علامات الزواج

الحلقة الأولى

الزواج ليس قضية مهمة بالنسبة للعشاق في هولندا، لان القانون الهولندي يضمن للطرفين كافة حقوقهم، منذ بدأ العلاقة يعطي الطرفان فرصة اكبر للتعرف على بعضهم البعض، وتكون علاقة مفتوحة في اغلب الأحيان، وأحيانا تنشا العلاقة منذ أيام الدراسة الثانوية وتستمر، لكن اذا كانا الاثنان في سن ليس من حقهم طلب منزل خاص لأحدهم، يكون الاتفاق حتى بلوغ السن القانوني، وغالبا ما يكون في العشرين، ان يتقدم احدهم لطلب منزل من البلدية.
يتفقان على عدم الإنجاب، باعتبار ان الوقت مبكر لتكوين أسرة، ومشاكل الأولاد، لكن أيضا لا نستطيع ان نعمم هذا على الجميع، يعيشان معا ويسمى هذا النظام (Samenwoning)، هذه الطريقة أيضا رسمية وتسجل في البلدية فقط، ويحق لهما اختيار الطريقة القانونية، من حيث الإرث، او الدخل الشهري، وقانونيا يعاملان معاملة الأزواج اما القانون، ولكن هم من يقرر ذلك إذا أرادا.

عندما يقرران الزواج، تكون مراسيم الزواج في البلدية، والبلدية في هولندا هي الجهة المسئولة عن كل شيء قانوني، فيها أقسام خاصة لكل شيء، يذهب الزوجان وعائلتهم والأصدقاء المدعوين للزواج جميعها إلى البلدية، ويدخل الزوجان الى المحافظ، من اجل تسجيل زواجهم بشكل رسمي، ويتلو عليهم كل تعاليم الزواج، وعندما يخرجان ينتظرهم الجميع في باب البلدية، وينثرون عليهم الورود.

بعد تسجيل الزواج بشكل رسمي، يدعون الجميع لتناول الغداء معا في احد المطاعم، والتي تم حجزها مبكرا لهذه المناسبة، ويساهم صاحب المطعم بتزين المطعم بالورود، وتنظيم طاولة خاصة للعروسين مكللة بالورد، ويحدد يوم حفلة الزواج الرسمية لاحقا.

وعند تحديد حفلة الزواج الرسمي، في هذا اليوم صباحا،يكون الذهاب للكنيسة من اجل الزواج الكنسي، ويكون فيه طقس رسمي، حيث يرتدي العروسين بدلة الزفاف، يأخذ المدعون أماكنهم داخل الكنيسة، ويقف العروسان أمام القس، كي يعلن على الجميع بذلك الزواج، وينادي فيما اذا كان احد من المدعوين عنده اعتراض على الزواج، وإذا اعترض شخص ما،لا يعلن القس الزواج، إلا بعد ان يعرف لماذا ويتم تصفية قضيته.
لكن الزواج داخل الكنيسة لا تحبذه الأجيال الجديدة من الهولنديين، لأنهم يجدون فيه نوع من الالتزام الديني، مما لا يتفق مع أفكارهم اللادينية.


إحدى أهم الرموز الدلالية في بطاقات الدعوة،(انظر نموذج الدعوة)، التي توزع قبل اشهر على المدعوين، حتى يسجلون ذلك بأجنداتهم، هي صورة العروسين، وقد التقطت قبل حفلة الزواج الرسمية وتوضع ببطاقة الدعوة، وأيضا يكتب فيها، الزمن الذي التقيا فيه العروسين، ومنذ متى وهم يعيشان معا، وأيضا اذا كان لهما أطفال ـ قبل إعلان زواجها بشكل رسمي، وفي الغالب يضعان صورة أطفالهم (إذا كان لهم أطفال)، وأيضا عمر الطفل، ويكتبان أيضا، شيء بسيط، عن مدى علاقتهم، التي أدت لاتخاذ هذه الخطوة، ويحفزان الآخرين لاتخاذها.

نموذج بطاقة دعوة الزواج


لكن في الجنوب الهولندية، والذين اغلبهم يعودون لأصول كاثوليكية، مازالت اغلب العوائل، تصر على الزواج داخل الكنيسة من اجل مباركته، وأيضا تعميد أطفالهم داخل الكنيسة، والجدير ذكره فأن الجنوب الهولندي مازال للان الكثير منهم متمسك بالتقاليد والعادات الكاثوليكية.
يكون حفل الزواج باذخا جدا، ويستمر الى الساعات الأولى من اليوم التالي، وغالبا ما يكون في عطلة نهاية الأسبوع، حتى لا يؤثر على أعمالهم.


يوم الملكة: Koninginnedag: 30 april

هو يوم تنصيب الملكة بياتركس Beatrix كملكة للمملكة الهولندية، وهو احتفال رسمي داخل المملكة، وهذا اليوم يبدأ فيه الاحتفال ابتدأ من الساعة السادسة مساء من يوم 29 ابريل، حيث يقوم اغلب الهولنديون بعرض أدوات منزلية وملابس، وأشياء أخرى، الجديدة والقديمة، أمام منازلهم، لغرض بيعها، بحيث يكون البيع في هذا اليوم بدون ضرائب، وبأسعار زهيدة مقارنة بمحلات البيع، ولكن هذا الطقس الاحتفالي، له روحيته العالية، لان الغرض الرئيس، ليس من اجل البيع، وإنما من اجل المتعة، و تستمر العملية لليوم التالي من الاحتفال، وأيضا بيع الأشياء التي لا تحتاجها العائلة، لعل الآخرين يستفيدون منها، وكلما اقترب يوم الاحتفال من الانتهاء يقل ثمن البضاعة المعروضة.

