عام 1949م سجل التاريخ السياسي والاجتماعي للشعوب حدثا مهما في قارة آسيا وهو انطلاق الثورة الصينية بقيادة الزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ، وبعدها بثلاث سنوات أي في تموز 1952م تم تسجيل حدث آخر لا يقل اهمية في قارة افريقيا، الا وهو الثورة المصرية بقيادة الزعيم القومي جمال عبدالناصر، والمثير ان الثورتين تصنفان على يسار الحركة السياسية في العالم انذاك، وهناك الكثير من التشابهات بين الدولتين والشعبين في ما يتعلق بالتاريخ والحضارة التي تمتد في كليهما الى عدة آلاف من السنين، اضافة الى التشابه في نسب الأمية والفقر وكثافة السكان قياسيا وانخفاض الانتاجية للفرد والمجتمع ابان قيام الثورتين، وربما بعدهما بعدة سنوات ليست طويلة وما حدث في الكوريتين وقبلهما قيام الثورة العراقية في تموز 1958م والكثير من التشابهات بين هذه الدول وانظمتها الاجتماعية المحافظة وما جرى فيها خلال عدة عقود من الزمن المزدحم بالانجازات في بعضها والمتقهقر في بعضها الآخر؟ لقد خاضت حكومات وشعوب تلك الدول حروبا وصراعات وانقسامات وانقلابات وثورات كثيرة متشابهة احيانا ومختلفة الى حد ما في احيان اخرى، لكنها رغم ذلك وبعد ما يزيد على ستين عاما بقليل استطاعت ان تحدث تغييرا نوعيا كبيرا في مسار تقدمها وشكل ومضمون حضارتها وبالذات في الصين العظمى والصغرى في تايوان والاصغر في هونك كونك وما حصل من تطور مذهل في كوريا وماليزيا واندنوسيا وسنغافورا، وإزاء ذلك هل يحق لنا ان نتساءل عن الفروقات بينهم وما حصل خلال ذات الحقبة الزمنية وما انتجته من حصاد هذا اليوم في بلداننا؟ كيف غدت مصر وبعدها العراق وما شابههما من انظمة ودول بقياسات زمنية واجتماعية وسياسية متقاربة كما ذكرنا انفا قياسا الى ما حدث في الصين الصغيرة منها والعظمى، وما نتج في كوريا وكثير من بلدان جنوب شرق اسيا التي لا تختلف كثيرا عن دولنا وشعوبنا؟ اين مراكز القوة في المجموعة الاولى لكي تنتج ما انتجته خلال هذه السنوات وتصل الى ما هو عليه الان في كل من الصين وكوريا الجنوبية وماليزيا واندنوسيا وسنغافورا وغيرهم؟ وفي الطرف الآخر أي في مجموعتنا هنا في الشرق الاوسط عموما ومصر والعراق خاصة أين تكمن نقاط الضعف التي تسببت في هذا الانهيار والتقهقر والانكفاء؟ انها اسئلة مشروعة رغم آلامها ومرارتها ربما بمحاولتنا الاجابة عليها نضع بضعة نقاط ملونة على الاحرف لنزيل بها ثمة بقع داكنة من ظلامات هذه الحقبة في تاريخنا!
- آخر تحديث :
التعليقات