لا يعتبر المراقبون السياسيون في أوربا مهاجمة قطاع كبير من الإعلام الإسرائيلي للرئيس الإيراني هذه الأيام من بين الأمور المستجدة علي ساحة التنازع الإقليمي بين طهران وتل أبيب، فقد دأب الإعلام الإسرائيلي علي ذلك كلما أعيته الحيلة هو ونظام الحكم الذي يدافع عن عنصريته، لكنها علي الأرجح المرة الأولي التي يجهر واحد من كتابه مطالباً باغتيال محمود أحمدي نجاد علي الملأ في الداخل والخارج بلا تمييز أو تروي!
ولمن يسأل.. الهذه الدرجة يكون الانحدار في التعبير عن الرؤية السياسية؟؟..

نقول له نعم.. الزيارة التي سيبدؤها محمود أحمدي نجاد للبنان يوم الثالث عشر من الشهر الحالي ولمدة يومين تقلق إسرائيل بشكل ملفت للنظر جعل بعض المعلقين في أوربا ينعت سلوكياتهم بالتردي بعد ان بعثت حكومة نتنياهو برسائل عاجلة إلي كل من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشيل سليمان ورئيس وزراءه سعد الحريري عن طريق ثلاث جهات لها وزنها العالمي وشرعيتها الدولية..
-الولايات المتحدة
-فرنسا
-والأمم المتحدة
رسائل اقل ما توصف به أنها تمثل تدخلاً سافراً في شئون الآخرين، تقترح إلغاء زيارة الرئيس الإيراني كلية لبلدهم أو الحيلولة بينه وبين الوصول إلي بلدتي بنت جبيل ومارون الرأس المحازيتان للشريط الحدودي معها والاكتفاء بباقي برنامجها quot; حتى لا يُعد الأمر استفزازاً لها، خاصة وانه ينوي إلقاء حجر في اتجاها عبر الحدود الفاصلة..
قبل هذه الرسالة مباشرة، عقدت صحيفة إسرائيل اليوم ( 19 سبتمبر ) مقارنة سافرة بين إيران بقيادة أحمدي نجاد وألمانيا بقيادة أولف هتلر قامت علي الأسس التالية..
1 ndash; سعي كل منها لتجديد أمجاد الماضي، بعد سنوات من الإهانه.. ألمانيا لاستعادة سطوتها التي فقدتها في أعقاب توقيعها علي معاهدة فرساي بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولي، وإيران لتجديد إمبراطوريتها الفارسية وفرض مذهبها الشيعي تحت مظلة سلاحها النووي..

2 ndash; استخدام كل منها لليهود كعامل تضامني سلبي لبلوغ إهدافهما.. ألمانيا النازية سعت لتوحيد الأمة عن طريق إبادتهم، وإيران بإنكار المحرقة والتحريض ضد إسرائيل تحت شعار استعادة فلسطين السليبة التي عجز العرب عن استعادتها..

3 ndash; وكما سعت ألمانيا لأن تستعيد دورها كقوة عظمي في وسط أوربا، تعمل إيران منذ بعض سنوات علي تحقيق مكانة إقليمية لها علي مستوى الشرق الأوسط عن طريق ضرب الإسلام السني والسيطرة علي مصادر النفط العربي والطرق والممرات البحرية في المنطقة..

وخرجت الصحيفة في ضوء تحليلاتها الظنية هذه، بضرورة التحذير من تعرض إسرائيل لهجوم إيراني إذا ما تعرضت ndash; الأرضي الإيرانية ومنشآته العسكرية والنووية - لهجوم عسكري ما علي يد قوي متربصة.. فكل الدلائل لدي الصحيفة تشير إلي أن طهران ستقوم بضرب إسرائيل بالتوازي مع مقدمات هزيمتها وفق النموذج الذي تعرضت له ألمانيا النازية quot; حيث قام هتلر بتصفية اليهود بعدما شعر بأنه سيهزم أمام الحلفاء quot;..
هذا من ناحية..

وطالبت ndash; الصحيفة - حكومة نتنياهو من ناحية أخري بحتمية الاستعداد لمواجهة مثل هذا الأمر المتوقع، منفردة أو بمشاركة من آخرين.. برغم أن المسألة الإيرانية quot; مشكلة أمريكية في المقام الأول quot; لكن الدور الإسرائيلي له ما يبرره في رأيها..
هذا بينما نشرت صحيفة الديلي تلجراف اللندنية في الأول من أكتوبر أن خبراء علي درجة عالية من التخصص مالوا في تقرير لهم إلي الاعتقاد بأن إسرائيل هي التي تقف وراء الفيروس الذي ضرب أجهزة الكومبيوتر الإيرانية..

