إلى جواد الاسدي
أحمد شرجي: إنه ابن كرٍ وبلاء ( كربلاء)، وإذا قلبنا الكاف الى فاء سيكون، ابن فر وبلاء. فر في نهاية سبعينات القرن الماضي، حاملا عالمه على راحة يده. هارب من الموت المجاني والاعتقالات التي شهدها العراق آنذاك. حمل حقائبه العاشورية البيضاء باتجاه ( صوفيا) من اجل تفكيك طلاسم ( اشكالية الجمال في عمل المخرج المعاصر). لم تغويه أضوائها بعد إنهاء أطروحته للدكتوراه. طار بشهادة الدكتوراه إلى دمشق، لتكون (خشبته ونصه) و محطته الجمالية في البحث عن مسرح أخاذ، فهو أركيولوجي جمالي بامتياز.. وايضا ابن فر... وبلاء ؛ بلاه الله بالاحتراق ألذيذ على الخشبة حتى أصبح (المسرح جنته). حفر اسمه في ذاكرة المسرح السوري المعاصر.
تعرفت مسرحيا على صانع المطر في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كنا نتبادل مقالاته ومقالات الآخرين عنه كمنشورات سرية داخل معهد الفنون الجميلة،ممنوع تداول اسمه فكيف كتاباته ؟
بعد خراب 1991 وغزو الكويت المدوي، جاءنا عمل الاسدي (المجنزرة الأمريكية ماكبث) يا اللــــــــــــه كم تمنينا وقتها ان نرى ذلك الجواد.المجنزرة عرضت في مسرح الرشيد والجواد يترقب ساعته في عمان، لأنه فر من البلاد. قُدم العرض كدرس جمالي بصري لحريفٍ ماهر. نفض غبار المكرر والعادي في المشهد المسرحي العراقي، صدمة كونية شاهدها الجميع. هذا إذا مشروع صانع المطر، وهاي هي أمه تصعد الخشبة تحي الجمهور بدلا عنه كنوع من التحدي، اردناه هو ان يصعد كي نحدثه عن ( السنوات التي مرت بدونه).
جاءت المجنزرة لتزيل ركام الحروب، من خراب هز اركان البيت\ البلد، رغم إننا كرهنا كل المجنزرات لأنها تسير على اعمارنا منذ قذفنا من ارحام أمهاتنا، لكننا أحببنا مجنزرة الجواد،لأنها تذكرنا بدرسه البصري، حيث ظل الجواد احد المصادر الجمالية لابناء جيلي المسرحي.
نقرا عنه وعن أعماله في الاردن، الخليج، المغرب، مصر، الجزائر، روما، باريس، والعديد من المدن، لا يستقر على خشبة، بل ينتمي الى كل الخشبات المقدسة، فهو ابن فر.. وبلاء، غجري، هويته الابداع، صولجانه الخشبة، والأجمل في كل ذلك، هو وطن بأكمله.
صاحب مشروع مسرحي متكامل، اراد له التفرد بكل أدواته الاشتغالة، فهو أول من نظر للبروفة ودون يومياتها، حتى أصبحت دليلا لفن التمثيل والإخراج. فأصدر:
bull;المسرح والفلسطيني الذي فينا.
bull;جماليات البروفة.
bull;المسرح جنتي.
كتب نصه المسرحي بوجع، فكانت عروضه تستفز الآخر، بحث عن تحرر الجسد العربي ؛ عشق المرأة فأخذ يبحث عن( كارمن) وسط (نساء في الحرب). حياته شبيه بحياة لوركا، لهذا أحبه بوجل. قبل السقوط المدوي للصنم في نيسان 2003 قدم نساء في الحرب، ليرى العالم مصير المراة العراقية في مخيمات اللاجئين. وبعد السقوط أدخل الانتهازين (لحمام بغدادي) لعلهم يتطهرون.
ايها الغجري الجميل، كنا نتتبع أخبارك، كقصائد الشعراء الفرنسيين ايام الاحتلال النازي لفرنسا،تلك اللحظات مصدر سعادتنا وما اقلها يا سيدي. وعندما اردنا ان نقول للسلطان بإن الجواد جوادنا، رفضنا مغادرة القاعة كنوع من التحدي، فشاهدنا مجنزرتك مرتين.
ذكر البير كامو quot; ليس النضال الذي يدفعنا أن نكون فنانين، بل الفن الذي يفرض علينا ان نكون مناضلينquot;، تشبث الجواد بهذه المعادلة ورفض الشعراتية والخطابية في عروضه المسرحية، ومعه تغيرت ملامح المسرح الفلسطيني، الذي قدم فيه جواد فراديس من الجمال.
صياد ماهر للجوائز، تلهث ورائه كحبيبة تنتظر عودة حبيبها سالما من ساحة المعركة، حتى ولدت في خزائنه بنين وبنات، حصل على ارفعها quot; جائزة البرنس كلاوس 2004 quot;من المملكة الهولندية.
إني احذركم منه ايها السادة - رغم إنه بين أيديكم - لأنه يحمل قوتان في جسد واحد، يملك الجمال والقوة في اسمه الأول، وشراسة الأسد في اسمه العائلي، فهو جواد الاسدي.
[email protected]
المقال هذا هو شهادة قرأها الكاتب أثناء الاحتفالية التكريمية التي أقامها مختبر المسرح والمدينة ndash; جامعة ابن طفيل، المغرب، للمخرج جواد الاسدي.
* العالم على راحة اليد، اول عمله قدمه جواد الاسدي بعد تخرجه من اكادمية الفنون الجميلة بغداد في سبعينات القرن الماضي لحساب فرقة المسرح الفني الحديث.
* كل ما بين مزدوجتيين يحيل إلى الاعمال التي كتبها الاسدي.
التعليقات