الكثير من الاراء والمقالات التي تنشر في الصحف والمواقع الالكترونية بدأت تشبه نوري المالكي بصدام حسين , على اعتبار ان الثاني رمز للتفرد والديكتاتورية والاقصاء والملاحظ ان هذه الاوصاف بدات تطلق على المالكي قبل الانتخابات وزادت حدتها مع اعلان النتائج والتاخير المارثوني في تشكيل حكومة العراق العتيدة المنتخبة الغائبة المغيبة حتى هذه اللحظة. ومما لاشك فيه ان اصحاب هذه التوصيفات وهذه الحملة هم من المتضررين من بقاء المالكي في موقع رئيس الحكومة العراقية لكن الحقيقة في الوقت الذي يسجل على الرجل الكثير من السلبيات ايضا يسجل له الكثير من الايجابيات وفي عملية موازنة منصفة لايمكن باي حال ان يكون هذا الوصف عادلا او منصفا بل هو وصف ممكن ان يطلق عليه نوع من quot; التسقيط السياسي quot;. خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان اخر تقليعات جماعة الصنم في التسقيط بان يتهموا خصومهم او ممن يدخل في مواجهة معهم نتيجة لموقف وطني او موقف سياسي او شخصي بانه يسير على شاكلة الصنم بل قد يتهم انه فعلا من جماعة quot; الصنم quot;!! ومثل هذه الاساليب الرخيصة اصبحت سوق رائجة في عراق اليوم بين الخصوم السياسيين لكنها تكون مفارقة مضحكة حينما يستخدمها اتباع الصنم أنفسهم لاسقاط خصومهم.
كل عوامل ومستلزمات التشابه بين صدام والمالكي مفقودة تماما لعدة اسباب قد يكون أهمها ان الوضع العراقي الحالي لايحتمل مثل هكذا تقليعة ديكتاتورية وايضا شخصية المالكي ومن يعرفه عن قرب يعرف جيدا انها شخصية لاتميل الى الديكتاتورية او الى النزعة الصنمية لكن بذات الوقت الرجل قوي الشخصية ويريد ان يعطي لهذا المنصب الخطير في عراق اليوم حقه من التثبيت الدستوري والتركيز الشخصي في ظل تناقضات وتشعبات سياسية وطائفية وقومية واجتماعية في البلد لها اول وليس لها اخر. اعتقد ان من أهم النقاط التي تسجل على المالكي في هذا الجانب هي عكس هذه التهمة السياسية الموجهة اليه حيث يبدو في احيان كثيرة وفي بعض المواقف متواضعا الى حدود يطمع بها الاخرون ومن جانب اخر يفسرها البعض بشتى التفسيرات.
صدام جاء بقطار أمريكي وسقط بدبابة امريكية والمالكي لم يات بهذا القطار لانه اصلا ابن عائلة اعطت التضحيات مسبقا لهذا التغير وهو ابن حزب كان له دور تاريخي في مقارعة صدام لكنه بعد نيسان 2003 تعامل مع واقع على الارض واراد تغير دفة بعض الامور في ظل عناصر قوة وتقاطعات لاتجري لصالح مشروعه العراقي اذا جاز التعبير فحاول ان يضع يديه على مقبض قيادة المركب مشاركا لاقوى لاعب الذي تمثله الولايات المتحدة و التي فرضت هذا الواقع , لذلك اعتقد ان كل خطواته تجري باتجاه كسب اكثر مساحة ممكنة من دفة القيادة وتقليل مساحة الاخرين في هذا الاتجاه من خلال قراءة الواقع العراقي والامريكي ومن خلال الاقناع والتفاعل مع الخطط الامريكية بما يصب لخدمة العراق البلد.
ممكن مثلا اقتباس احداث معروفة لمعرفة طريقة تفكير وتركيب شخصية المالكي... وقد يكون مثال صحفي الحذاء الذي حصل على محاكمة لاتتوفر الا في أرقى الدول الديمقراطية وحين انتهاء فترة سجنه القانوني تم اطلاق سراحة دون أدنى تدخل من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وبدأ صحفي الحذاء يصرح من بغداد وحتى جنيف بما يحب ويشتهي من البطولات الورقية والتهجم على رئيس الوزراء.. وفي نفس الموضوع مثلا الكاتب حسن العلوي قال نصا ان quot; المالكي تحول الى حارس مرمى يصد الاحذية عن بوش quot; لكن حسن العلوي وبعد ان اصبح عضو برلمان عن القائمة العراقية ذهب عدة مرات الى المالكي في محاولة شخصية منه لايجاد دور لنفسه كوسيط لحل أزمة اكبر بكثير من امكانياته الشخصية , ومع ذلك لم يجد عند المالكي الا الاحترام وحسن الاستقبال والتوديع!! هذه الحادثتين تعطي اشارات واضحة على طبيعة شخصية المالكي التي لاتميل الى الانتقام او تستسهل تسخير قوة الحكومة والدولة لضرب الخصوم.
قد لايعجب هذا الكلام الكثيرين وقد يصفه البعض بالدعاية لكن وقت الدعاية الان انتهى مع نهاية الانتخابات واعلان النتائج وتاخير تشكيل الحكومة بشكل quot; مقلق quot; والرجل قد لاتكون له فرصة كبيرة في البقاء في منصب رئيس الحكومة العراقية الجديدة لكنه ايضا لايتحمل وحده هذا التاخير بل هو جزء من واقع سياسي عسير ومتشعب. المالكي له اخطاء واضحة وله مساحة واضحة من الصواب لكنه ليس مثل صدام لامن بعيد ولامن قريب بل انه لايصلح ان يكون تلميذ صغير في مدرسة الديكتاتورية التي تلاشت في العراق ودون رجعة لانه وببساطة من مدرسة تاريخية ايجابية اخرى تماما و يحاول ان يبقى متمسكا بحبالها في ظل مغريات السلطة والحكم والجاه في العراق.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات