بطريقة انتقامية تعرض السفير الباكستاني في طهران quot; محمد بخش عباسي quot; الثلاثاء 11-5-2010 للطعن بالسكين على يد مواطن أفغاني بحسب ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية quot; رامين مهمانبرست quot; الذي زعم ان سفير باكستان كان ذاهبا الى حمام الساونا في أحدى المناطق الشعبية لوحده دون ان يكون معه سائقه أو اي مرافق آخر lsquo; وعندما أراد الرجوع من ذلك المكان حصلت مشادة كلامية بينه وبين شخص أفغاني، ما أدى الى حصول اشتباك بينهما بالأيدي، لكن قوى الأمن تدخلت واعتقلت الشخص الأفغاني ، وقد أصيب السفير الباكستاني ببعض الجروح الطفيفة . هذه كانت الرواية الإيرانية الرسمية أما رواية الشهود الذين نقلت عنهم وسائل الإعلام تفاصيل الحادثة فهي تختلف كليا عن الرواية الرسمية وهذا طبعا أمر اعتاد عليه الإيرانيون وغيرهم ممن خبروا النظام الايراني ورواياته للأحداث التي دائما تكون عكس الواقع lsquo; ولا غرابة في ذلك فنظام الملالي لا يوجد اشطر منه في صنع الروايات واختلاق الأحاديث الكاذبةlsquo; فالكتب العقائدية و الفكرية والخطابات السياسية لقادة هذا النظام تشهد على ذلك lsquo; ولهذا فلا غرابة أذا ً عندما نسمع رواية من الناطق باسم الخارجية الإيرانية مغايرة للرواية الحقيقة لحادثة تعرض السفير الباكستاني في طهران لهجوم بسكين .
أما عن سوابق الاغتيالات والقتل السياسي المشابهة التي شهدتها طهران والتي جرت لمناوئين لنظام الملالي أو لحكومة الرئيس الحالي quot;احمدي نجادquot; خصوصا lsquo; فهي كثيرة و غالبا ما يبرئ منفذو هذه الجرائمlsquo; الذين غالبيتهم إما من عناصر مليشيا التعبئة ( الباسيج ) أو من عناصر المخابرات ( الاطلاعات )lsquo; وتجري تبرئتهم بحجج عديدة lsquo; فتارة تكون صحية وتارة أخرى يحمل المغدور المسؤولية ويطلع الجاني برأة على اعتبار ان دوافع الاعتداء أو القتل كانت دفاعا عن النفس lsquo; ورغم كثرة هذه الأحداث إلا انه لم يشهد تجريم أيا ً من الذين قاموا بارتكابها lsquo; فأشهر منفذي هذه الاغتيالات وهو quot; سعيد عسكرquot; احد عناصر قوات التعبئة و الذي قام بمحاولة اغتيال quot; سعيد حجاريان quot; الذي كان يعمل مستشارا للرئيس السابق محمد خاتمي و هو ابرز وجوه الإصلاح السياسي في إيران . فهذا الجاني سعيد عسكر و رغم اعترافه بجريمته إلا انه وصف حينها بأنه مختل عقليا نتيجة تعرضه لجروح بالغة في الحرب الإيرانية مع العراق lsquo; ولكن الغريب انه وبعد فترة أطلق سراحه وعين مؤخرا lsquo; مديرا لمؤسسة quot;ایثارگران quot; المضحون . وقد جاءت محاولة اغتيال quot;حجاريان quot; بعد ان كتب في الرد على منظر العنف الحكومي و الأب الروحي للرئيس احمدي نجادquot; آية الله مصبح يزدي quot; زعيم جمعية quot; الحجتية quot; التنظيم السري الموازي لتنظيم الماسونية في إيران .
ومن تلاقي الصدف ان تأتي حادثة الطعن بالسكين التي تعرض لها السفير الباكستاني بعد أيام قلائل فقط من حادثة الطعن المشابهة التي تعرض لها وزير الاتصالات في عهد حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي lsquo; الدكتور احمد معتمدي، في مكتبه بجامعة أمير كبير في طهران قبل أيام lsquo;.والغريب أيضا ان الجهات الأمنية التي أعلنت عن اعتقالها للجاني فأنها رفضت الكشف عن هويته و نفت ان يكون الحادث له خلفيات سياسية بينما رواية الشهود الذين أنقذوا الدكتور معتمدي أكدوا ان المعتدي كان من الطلبة المتشددين الموالين لحكومة احمدي نجاد ومن عناصر ما يسمى بقوات التعبئة الطلابية lsquo; وان تعرض الوزير السابق لمحاولة الاغتيال جاءت بسبب مواقفه السياسية من حكومة احمدي نجاد lsquo; حيث يعد الدكتور معتمدي واحد من وجوه الإصلاح في إيران. و من هنا يأتي الطعن بالرواية الرسمية الإيرانية لحادثة الاعتداء على السفير الباكستاني لتعارضها مع الحقائق .
