أحمد شرجي: عرفته استاذا جليلا وقامة معرفية كبيرة، وقراءته قاصا وساردا، وباحثا في زمن المتاهة كما يقول. الحديث عن الدكتور مصطفى يعلى، حديث عن أحد أعمدة الدرس السردي في المغرب والمنطقة العربية. بحث في خصوصية المجتمع المغربي، من خلال القص الشعبي، وما سجله هذا القص من موروث مهم، ساهم في ترسيخ التنوع الثقافي التي تمتاز به المغرب، حتى اصبح مجموعة ثقافات، تتناسل في ثقافة مجتمعية حاضنة لكل هذا الخليط الفسيفسائي المبهر.
بدأ من (لحظة الصفر)، ليسكن (القصر الكبير)، نفض عنه غبار الاستعمارات المتتالية، والانكسارات، محاولا أن يجعل قصره، يليق بفارسه، تتبع (شرخ العنكبوت) فيه، قبل ان تأكله العثة، فأسس (ذاكرة للسرد)، من اجل أن لا تصدأ ذاكرتنا المثقوبة، بنياشين مزيفة، صدئة، هي ذاكرة الأجداد والجدات، ذاكرة الجليل والمقدس، ذاكرة العادي والمهمش، فترك بذلك موسوعة، أصبحت مرجعا لنا نحن الأبناء، الذين لم نؤسس شيئا، ومع ذلك نكابر بمنجزاتنا الوهمية.
حاول بخجله الملائكي، وتواضع الرهبان، ان يقف بوجه (أنياب المدينة الطويلة)، روضها، حتى أصبحت، مادة لينة، يوجهها يمينا وشمالا، فولدت القصة، خجلت من عصيناها الدائم له، حاولت ان يكون لها عرابا، لكن تواضعه، تواضع الملائكة، جعله مراقبا ومنقبا عن أسباب المتاهة، فشخص لها( دائرة كسوفها)، راودته على نفسه، فأبى ذلك بروحية الفرسان، وظل يزورها بين الفينة والفينة، باثا بوجهها حكاياه، عن المدينة، ناسها، انتصاراتها، خذلانها وانكساراتها، أبنائها، نسائها، عُريها الإغريقي.
استيقظ فزعا على أصوت الأبواق تعلن عن النكسة، حول دموعه الى قصص، نثرها بالطرقات، فاس، تطوان، الدار البيضاء، القصر الكبير، عاتبها، أنكست رأسها خجلا، لم يصدق أسباب ذلك الانسكار، فهي اسباب للمتاهة/ المتاهات اللاحقة، سخط منها، ورمى بقصصه بوجهها، وذهب الى قصره، الذي فتحه امام طلبته، سكن الطلاب القصر، فولد بنين وبنات.
شاب الملائكي، وتساقط شعر رأسه، نتيجة صراعه مع انياب المدينة، التي وقف بوجهها، فهو فارس حقيقي لا يستكين ولا يهزم، حاول ان يوقف دوران الشمس، لم يخف لهيبها، فهو فارس.
كبر قصره، واصبح مزارا، يؤمه زوار من كل الاجناس، يتوسل إليهم السدنة، بان يخلعوا أحذيتهم عند الدخول، فهو مكان مقدس، نُسج من أطياب الجدود.
أشعلوا الأبخرة، ودهن العود، ورشوا ماء الورد، فإننا نتهيأ لدخول القصر، فهو مصطفى يعلى.
الدكتور مصطفى يعلى:
bull;من مواليد سنة 1945، في مدينة القصر الكبير، في المغرب، في ظل أسرة محافظة.
bull;حصل على دبلوم الدراسات العليا في كلية الآداب بفاس في السنة الجامعية 1983/1984، حول موضوع: ((ظاهرة المحلية في الفن القصصي بالمغرب - من أوائل الأربعينات إلى نهاية الستينات))، وذلك تحت إشراف الدكتور إبراهيم السولامي.
bull;حصل على دكتوراه الدولة في الأدب العربي الحديث، من كلية آداب الرباط في السنة الجامعية 1992/1993، حول موضوع: quot;القصص الشعبي بالمغرب - دراسة مورفولوجيةquot;، تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني.
bull;ترجم بعض قصصه إلى الإسبانية والفرنسية.
bull;صدرت له أربع مجموعات قصصية هي:
1- (أنياب طويلة في وجه المدينة) مطبعة الأندلس، الدار البيضاء، 1976.
2- (دائرة الكسوف)، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، 1980.
3- (لحظة الصفر)، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، القنيطرة، 1996.
4 ـ (شرخ كالعنكبوت)، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، بدعم من وزارة الثقافة المغربية، القنيطرة، 2006.
bull;وفي حقل الدراسات صدر له:
1.كتاب ( امتداد الحكاية الشعبية ) ضمن سلسلة (موسوعة شراع الشعبية)، طنجة، ديسمبر 1999.
2.كتاب ( القصص الشعبي في المغرب ـ دراسة مورفولوجية ). المدارس للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، 2001.
3.كتاب quot; السرد المغربي ـ بيبليوغرافية متخصصة quot;. المدارس للنشر والتوزيع، بدعم من وزارة الثقافة المغربية، الدار البيضاء، 2001.
4.كتاب ( القصص الشعبي: قضايا وإشكالات )، بدعم من وزارة الثقافة المغربية، دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، القنيطرة / المغرب، 2007.
5.كتاب ( القصص الشعبي: قضايا وإشكالات )، بدعم من وزارة الثقافة المغربية، دار البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، القنيطرة / المغرب، 2007.
6.كتاب ( السرد ذاكرة )، دار الآمان، الرباط، المغرب، 2009.
bull; وله تحت للطبع:
1- نحو تأصيل الدراسة الأدبية الشعبية في المغرب.
2- السرد المغربي: حفر عن خصوصيات المجتمع المحلي في نصوص القصاصين المغاربة الرواد
* قدمت هذه الشهادة بمناسبة الاحتفالية التي اقامها طلبة الدراسات العليا في جامعة ابن طفيل، كلية الاداب والعلوم الانسانية في المملكة المغربية للاستاذ الدكتور مصطفى يعلى، بمناسبة انتهاء خدمته التعليمية.
التعليقات