بقيت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طوال رئاسة المصري الدكتور quot; محمد البرادعي quot;، الذي تولى منصبه في عام 1997م وبقي فيه لمدة 12 عاما، ممسكة بالعصا من الوسط في ما يخص الملف النووي الايراني حيث كثيرا ما عملت الوكالة اظهر موقفها من الملف النووي الايراني على انه موقفا مهنيا محايدا وكثيرا ما فندت التقارير الاستخباراتية والدبلوماسية الامريكية والغربية التي تحدثت عن تطوير ايران لبرنامجها النووي للوصول به الى مرحلة انتاج القنبلة النووية lsquo; وبذلك قدمت الوكالة خدمة مجزية لايران حيث منحتها الوقت الكافي لبلوغ مرحلة انتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%الذي اعلنت عنه طهران قبل ايام. والفضل في ذلك كله طبعا يعود لرئيس السابق لوكالة الدولية لسيد محمد مصطفى البرادعي.


الا انها وبعد فترة وجيزة من تولي الياباني quot; يوكيا أمانو quot; رئاستها غيرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من موقفها السابق وقدمت تقريرها عن الملف النووي الايراني الى هيئة حكام الوكالة جاء فيه quot; ان المعلومات التي في حوزة الوكالة تثير مخاوف من احتمال وجود نشاطات غير معلن عنها في السابق، تتعلق بشأن تطوير شحنة نووية يمكن تحميلها على صاروخquot;.


وقد جلب هذا التقرير رضا كل من امريكا و الدول الغربية حيث اعرب المتحدث باسم الخارجية الامريكية quot;فليب كرولي quot; عن تقديره لهذا التقرير ووصفه بانه يحتوي على امور مقلقة للغاية. اما نائب الرئيس الامريكي quot; جوزيف بايدن quot; فقد اشار الى الجانب المهني في التقرير وقال quot;اننا بالتعاون مع شركائنا الدوليين نتهيئ لاتخاذ اجراءات حاسمة ضد ايران حتى تتعلم ماذا يعني نقض المعاهدات والقوانين الدولية quot;.


اما الناطق باسم الحكومة الالمانية quot;اولریش ویلهلمquot; فقد اعرب عن قلق بلاده الشديد حيال المعلومات التي احتوى عليها تقرير المنظمة الدولية lsquo;وقال ولهلم ان quot; استمرار ايران بتجاهل مطالب الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة الامريكية سوف يجبرنا على اتخاذ عقوبات جديدة ضدها quot;. وتعليقا على سؤال حول اذا ما كانت المانيا سوف تشارك في هجوم مباغة على ايران؟ اجاب quot;ان الحل العسكري غير مطروح quot;. وقد جاءت مخاوف quot; اولريش ويلهم quot; متطابقة مع مخاوف الصحف و وسائل الاعلام الالمانية التي ابرزت عناوين عريضة لهذا التقرير. وفي هذا الاطار كتبت صحيفة quot;بیلد سایتونغ quot; ان ايران مشغولة بصنع قنبلتها النووي وان تصريح ويلهلم بشأن استبعاد الخيار العسكري قد جاء بدون توافق الرأي مع واشنطن وتل ابيب. علما ان بعض النقاط الخاصة بهذا التقرير قد تم نشرها على موقع الوكالة عبر شبكة الانترنيت قبل ان يجري عرض التقرير بشكل رسمي على اعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الاجتماع المقرر انعقاده في شهر مارس القادم.


فالنقاط التي وردت في تقرير الوكالة وجلبت الاهتمام و يدور النقاش حولها هي ثلاثة نقاط رئيسية، خيار الهجوم العسكري و الاسألة التي بقيت بدون جواب من الجانب الايراني، و المعلومات الغزيرة والهامة المتوفرة لدى الوكالة والتي تم جمعها خلال مرحلة زمنية طويلة من خلال مصادر وقنوات عديدة وهي تتوافق الى حد بعيد مع الجزئيات الفنية والفترة الزمنية التي قطعها المشروع النووي الايراني، بلاضافة الى الاشخاص والمؤسسات التي لها ارتباط مباشر بهذا المشروع.
مجموعة هذه النقاط هي التي تسببت بوجود القلق و احتمال ان يكون النظام الايراني يعمل على صنع رأس صاروخ نووي او انه قد توصل الى صنعه.
فهذه النقاط التي وردت في التقرير الجديد للوكالة الدولية لطاقة الذرية والتي يتحدث عنها السياسيون الغربيون و وسائل الاعلام الغربية بزهو معتبرين وكانها نصر تحقق لهم، في الواقع انها ليست بجديدة مطلقا كما انها لا تكشف عن وجود معلومات هامة حصلت عليها الوكالة الدولية، ولكن ما هو جديد ومهم في الامر هو التقييم السياسي في التقرير واهميته تكمن في كونه اول تقرير يصدر عن الوكالة بعد رحيل البرادعي وتوليquot; يوكيا امانوquot; امانتها العامة.


ان المصادر التي استند اليها تقرير الوكالة الدولية هي مصادر استخباراتية، وان من اهم الادلة التي اعتمدتها الاجهزة الاستخباراتية كمعلومة هو جهاز حاسوب نقال quot; لاب توب quot; الذي على يبدو جرى تهريبه من ايران و يحتوي على خرائط لرأس صاروخ نووي ولكن وكالة الطاقة الذرية لم تستطع لحد الان اقناع الولايات المتحدة بالكشف عن المستندات التي يحتويها هذا الحاسوب بشكل علني.


ایران من جانبها حاولت ان تمتص الصدى الذي خلفه تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية واكدت على لسان مرشدها الاعلى آية الله quot; علي خامنئي quot; قبل ايام انها غير راغبة بامتلاك السلاح النووي ولا تسعى لانتاجه. وهذا امر طبيعي ان تطلق ايران مثل هذا الكلام للتقليل من الضغوط التي تواجهها ولكن هذا لا يعني باي حال من الاحوال انها صادقة فيما تقول، فلو كانت فعلا غير راغبة في امتلاك السلاح النووي ومشروعها سلمي كما تزعم لفتحت ابواب منشأتها امام المفتشين ولما احتاجت الى بناء مواقع سرية، ولما عرّضت نفسها لقعوبات دولية و ربما ضربة عسكرية يدفع ثمنها ابناء الشعوب والقوميات الايرانية وتعرض المنطقة لمزيد من الحروب والدمار.

كاتب احوازي