اليوم التالي يكون 30 ابريل هو الاحتفال الرسمي في كل مدينة، وفي ساحتها العامة، بحيث لا يوجد قيود على المحتفلين، يعملون كل شيء من اجل سعادتهم الشخصية، لكن من دون مصادرة حقوق وحرية الآخرين، يكون الحفل الكبير في مدينة Amsterdam وبالتحديد في ساحة Dam وهو المكان المفضل لكل احتفالية، لأنه مقابل القصر الملكي، وهو ليس القصر الرئيسي للمكلة، لان مكان تواجدها الأصلي في مدينة لاهاي، كونها العاصمة السياسية للمملكة الهولندية، الناس يخرجون للشوارع للاحتفال بهذا اليوم كعربون محبة للملكة بياتركس، وأيضا تأييدهم لتنصيبها ملكة، وهناك مغالطة تتناقلها وسائل الأعلام وخاصة العربية، بان هذا اليوم هو عيد ميلاد الملكة بياتركس، لكن بالحقيقة هو يوم تنصيبها كملكة للأراضي المنخفضة، وأيضا هو عيد ميلاد امها الملكة juliana، والتي يطلق عليها الملكة الام، وقد تنازلت عن العرش، لابنتها بياتركس يوم عيد ميلادها، لهذا اتخذ الاحتفال بهذا اليوم كيوم رسمي في هولندا وعيد ميلادها الأصلي 31 ينوري 1938.


علامات الاحتفال

في هذا اليوم ترتدي هولندا كلها اللون البرتقالي، والذي هو لون المملكة الهولندية نسبة الى مؤسس المملكة وليام فان اورانج، وكلمة اورانج تعني اللون البرتقالي، حيث يكون المحتفلين عبارة عن لون برتقالي، القبعات برتقالية، التيشرتات، وأيضا شعر مستعار برتقالي بالإضافة الى صبغ البعض وجوهم باللون البرتقالي، هذه الدلالة الرمزية هي تعبير عن انتمائهم للمملكة البرتقالية، وأيضا ولائهم للعائلة المؤسسة للمملكة،(انظر الصورة 3).

مظاهر الاحتفال- صورة 3


مظاهر الاحتفال
كما ذكرنا سابقا،يسمح بكل شيء يوم الاحتفال، ماعدا مصادرة حرية الآخرين، حيث تجد كل أنواع الاحتفال، مثل:

-عروض مسرحية في الشوارع
-الرقص
- الأزياء الغريبة
- الغناء
بالإضافة الى تواجد الباعة، لان في هذا اليوم كل شيء مسموح، والذين هم بالأساس، أصحاب مطاعم، لكن جراء توافد الإعداد الكبيرة بالشوارع، نزلوا معهم الى الشارع لعرض أصنافهم، والتي هي في الغالب سندريجات الشاورما، مع قناني البيرة،(انظر الصورة 4).

الأهالي يبيعون بضاعتهم- صورة 4

أخيرا. . . . . .
نقول بان الكتابة عن التقاليد والعادات داخل مجتمع ما، فيه صعوبة كبيرة، وتكمن تلك الصعوبة في عدم الإلمام الكامل بكل تلك المظاهر الاجتماعية، طالما انك لست من ذلك المجتمع، لكننا حولنا في هذا البحث البسيط، ان نلم يجزا يسير، وان نستعرض بعض التقاليد والعادات داخل المجتمع الهولندي، والتي لا نجدلها أثرا داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهذا ناتجا عن الاختلافات الثقافية والاجتماعية من بلد الى بلد.
حتى هولندا هذا البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الـ 20,000000 مليون نسمة، نجد فيه اختلافا ثقافياً في العادات والتقاليد من مقاطعة الى أخرى، بل حتى في المقاطعة الواحدة، وهذا ما لمسناه بشكل شخصي، عندما سكنا في مدينة Den Bosch، والتي تقع في الجنوب الهولندي، حيث نجد ان الكثير من العوائل التي تسكن بأطراف المدينة، وهم في الغالب مزارعين، ومن أصول كاثوليكية،يُحرمون مشاهدة التلفاز في دورهم، الى هذا اليوم، وقد يكون ذلك غريبا عن مجتمع متفتح جدا، كالمجتمع الهولندي، وهذا يرجع لأسباب دينية، حتى ان علاقاتهم الاجتماعية أكثر تماسكا من بقية المدن الهولندية، مثل Amsterdamو Utrecht و Rotterdam و Den Haag
، بينما السكان الذين يسكنون مركز المدينة Den Bosch، تجدهم أكثر تحررا من سلطة الكنيسة والأعراف والتقاليد.
هولندا رغم صغرها كمساحة، لكنها غنية بذلك التنوع الثقافي والديني والطائفي. لأنه يتقبل الأخر بيسر كبير، مجتمع إنساني، متعاطفا مع كل ضحايا الحروب، والكوارث، وضحايا الدكتاتوريات بالعالم، لا ينظر الى جنسية ودين الفرد، بل إلى الإنسان الذي دمرته الحروب الدموية. وهذا أيضا له أسبابه بالنسبة للهولنديين، لأنهم عانوا ما عانوا نتيجة الحربين العالميتين، وأثار الاحتلال النازي لهولندا في القرن الماضي، لهذا فهم يكرهون الحروب والى كل من يسببها.


مسرحي عراقي مقيم بهولندا
ahmadsharji@hotmail. com