في الاسبوع الفائت عقد quot;مؤتمرالمجتمع الديمقراطيquot; وquot;حزب السلم والديمقراطيةquot; الكردي اجتماعاً في دياربكر ـ آمد شاركت فيه فعاليات سياسية هامة, إلا ان الحضور الكثيف للصحفيين الليبراليين المعروفين على المستوى العالمي من امثال جنكيز جاندار ومحمد آلتان وبايرام اغلو وجاليشلار.....الخ اسبغ على هذا الاجتماع اهمية خاصة.

الاجتماع أصدربياناً يدعو فيه بالعمل على الإستعداد لتطبيق مشروع quot;الادارة الذاتية الديمقراطيةquot; في المنطقة الكردية وذلك من جانب واحد, أي دون انتظارمبادرة من جانب الحكومة. هذا الاقتراح أثار حفيظة الاوساط الشوفينية بالدرجة الاولى وكذلك احتجاجات واسعة من قبل الحزب الحاكم واحزاب المعارضة ورئيس البرلمان. المدعي العام للدولة هدد ولايزال بحل وحظر حزب السلم والديمقراطية. البعض من الحضور ابدى تحفظاته ازاء البيان قائلين: البيان لا غبار عليه ولكن لم يحن الوقت بعد....

ولكن تم نزع فتيل التوتر والانفجار بعد الاجتماع الذي تم بين رئيس حزب السلم والديمقراطية الكردي السيد صلاح الدين دميرتاش والسيد رئيس البرلمان التركي وذلك على الاتفاق بمناقشة هذه الامورعند الاستعداد لوضع دستور جديد للبلاد لاحقاً. الهدوء ساد الشارع ولكن في نفس الوقت استمر النقاش الحار في الصحافة والبرامج الحوارية التلفزيونية مع ملاحظة ارتفاع في الاصوات من الجانب التركي التي صارت تنادي بتطبيق quot;الادارة الداتية الديمقراطيةquot; ليس فقط في المنطقة الكردية فحسب وإنما في كافة انحاء تركيا كخطوة في طريق الديمقراطية الحقيقية.

السيد quot;تارهان أردم quot; الصحفي وصاحب اكبرمركز متطور لاستطلاعات الرأي في تركيا كتب في زاويته في جريدة quot;راديكالquot; يقول: quot;المادة العاشرة في الدستور العائد الى عام 1921 كانت تنص على اللامركزية, بل المادة الحادية عشرة حددت صلاحيات الدولة المركزية بـ quot; الشؤون الداخلية والعسكرية والقضاء والخارجية والاقتصاد الخارجيquot; بينما ترك المجالات التالية للادارات المحلية وهي: الاوقاف والتعليم والصحة والاقتصاد والزراعة والاشغال العامة والشؤون الاجتماعية. ولكن ما ان تم طرد اليونانيين والانكليز حتى بدأ الحكم الفردي لآتاتورك وطويت هذه الصفحة من اللامركزية الى يومنا هذاquot;.

نفس الموضوع تناوله كتاب آخرون وهذا هو النص الحرفي لتلك المادة الحادية عشرة والذي نشرته جريدة quot;طرفquot;, علماً ان كل كلمات النص تقريباً هي عربية:

Madde 11- Vilacirc;yet mahalli umurda manevi şahsiyeti ve muhtariyeti haizdir. Harici ve dahili siyaset, şerrsquo;i adlicirc; ve askericirc; umur, beynelmilel iktisadicirc; muuml;nasebat ve huuml;kucirc;metin umumi tekacirc;lifi ile menafi faydaları birden ziyade vilacirc;yata, şacirc;mil hususat muuml;stesna olmak uuml;zere Buuml;yuuml;k Millet Meclisince vaz edilecek kavanin mucibince evkaf, Medaris, Maarif, Sıhhiye, İktisat, Ziraat, Nafia, Bayındırlık ve Muaveneti İccedil;timaiye işlerinin tanzim ve idaresi vilacirc;yet şucirc;ralarının salacirc;hiyeti dahilindedir.

