مرة أخرى و مضافة يكرس الشعب الكويتي حالة تضامنية جديدة بوجه المستغلين و تجار الأزمات و ينجح في حملته التضامنية لخفض أسعار الخضروات و مسلتزمات المائدة اليومية لحياة مئات الآلاف من البشر، فتحت شعار مبتكر وجديد غير مسبوق وهو ( خليها تخيس )!!

أي إجعلوها تتلف و تتعفن لغير العارفين باللهجة الكويتية وجراء المقاطعة الشعبية لشراء الطماطم من الأسواق و الجمعيات التعاونية بعد أن وصلت أسعارها لحدود فلكية إستطاعت الحملة من الوصول لتخفيض جدي في الأسعار وصل في بعض المناطق لما نسبته 40% وهو نجاح لو تعلمون عظيم، ويكرس في الصميم مبدأ رئيسي جبل عليه أهل الكويت جميعا في الماضي والحاضر و حتى في المستقبل وهو مبدأ التضامن الوطني الشامل، فالغلاء و إستنزاف الجيوب و إرهاق الفئات ألأقل دخلا هو إرهاب حقيقي يواجه المواطن و المقيم وهو طاعون لايرحم لا هوية و لا جنسية و لا مذهب له أبدا.

قد تبدو حملة مقاطعة الطماطم و الباميا و الخيار ظريفة للغاية في شكلها العام، ولكنها على المستوى الرمزي و الإيحائي ذات دلالات هامة للغاية خصوصا و أنها تأتي بعد تجاوز ظروف محنة وفتنة طائفية شاملة كان مقدرا لها أن تأكل الأخضر و البابس أو أن تطيح بإستقرار وسلام الوطن و تساهم في تعكير وتكدير أمنه الإجتماعي و الأهلي، ولكن وقوف الشعب جميعا بجناحيه الكبيرين السني و الشيعي صفا واحدا ضد رموز التخلف و الإرهاب الفكري و السلوكي أدى لنتائج مغايرة، وهاهي الكويت لا يصقل معدنها و لا تظهر طبيعتها النقية إلا من خلال التجارب الصعبة و المحن و الأزمات التي لأهل الكويت القدرة الكاملة و الأكيدة على تجاوز كا إشكالياتها مهما كانت معقدة، فإنتفاضة الطماطم إذن و النجاح في تحقيق الأهداف ليس بالأمر الجديد بل هو دليل حي و مضاف على حيوية المجتمع و تفاعل مكوناته و توحدها وقت ألأزمات وهو الهدف الوطني الكبير الذي تتمحور حوله كل النشاطات، صحيح أن الغلاء قد أضحى آفة عالمية، وصحيح أيضا أن الكويت لها ثعراتها الكبيرة في مجال الأمن الغذائي بسبب ظروفها الجيولوجية و الطبيعية وهي مسألة تعانيها جميع دول العالم، وصحيح أيضا أن التاجر يبحث عن هوامش للربح ولكن ذلك لا ينبغي أن يتجاوز نسب محدودة خصوصا و أنه لا وجود لأي نوع من الضرائب المباشرة وغير المباشرة على التجار و المستوردين كما هو الحال في أوروبا مثلا وحيث يدفع التاجر ضرائب ورسوم عديدة و كثيرة مما يؤدي لرفع أسعار المواد الغذائية و الإستهلاكية، لا مجال أبدا للمقارنة بين الرسوم و الضرائب في العالم الغربي وحتى في بعض الدول العربية وبين الضرائب في الكويت التي هي شبه منعدمة قياسا بالآخرين؟ لذلك فإن الإررتفاع المهول في الأسعار هو مسألة خطيرة للغاية ينبغي التصدي الفاعل لحلها وقد تطوع أهل الكويت بحل الموضوع على طريقتهم المقتبسة من نظرية ( الساتيا غراها ) التي إتبعها مهاتما غاندي في الهند في قضية مقاطعة الملح!! وقضايا أخرى، الكويتيون أثبتوا مرة أخرى على همة و علو كعب كبيرين في معالجة المحدثات من ألأمور، وثورة الطماطة هي في حقيقتها ثورة مخملية ضد الجشع و الإستغلال...

و ستظل الكويت ميدانا لكل جديد...

[email protected]