قبل أيام، قدم وزير الدولة لشؤون الدفاع الهولندي جاك دي فريس، إستقالته من منصبه على خلفية علاقة غرامية تربطه بسکرتيرته رغم أنه متزوج ولديه أطفال، وقبل هذا، قدم دنيز بايکال، رئيس الحزب الجمهوري في ترکيا إستقالته من منصبه إثر نشر فلم على مواقع على شبکة الانترنيت يظهره مع أمرأة قيل أنها نائبة سابقة في البرلمان الترکي. هذان الامران و مسائل أخرى مرتبطة بالفساد السياسي و الاداري و الاقتصادي، باتت أمور مألوفة في العالم المتحضر(وترکيا الى حدما)، و لاتثير تعجب و إستغراب أي کان، ذلك أن هنالك سقف و حدود من القوانين و الانظمة المرعية التي تسري على الجميع سواسية من دون إستثناء.


هذا النبأ، عندما قرأته لأول مرة، فکرت بزعمائنا و ساستنا الشرقيين في بلداننا، وتسائلت مع نفسي، ترى کم هي عدد محظيات فلان و فلان من القادة و الساسة، وکم هي صارمة و منغلقة تلك الدائرة الخاصة التي تقوم بأعمال الاشراف و التهيأة لمثل هذه الامور وکم هو مستحيل و الى درجة الاعجاز نقل ولو مجرد تلميح عن ثمة علاقة غرامية تربط ذلك الزعيم او القائد بثمة امرأة ما خارج اسوار او دائرة الزواج، ماعدا بعض من الاخبار اليتيمة و غير المؤکدة التي کانت تتحدث عن إرتباط عاطفي بين الرئيس العراقي الاسبق الزعيم عبدالکريم قاسم و فنانة لبنانية و کذلك ماذکر عن وجود علاقة غرامية بين المشير عبدالحکيم عامر و الفنانة برلنتي عبدالحميد إنتهت بالزواج، وکذلك ماکان قد نشر عن فضائح لساسة لبنانيين في الستينيات من القرن الماضي، و مجرد إشاعات و تلميحات ضبابيةquot;ماضيا و حاضراquot; عن علاقة غرامية تربط بين فنانات عربيات و ساسة أو أمراء و مايشاع عن عروض زواج مغرية ناzwnj;هيك عن ماقيل و يقال عن زيجات خاصة جدا بعيدة جدا عن الاضواء، وطبعا لم يصل الامر مطلقا الى حد نشر تفصيلات کاملة و موثقة لتلك الانباء.

في بلداننا، حيث تحشر العديد من المسائل و القيم الاجتماعية ضمن بوتقة بالغة الاحکام، يکاد أن يکون الشرف واحدا من أهم و أکثر تلك المسائل و القيم حساسية و خطورة، خصوصا عندما تتعلق القضية بواحد منquot;صفوةquot;القوم ضمن البطانة الحاکمة فماذا لو کان الامر متعلقا بالحاکم بأمر الله ذاته؟ والذي يعقد الامر و يجعل مجرد التصدي او المحاولة لطرح عملية إعادة فهم و معاملـة إجتماعية عامة لمسألة الشرف، هو ذلك الاتفاق المبرم ضمنيا بين العقل الجمعي للمجتمع و الثلة الحاکمة، وبموجها أعتبر و يعتبر الشرف و متعلقاته خطا احمرا لايجب المساس به تحت أي ذريعة او مبرر، ومن هنا، فإن مجرد طرح قضية تمس مسألة الشرف في مجتمعاتنا فإن النظرة العامة لمن يتعلق به الامر سوف تصبح سلبية و يفرض عليه حصار معنوي أشد قوة و بأسا من الحصار الذي تفرضه الدول العظمى على ما يسمونه الدول المارقة، ولأجل ذلك، فإنه من ملايين المستحيلات ان يتوفق احدهم يوما بإصطياد ولو مجرد قلامة أظفر من موضوع بهذا السياق يکون بطله من تصرخ الجموع من أجله دوما في بلداننا: بالروح بالدم نفديك يا..

يقول الشاعر الصوفي الايراني ابو سعيد ابو الخير في احدى قصائده البديعة:
لا مکان للإستقرار و السکينة في مملکة العشق، وان من إکتوى قلبه او مس جسده طائل من الرغبة او عوامل الشهوة لطرف آخر أدنى منه من مختلف النواحي، فإنه قطعا فيما لو صعبت عليه مسألة لجم او کبح تلك الرغبة او الشهوة(وهو الحالة الاکثر ترجيحا في الغالب)، فإنه سيسعى لإتمام صفقة ما تکفل إطفاء نار تلك الرغبة الحمراء و يقوم بإبرامها دوما وسطاء مخلصون و متفانون لهؤلاء أکثر من تفانيهم لشرفهم بحد ذاته والحق ان کل المحاولات المبذولة لإقامة علاقات عاطفية او جنسية خارج اسوار الزواج ولاسيما من جانب اولئك الذين يديرون دفة الامور في بلداننا، تعتبر جزئا من الاسرار الخاصة للدولة للترابط الشديد بين هؤلاء و کل القوانين و الانظمة المرعية، بل وان هؤلاء يعتبرون حتى أعلى کعبا و مقاما من القوانين المرعية التي قال عنها صدام حسين يوما وفي لحظة إحساس غامر بنشوة السلطة و الفوقية، انها(جرة قلم).

بديهي، أن متعلقات الحاکم بأمر الله، هي غير متعلقات مسؤولي الدرجة الثانية(وزراء و برلمانيين و حتى زعماء أحزاب او شخصيات إجتماعية او إقتصادية بارزة)، وکثيرا ماتتجمع معلومات خاصة لدى الحاکم بأمر الله او(عينه او عيونه الامينة)، بصدد علاقات غرامية و جنسية عن هذه الشريحة، فيتم إستغلالها کسيف ديموقليس ضدهم، کما کان الحال مع وزير من عائلة إجتماعية معروفة جدا في احدى بلداننا المشرقية حيث قامت دورية خاصة(مأمورة بإذن الحاکم بأمر الله) بضبطه في ليلة ليلاء و في إحدى الطرق الفرعية النائية و هو يقضي لحظات حمراء مع احداهن، وعلى الرغم من صراخه و هياجه بأنه وزير و انه سيخرب بيوتهم، لکنهم لم يأبهوا له مطلقا وانما اقتادوه الى مکان خاص، وهناك اخلوا سبيله بعد أن أفهم علنا بأن قضيته باتت محفوظة في هذا المکان لإعتبارات يجب أن لاينساها!

يکثر الحديث في بلداننا عن حرية الصحافة و الاعلام و انها تتمتع بقدر أکبر من الحرية قياسا للغرب کما قد تم تأکيده من جانب الزعيم الليبي معمر القذافي بنفسه، لکن، لم تساعد هذه الحرية (الهبة)و(المطلقة)، بکشف ولو مجرد حالة سلبية غير مقصودة واحدة تتعلق بالحاکم بأمر الله او بطانته المقربة منه، ومن يدري فلعل زعمائنا و ولاة أمورنا قد لايملکون فعلا أية اسرار خاصة ليست لهم في الحقيقة أية علاقات غرامية او جنسية خارج اسوار الزواج وانهم فوق الشبهات، وکل مافي الامر ان امريکا و اسرائيل و المتربصين شرا ببلداننا، يسعون لنشر هکذا غزيل قذر لاوجود له إلا في مخيلتهم!