالقتل والحرق والتهديد ببرك من الدماء كما جاء بشعارات وهتافات تلك المظاهرة لا يمت لحرية التعبير بصلة بل هو إرهاب واضح وصريح، بدا معه تقاعس الأمن وربما تواطؤه شيئاً غريباً وغير مبرر إلا بأن النظام يستخدم الأقباط quot;للتنفيسquot; عن التيار السلفي الإرهابي.

سادسا: علي الدولة أن تسارع في حل مشاكل الأقليات (أقباط، بهائيين، شيعة وغيرهم) ومساواتهم مساواة كاملة مع الأغلبية السنية وتجريم التمييز ضدهم والسماح لهم بتولي الوظائف العليا وبناء دور عبادتهم بحرية تامة ودمجهم في المؤسسات الحكومية السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية فيؤدي ذلك (لإزدياد إحساس) لتأكيد وتفعيل انتماء أبناء الأقليات بالوطن، كما يخفف من سطوة وتعالي وتجبر وتكبر الأغلبية، ويمنع الأغلبية عن ترهيب وترعيب الأقليات و يدفعهم للتعامل معهم بمنطق الشركاء في الوطن.

سابعاً : مسألة التحول من دين لأخر(الأسلمة والتنصير) أصبحت مسألة شائكة ومن الضروري إيجاد حلول عادلة لها، توضع بواسطة عقلاء الأمة ولأهمية هذه النقطة سوف أتناولها بالتفصيل في مقالي القادم.