الدكتور جلال أمين عالم اقتصاد ومفكر وكاتب مصري، تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955، حصل علي الماجستير والدكتوراة من جامعة لندن. عين أستاذا للاقتصاد بكلية الحقوق جامعة عين شمس من 1965 ndash; 1974، وعمل مستشارا اقتصاديا للصندوق الاقتصادي للتنمية من 1974 ndash; 1978، وأستاذا زائرا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا من 1978 ndash; 1979، ثم أستاذا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ عام 1979 وحتي الآن.
من أهم مؤلفاته quot; ماذا حدث للمصريين.. تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945 ndash; 1995 quot;، الذي يرصد في سلاسة وعمق ما حدث من تغيرات في حياة المصريين خلال نصف الثاني من القرن العشرين بأسلوب ساخر جذاب، إلي جانب كتبه الأخري: وصف مصر في نهاية القرن العشرين، عولمة الفقر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمين قبل وبعد أحداث سبتمبر، عصر الجماهير الغفيرة، خرافة التقدم والتأخر، مصر والمصرييون في عصر مبارك 1981 ndash; 2008، شخصيلت لها تاريخ، فلسفة علم الاقتصاد، ماذا علمتني الحياة.. سيرة ذاتية، وأخيرا كتاب quot; رحيق العمر quot; وهو ليس جزءا ثانيا من سيرته الذاتية أو مكملا لها، كما يقول جلال أمين نفسه، وإنما كتابا موازيا لهذه السيرة التي تدخل في باب (أدب الاعتراف).
حصل جلال أمين علي جائزة سلطان العويس الإماراتية في دورتها الأخيرة مع الأديب الجزائري الطاهر وطار والناقد التونسي عبدالسلام المسدي والشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح، وهي جائزة تمنح للأعمال الثقافية المتميزة التي تثري بشكل واضح الحياة الفكرية العربية، وتم اختياره من بين (353) مرشحا في مجال الدراسات الإنسانية والمستقبلية: quot; اعترافا بإسهاماته في الاقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة، ودأبه علي نشر قيم التنوير في المجتمع متخذا شعار النهضة الشاملة أسلوبا للعمل العميق الدقيق في آن معا، فضلا عن مشروعه النظري الذي لا بفصل بين التنمية الاقتصادية في الوطن العربي والثقافة والحياة quot;.
وبمناسبة حصوله علي هذه الجائزة القيمة، وصدور كتابه الجديد quot; رحيق العمر quot;، أقامت مكتبة ألف quot; بمصر الجديدة احتفالية خاصة دعتني إليها، تضمنت حوارا مفتوحا بين الجمهور (معظمه من الشباب) والمثقفين والدكتور جلال أمين، سأنقل لك عزيزي القارئ بعضا مما جاء في هذا الحوار علي لسان مفكرنا الكبير:
bull;في كتابي quot; شخصيات لها تاريخ quot; تناولت شخصيات أحببتها وأخري كرهتها، لكنها مهمة. وكتبت عن quot; تحية كاريوكا quot; هذه الفنانة الشاملة المثقفة، التي عاشت 80 سنة وعبرت عن تحولات مصر الاقتصادية والسياسية والثقافية، من الليبرالية إلي الاشتراكية والقومية العربية وما بعدها (ولما مصر تحجبت، تحية كاريوكا تحجبت في أواخر حياتها أيضا).
bull;استشرفت الأزمة التي حدثت بين مصر والجزائر بسبب مباراة للكرة في كتابي quot; عصر الجماهير الغفيرة quot;، لأن كرة القدم أصبحت ظاهرة جماهيرة خطيرة في العالم كله، والجمهور المهووس بالنصر والهزيمة والذي تحركه روح القطيع، يضم العقلاء والجهلاء والحمقي والمتعصبين لذا يصعب السيطرة عليه.. أما وأن تتصرف الحكومات مثل الجماهير وتفقد وعيها ورشدها، فهذا هو الذي يجب أن يستوقفنا ويزعجنا.
bull;نعيش عالما جديدا بالفعل، فما موقع مصر والعالم العربي؟ وما هي سياساتنا الخارجية في علاقتنا بالعالم؟. الصين ستصبح الأولي اقتصاديا بعد عشرين عاما وسيتراجع دور الولايات المتحدة، التي سيطرت علي سياسات المنطقة طيلة أربعين عاما.. فهل سنغير سياساتنا واتجاهاتنا في العشرين سنة القادمة، أم ماذا نحن فاعلون؟.. لا يملك أحد الإجابة حتي الآن بينما العالم يتغير كل ثانية.
bull;quot; خيبات الأمل quot; هي حصيلة حياة كل منا، لأن الخيال والطموح الإنساني بلا حدود، بينما ما نطمح إليه عادة يكون محدودا بضوابط وقيود كثيرة ويصعب تحقيقه جزئيا أو كليا، فنصاب بخيبة الأمل. يفسر ذلك زيادة السخط بين الناس في الآونة الأخيرة لأن الآمال زادت والطموح في عصر الميديا وثورة الاتصالات وصل إلي أعلي درجاته بفعل المحاكاة، بينما واقعنا وامكانياتتا ماتزال أدني بكثير من المأمول.
bull;الأقباط في حالة يرسي لها، ونفسيتهم سيئة جدا بعد الأحداث الإجرامية الأخيرة في نجع حمادي، والخطأ هنا خطأ الحكومة التي أصبحت تتمركز حول ذاتها ولا يهمها غير الحفاظ علي كرسي الحكم، وهذا يجعلها تخطئ كثيرا وتكرر الخطأ تلو الخطأ، وكان يجب أن تعامل القضية القبطية أفضل من ذلك، ولا تنتظر حتي تحدث هذه المذبحة لمواطنيين مصريين عزل في ليلة عيد الميلاد وأمام الكنيسة.
bull;المثقفون لم يلعبوا دورهم الحقيقي حتي الآن (لازم يبطلوا نصب).. وأصبح معروفا للقاصي والداني أنهم ينصبون من أجل الرزق والاسترزاق، يجب أن يركزوا علي القضايا الحقيقية ويقدموا معالجة مخلصة لها، وسأضرب مثلا بظاهرة (الميكروفونات) وهي ظاهرة مزعجة جدا، تخلط بين ما هو إلهي وما هو بشري، فالميكروفون مسألة بشرية محضة وعدم مواجهتها من قبل المثقفين معناه الخضوع والاستسلام لرغبة الجماهير، فأين هنا شجاعة المثقف وجرأته؟ وكيف ستتغير المجتمعات وتتقدم؟.. لقد أصبح نقد الحكومات من قبل المثقفين (أأمن) وأسهل كثيرا من نقد الممارسات الخاطئة للجماهير، وهي حقيقة تعرفها الحكومات عن ظهر قلب من المحيط إلي الخليج، لذا أصبحت القاعدة بين المثقف والسلطة، هي: قل ما تشاء، وسأفعل ما أريد.

[email protected]