هذا كان ولا يزال هو حال الدولة التركية المصابة بـquot;البارانوياquot; ازاء كل ماهو كردي حتى لو وصل الامر الى سد النوافد والابواب امام ماهو مصيري للدولة من تطور في الجهاز الاداري خوفاً من quot;المارد الكردي النائمquot; وهي التسمية التي كانت تطلق سابقاً على القضية الكردية.

يبدو من الاجواء العامة في تركيا أن اللامركزية ستتحقق. من الجدير بالذكر أن العتاة من مناهضي quot;الادارة الذاتية الديمقراطيةquot; باتوا يتحدثون عن النموذج الفرنسي في هذا المجال, علماً أن فرنسا هي الآن بصدد تطبيق لامركزية أوسع بكثيرمن الصيغة المطبقة الآن.

جوهر الصراع الآن هوquot;علمquot; المناطق الذاتية الذي لا يهضمه العنصريون ولغتان رسميتان للدولة.

الرئيس العراقي جلال الطالباني صرح بعد لقاءه مع الرئيس التركي عبدالله غول بأن الحكومة التركية ستبدأ بالتعليم باللغة الكردية في المدارس في غضون خمس سنوات وأن هناك الآن كوادراً تتدرب في جامعات اقليم كردستان العراق للقيام بمهمة التعليم باللغة الكردية مستقبلاً. جاء هذا التصريح بعد اجتماع الطالباني مع السيد احمد ترك والسيدة آيسل توغلوك المسؤولان في حركة quot;مؤتمرالمجتمع الديمقراطيquot;.

ليس هناك شيء أفضل من التوافق. هذا ما نجده الآن في تركيا وهو التوافق على أن النطام اللامركزي هو في صالح الكرد والترك معاً, ونأمل ان يشمل هذا التوافق مجالات اخرى أوسع في اجواء سلمية هادئة بعيداً عن العنف ومآسيه على الشعبين الى الابد.

علينا ألا ننسى أن الادارات الذاتية واللامركزية هي من أهم دعائم النظام الديمقراطي الحديث وهو شرط اساسي للقبول في الاتحاد الاوربي وطموح تسعى اليه الامم المتحدة أيضاً.


تنويه:

عند الانتهاء من كتابة هذا الحديث وجدت أن حرباً كلامية قد بدأت بين الكثير من الكتاب الكرد تتناول quot;وثيقة سريةquot; لآتاتورك,بين من ينفي وجودها وبين من يظن ان آتاتورك كان يهدف الى إعطاء الكرد الحكم الداتي. ولكن الحقيقة هي كالتالي: في فترة معارك الاستقلال في تركيا كان الزعيم التركي مصطفى كمال آتاتورك يتقرّب الى الكرد لينال ودهم، ومن ذلك رسائله السرية الى ضباطه في المنطقة الكردية وانقرة وصولاً الى الحكم الذاتي في الدستور المذكور أعلاه. عندما استتبت الامور في عام 1923 وكأي حاكم ديكتاتوري فرد بدلّ آتاتورك مواقفه من الكرد وبدأ بالمجازر وحملات التتريك ضد الكرد وأصبحت الكماليزم سياسة الدولة حتى يومنا هذا.

السبب في تصرف آتاتورك ازاء الكرد اثناء المعارك كان الهدف منه هو تأمين مكان آمن يلجأ اليه لدى الكرد عند الفشل ليس إلا. آتاتورك, كما تعتقد الاكثرية اليوم في تركيا, أضر بالاتراك والدولة التركية أيضاً حيث حرمها من اللامركزية حينها. لولا ذلك لكانت تركيا في وضع متقدم جداً. ارجو من الاخوة الكتاب الابتعاد عن التجريح ,إذ أن الخلاف ليس في سوء النيات وإنما في نقل المعلومة الصحيحة.

طبيب كردي سوري