الحلقة الاولى

طقس الرماد Crematorium

الطبيعي، عند موت أي شخص، هو دفنه، وفي السنوات الأخيرة برزت قضية التبرع بالأعضاء البشرية وتاسست الكثير من الجمعيات لهذا الغرض، ولكن أيضا بعدها تكون هناك عملية دفن، وهذا فعل إنساني نبيل لمساعدة الآخرين، وان كانت هذه العملية غير معروفة بشكل كبير داخل مجتمعاتنا العربية، وقد يكون ذلك لأسباب دينية.
لكن ان يتحول الإنسان الى رماد بعد وفاته، بناءً على رغبته الشخصية، وان يرمى برماده في البحر، او في أحدى الغابات، او يوضع في إناء داخل البيت، او يلتف على الرقبة كقلادة، فهذا شيء غريب، بل غريب جدا على الثقافة الإسلامية والعربية، لأننا نؤمن بـ (إكرام الميت دفنه)، لكن في هولندا هذا البلد الغريب في الكثير من عاداته وتقاليده، هذا البلد السباق في كثير من الأشياء، التي يرى فيها القانون كحماية للحرية الشخصية، فلا يحق لأي شخص ان يتدخل ويفرض رأيه وموقفه الشخصي، طالما هي رغبة الشخص المعني بالقضية، وطالما انه لا يؤثر على المجتمع ككيان ذو تعددية ثقافية، بل ان الشخص هو من يتحمل حرية قراره.
لهذا نجد الكثير من الهولنديين، يوصون بإحراق أجسادهم بعد الموت، ولا يرغبون بالدفن، يعزو البعض هذا الطلب بان الموت هو مصير الجميع، فلا داعي لوجود الجسم تحت الأرض، وبالتالي يؤثر سلبيا على البيئة!!!!!
البعض الأخر يرغب بان لا يكون له ضريح، مما يزرع الحزن زمنا طويلا بقلوب الذين أحبهم و أحبوه، من خلال زيارة الضريح، وبالتالي يفضل أن ينثر رماد ه في البحر، او يبقى داخل بيته، بعد وضع الرماد في إناء مخصص لهذا الغرض، وبالتالي يبقى شيء منه داخل البيت، وكأنه يعيش بينهم.
طقس الموت نفسه، لكن نهايته مختلفة في طقس الرماد، وهنا نعني بالخطوات التي تتبعها العائلة لإعلام الآخرين بوفاة فقيدهم، لكن في طقس الرماد، يذكر ببطاقات الدعوة بان الفقيد سيحرق جسده، بناءً على وصيته.
بما اننا ذكرنا الخطوات سابقا في طقس التراب فأننا سنبدأ من الخطوة الأخيرة وهي الكنيسة، وحديث القس، كي نستطيع ان نكمل مراسيم طقس الرماد.
يذكر القس بوصية الفقيد، واختياره للحرق، ويؤكد أيضا على حرية الاختيار وضرورة تنفيذ تلك الوصية، ولا يسقط رأيه الشخصي والديني أثناء حديثه، وإنما يذكر بان هذا الاختيار، هو اختيار شخصي، وان الرب والمسيح يرى ويسمع كل شيء، وان المسيح سيلفه برحمته، ويكون هو المسئول أمامهم.
ينادي بعدها القس الشخص المكلف بالقاء الكلمة الأخيرة، أيضا لا يتطرق لاختيار الفقيد للحرق، بعدها يعطي القس الإذن بإخراج النعش الى مكان الحرق، يغادر الموكب بكاملة الى المحرقة، للوداع الأخير، والمحرقة هي بناية شيدت لهذا الغرض، وتكون بأطراف المدينة، وبعيدة عن المناطق التي يقطنها السكان، واغلبها تكون داخل الغابات.(انظر الصورة رقم 3).

بناية المحرقة- صورة رقم 3
تخرج الجثة من النعش، وتوضع داخل الغرفة المخصصة لها، بعدها يسمح للعائلة والأصدقاء بإلقاء تحية الوداع الأخيرة، الجميع يلتف حول سرير الجثة، بعد الانتهاء من ذلك، يطلب العاملون بالمحرقة، خروج الضيوف، وذهاب الجسد الى الفرن، الذي يتم فيه عملية الاحتراق. (انظر صورة 4)

غرفة الانتظار، قبل الذهاب للفرن- صورة4

الفرن Oven
يكون الفرن ذو درجة حرارة عالية ومرتفعة جدا تكون مابين 400 الى 1100 درجة، بحيث لا يستغرق زمن تحول الجثة الى رماد إلا سويعات قليلة، و الزمن محصور من 1.15 دقيقة الى أربع ساعات، وهذا يتوقف على جودة الفرن، في السابق كان الفرن أشبه بفرن البيتزا، او فرن الخبز الحجري لكن بحجم مناسب ليستوعب جسد انسان، ويكون مرتفع عن الارضية، يصعد الجسد بواسطة عتلة مخصصة لهذا الغرض، يكون له باب يغلق باحكام شديد.(انظر صورة رقم 5).

الفرن القديم- صورة 5
لكن بعد التطور التكنولوجي بالعالم، بكل مفاصل الحياة، اخذ شكل الفرن يتغير أيضا، مواكبة لهذا التطور، بحيث تحول الى ما يشبه الفرن الطبيعي الذي يستخدم بالمنازل، لكن بحجم كبير، حيث توجد على اليمين أيقونات درجات الحرارة وأيضا البرودة، وأيضا أيقونة لسحب الدخان والروائح التي تسببها عملية الاحتراق، لكن ماهو مصير الرماد- الجثة بعد سويعات الاحتراق؟، انظر صورة 6، 7و 8).

العتلة التي يرفع بها الجثمان- صورة 6



الفرن الجديد- صورة 7


يتبع
[email protected]