من يصدق ان في عراق النفط والديمقراطية هناك اعداد كبيرة ممن لا يجدون قوت يومهم ومن يعتمد على المساعدات الانسانية في توفير لقمة العيش والحصول على العلاج من المرض ومن يصدق ان في بلد تصل ميزانيته الى ثمانين مليارا من الدولارات يوجد عدد كبير من المتسولين ربما تزيد على اعدادهم في اي بلد اخر.


ففي بلد تصل دخول مسؤوليه واركان حكومته الى عشرات الالاف من الدولارات يفترض ان يكون الفقر فيه في ادنى حالاته والخدمات في اعلى مستوياتها حتى تكون المعادلة صحيحة والا سيكون هناك خلل وتقصير كبيرين.


ففي الكثير من البلدان الفقيرة كما هو الحال مع بعض البلدان الافريقية نجد الفارق قليلا بين دخول المواطنين والمسؤولين فلا يوجد في الغالب تمييز كبير في المستوى المعاشي او في مستوى الخدمات المقدمة لكل منهما ونفس الشيء بالنسبة للدول المتقدمة التي يصل دخل الفرد فيها الى اعلى مستوى حيث نجد راتب المسؤول في مستوى ذلك او دونه ما يجعل النظام المالي لتلك البلدان منسجما مع قيم العدالة والمسؤولية.


فهل نختلف نحن عن هؤلاء؟ وهل انساننا اقل منزلة وقيمة من الاخرين؟ ام هل ان مسؤولنا اكثر قيمة واهمية من مسؤولي الاخرين حتى نجد مثل هذا التفاوت.
لقد بقيت مستويات الفقر على حالها على الرغم من تحسن الاوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع مستوى الدخل الوطني الامر الذي يؤكد عقم الاجراءات المتبعة لمواجهة الفقر فقد بقيت نسبة كبيرة من الاسر العراقية بدون سكن لائق وبدون مورد ثابت.


وبغض النظر عن التقديرات الخاصة بمستوى الفقر او عدد الفقراء والمعدمين فان وجود اي نسبة من هؤلاء هو دليل كاف على وجود خلل ما في النظام الاداري وفي طريقة التعامل مع الواقع الاقتصادي والاهم من ذلك هو الفارق الكبير في مستويات المعيشة في ظل اقتصاد لم تنموا فيه بعد الاسس الراسمالية.


ان من المعيب ان يكون هناك فقير في بلد غني ومن المشين ان يحضى البعض بحقوق لا يحضى بها اخرون فثروات هذا البلد ملك الجميع ومن حق الجميع التمتع بها بشكل متساوي ولا فضل لاحد في ذلك على الاخر.