وجد المتخصصون هؤلاء quot; أشارات من كتاب اليهود المقدس quot; ضمن شفرة برنامج quot; ستاكسنت quot; الذي ضرب نظام الكومبيوتر الإيراني، ولما حللوا كلمة quot; ميرتوس quot; التى هي أسم شجرة quot; الآس quot; في اللغة اللاتينية وجدوا انها تعني في اللغة العبرية quot; هاداسا quot; الدال علي اسم الميلاد لملكة فارس اليهودية quot; إستر quot; التى يقول الكتاب المقدس quot; أنها أجهضت هجوماً علي السكان اليهود في بلاد فارس ثم أقنعت زوجها بشن هجوم استباقي لحمايتهم..
وفي هذا الخصوص يقول الباحث الألماني رالف لانجنر ndash; كما نقلت عنه الصحيفة ndash; أن الوحدة رقم 8200 العاملة ضمن شعبة استخبارات سلاح الإشارة بالقوات المسلحة الإسرائيلية هي التي شنت الهجوم عن طريق تسريب رسالة مشفرة إلي جهاز الكومبيوتر الرئيسي بمحطة بوشهر الإيرانية الذي يستخدم quot; أنظمة تشغيل تنتجها شركة سيمونز الألمانية quot; مما اثر علي تعاملاتها الإلكترونية التي تقوم بشكل روتيني!

هذا بينما يعتقد مصمموا البرامج المشفرة في لندن الذين انكبوا طوال الأيام الأخيرة علي دارسة الفيروس، أنه ربما نقل إلي داخل المحطة الإيرانية عن طريق جهاز ذاكرة خارجي quot; USB quot; يستخدمه واحد من الخبراء الروس العاملين في بناء مجمع بوشهر..

هذه الحرب العلنية التي تقوم بها إسرائيل، تحولت علي يد صحيفة معاريف ( 3 أكتوبر ) إلي تحريض علي اغتيال الرئيس الإيراني !!..
ففي حين تشيد الصحيفة من ناحية بنتياهو لأنه لم ينحني ولم يستسلم لتهديدات الرئيس الأمريكي ولأنه صمد في مواجهة الضغوط العالمية التي تزين له الاستجابة لكل ما فيه دمار إسرائيل، ونجح في إبعاد شعب إسرائيل عن السقف الذي يوشك أن يقع فوق رؤوس الأطراف الأخرى المحلية والإقليمية المشاركة بشكل مباشر او غير مباشر في المفاوضات المباشرة.. تهدد من ناحية ثانية بقدرة القوات المسلحة علي تدمير البنية التحتية في لبنان إذا تعرض الشمال الإسرائيلي لأي هجوم علي يد صواريخ حزب الله.. وبالقضاء علي من بقي من كوادر وقيادات منظمة حماس وتفتيت قواتها نهائياً إذا ما فكرت في أن توسع من مجال صواريخها في الجنوب..
يلفت النظر أن الصحيفة في نهاية مقالها، ربطت بين التعريض بسوريا ونظامها الحاكم علي لسان وزير خارجية إسرائيل ليبرمان وبين الحاجة لاغتيال الرئيس الإيراني عندما يصل موكب زيارته إلي مدينة بنت جبيل علي الحدود اللبنانية، لأن فرصة الخلاص منه لن تتكرر بهذه الكيفية مرة أخري خاصة وأن واشنطن ستباركها عن طريق الصمت..
يتساءل البعض.. |

هل هذا إفلاس سياسي؟؟ أم استهزاء بالآخرين؟؟ أم تتويج للفكر الإسرائيلي الذي يتغني البعض بديموقراطيته بينما يرسي مبدءا جديدا في العلاقات السياسية والدولية يقوم علي أسلوب وإزهاق الأرواح..
إسرائيل لا تكتفي بالتحريض ضد إيران لأسباب كثيرة محلية وإقليمية وعالمية، لكنها المرة الأولي التي يطالب بوق من أبواقها هكذا علناً بالعمل علي التخلص من رئيس جمهوريتها وفي زيارة رسمية لدولة أخري.. كل مصيبتها أنها تتجاور إلي الشمال منها.

الدكتور حسن عبد ربه المصري

bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassan [email protected]