لايبدو في الافق أي إحتمال وارد بخصوص التوصل الى إتفاق او حتى صفقة(في المرحلة الحالية)، بين النظام الديني المتشدد في طهران من جانب، و الدول الغربية بقيادة واشنطن من جانب آخر. ولايبدو الاتفاق الذي وقعته ترکيا و البرازيل مع إيران يوم الاثنين 17 مايس آيار، مرحب به من جانب الغرب و الولايات المتحدة الامريکية بشکل خاص، حيث من المرجح أن هنالك العديد من الثغرات و المطبات التي من الممکن لمسها او إکتشافها بسهولة في هذا الاتفاق الاقرب مايکون للهش، بيد انه وفي نفس الوقت يمکن إعتبارهzwnj; کمبرر معقول للتمهيد لفترة(لاحرب و لاسلم)حقيقية أخرى بين الطرفين حيث يقوم کل طرف بالشروع فيما يفکر فيه و يراه مناسبا له.

ان إذعان طهران لإتفاق الاثنين والذي لايمکن إعتباره حلا وسطا غير انه قد يمهد لأرضية مناسبة لإتفاق حقيقي و واقعي يناسب الطرفين و يبعد شبح التوتر و التوجس عن أجواء المنطقة، ليس من الممکن إعتباره إذعانا و تسليما حقيقيا من جانب طهران للأمر الواقع وانما هو إمتداد عادي و متناغم مع الخط العام الاساسي لسياستها المرسومة بالنسبة للملف النووي و سعي ذکي جديد للإلتفاف على الضغوطات الدولية و إمتصاصها بالشکل الملائم وفي اللحظة المناسبة، خصوصا وان طهران قد أدرکت و بصورة لاتقبل الجدل أن المجتمع الدولي مصمم على إتخاذ موقف حدي منها وبالاخص بعد الاختلاف الذي طرأ على موقفي کل من روسيا و الصين، وهو أمر دفع المسؤولين الايرانيين الى التعامل مع الموقف بجدية بالغة و الجنوح نحو أهون الشرين، ذلك أن الاتفاق الحالي في خطه العام لا يتماشى أبدا مع السياق الذي کان هؤلاء قد رسموه لسياستهم النووية.

وبديهي ان التوقعات الحذرة التي أبدتها الاوساط السياسية و الاعلامية في المنطقة و العالم بخصوص التفاؤل بالتوصل لثمة إتفاق مع طهران على خلفية زيارة(اللحظات الاخيرة)التي قام بها الرئيس البرازيلي لإيران، کان مبنيا بالاساس على الوضع الحرج و غير المستقر لطهران بعد أن شهدت مدا و جزرا إستثنائيين و تصعيدا غير مسبوقا من جانب مختلف الاطراف الاقليمية و الدولية حتى شعرت أنها قد باتت وسط مايمکن تشبيهه بکماشة شبه محکمة من مختلف الجهات تمهيدا لعملية خنق بطيئة جدا لکن مؤثرة، وفي الوقت الذي أکثرت فيه الولايات المتحدة الامريکية و دول اوربية محددة من إطلاق تهديدات جدية و قوية ضد النظام الديني بالاعتماد على مبدأ الحرب الناعمة رغم أن ثقتهم لم تکن مطلقة بنجاح حربهم هذه في فترة قصيرة نسبيا، وکانت طهران ازاء ذلك ترد بلغة مطاطية لاهي رافضة بقوة و لاهي مذعنة للواقع بصورة مقنعة و مقبولة، لکنها في نفس الوقت أدرکت بأنها ليست في مستوى التحدي الدولي الجديد ضدها خصوصا وان اوضاعها الداخلية تشهد تمزقات و إنفلاتات غير مسبوقة، فإن إتفاق الاثنين جاء مناسبا تماما للطرفين، على الرغم من أن الغرب قد لايجده ملبيا ولو لجانب من مطالبها المتعددة منها، فإنها ستسعى کما ينتظر العمل الجدي لتطويره و دفعه خطوات إيجابية للأمام، بيد ان النقطة الاهم من کل ذلك، أن طهران قد فرت مرة أخرى بجلدها من المسلخ الغربي و إستحقت بجدارة لقب الرابح الاکبر وهي نقطة يجب أن تفکر فيه العواصم الغربية طويلا طويلا وهي تنساق مرة أخرى لسياسات التضليل و الضبابية من جانب نظام صار بحق شاغل الدنيا و مالئ الناس!