ان التجارب السابقة للاغتيالات السياسية التي يحفل بها تاريخ النظام الايراني lsquo; و جناح المتشددين فيه على وجه الخصوص quot; تأكد ان حادثة الاعتداء على السفير الباكستاني كان عملا مدبرا من قبل أجهزة الاستخبارات الإيرانية لاغير lsquo; فهي الجهة الوحيدة التي يمكنها القيام بمثل هذا العمل الإجرامي حيث ليس لأي جهة أخرى مصلحة في هذه الحادثة .
أما لماذا أقدمت المخابرات الإيرانية على هذه الفعلة ضد سفير حكومة صديقة وحليفة لهاlsquo; ولماذا استخدمت شخصا أفغانيا لتنفيذ هذه العملية؟lsquo; فالواقع ان هناك أكثر من سبب تهدف إليه المخابرات الإيرانية من وراء عملية طعن السفير الباكستاني.
اولا lsquo;ان المخابرات الإيرانية لم تكن ترد قتله حتى لا تدخل بلادها في أزمة مع باكستان قد تؤدي الى توقف التعاون ألاستخباراتي والأمني بين البلدين حيث ذلك سيكون فيه خسارة كبيرة لطهران .
ثانيا lsquo; ان قيام المخابرات الإيرانية بتنفيذ هذا الاعتداء هو في الواقع انتقاما من السفير الباكستاني وذلك بسبب طعنه بروايتها التي عرضتها بشأن عملية اعتقال زعيم جندالله البلوشية quot; عبدالمالك ريغيquot; التي جرت في شباط فبراير الماضي والتي زعمت أجهزة المخابرات الإيرانية حينها انها اعتقلت ريغي بمفردها وبالطريقة الجمسبوندية التي عرضتها وقتهاlsquo;فالسفير الباكستاني كان أول من طعن بالرواية الإيرانية آنذاك مما تسبب بتوجيه لطمة قاسية للمخابرات الإيرانية وذلك عندما صرح من طهران مؤكدا أن بلاده ساعدت إيران على اعتقال زعيم حركة جند الله عبدالمالك ريغي . وبلهجة تحدي قال lsquo; quot;سأقول لكم ان هذا العمل لم يكن ممكنا لولا تعاون باكستان ، وستكتشفون معلومات أخرى في اليومين أو الثلاثة المقبلةquot;.
لقد كان هذا التصريح كافيا ليثير غضب النظام و أجهزته الاستخباراتية التي فشلت بإقناع الشعوب الإيرانية والعالم بصدق روايتها بشأن عملية اعتقال ريغي مما جعل هذه الرواية تتحول الى نكتة يتندر بها الإيرانيون على نظام الملالي وأجهزة الاستخباراتية .
أما بشأن ما قيل من ان المهاجم كان أفغاني الجنسية lsquo;فان هذا يدل على ان السلطات الإيرانية تنوي القيام بحملة اعتقالات وتسفير جماعي للمهاجرين الأفغان في إيرانlsquo; وأنها سوف تجعل من هذه الحادثة مبررا لعملية تسفير الأفغان وذلك تحت يافطة الدواعي الأمنيةlsquo; وهذا العمل سوف تقوم بها انتقاما لما جرى في المظاهرات التي سيرها الآلاف من الأفغان في كابل ومدن أفغانية أخرى في الأيام الماضية والتي جرى فيها سحق بالأحذية و حرق لصور لمرشد الثورة علي خامنئي والرئيس الايراني احمدي نجاد lsquo; وهذا ما أغاض السلطات الإيرانية كثيرا حيث قامت على اثر ذلك باستدعاء السفير الأفغاني في طهران وقدمت له احتجاجا رسميا .
ان عملية الاعتداء على السفير الباكستاني في طهران تظهر مرة أخرى العقلية الدموية لنظام الايراني وأسلوب هذا النظام في الانتقام ممن يحاولون تفنيد رواياته وكشف أكاذيبه lsquo; حتى وان كان هؤلاء سفراء أو مواطنون لدول أخرى .

كاتب احوازي