بداية، لست من مؤيدي الاعدام جملة و تفصيلا و ارفضه من مختلف النواحي، ولست أنتظر أو أحبذ تنفيذ هذا الحکم البربري بهشام طلعت حتى وان ثبتت إدانته بشکل قاطع لکن ذلك لايعني الدعوة لاخلاء سبيله او الرأفة به، وانما ادعو الى إنزال عقوبة قانونية تتفق و حجم الجريمة بعيدا عن الاعدام.


عملية القتل الهمجية التي جرت بحق الفنانة اللبنانية سوزان تميم و مارافقتها و تمخضت عنها من نتائج و تداعيات و تفسيرات و إحتمالات، لم تربط عبثا او من دون طائل بالمليونير المصري هشام طلعت ولم تکن تلك السفرات و التحرکات المشبوهة التي قام بها ضابط الاستخبارات السابق محسن السکري بطلب من هشام طلعت، مجرد سفرات بريئة و خالية من النوايا الشيطانية و الشريرة، وانما ان هناك أکثر من رابط او علاقة وثيقة قوية جمعت بين هذه الجوانب الثلاثة و أفرزت عنها معادلة خاصة تقود الى جريمة منظمة ارتکبت عن قصد و سابق إصرار.


ومع مارافقت القضية من متعلقات متباينة، فإن إماطة اللثام عن جانب من الحياة الخاصة للفنانة سوزان تميم و الترکيز عليها إعلاميا بصورة ملفتة للنظر، تدعو للتوجس و الريبة من أن هناك ثمة أيادي تحرك الخيوط و تعبث بها من وراء الستار لأهداف محددة و غايات معينة، سيما تلك إثارة تلك المعلومات التي تثير حفيظة الرأي العام و تؤلبه ضد سوزان تميم بشکل خاص و تدفعه للتعاطف بشکل او بآخر مع المليونير السجين الذي بدأت اولى خيوط تأثيراته على القضاء المصري من خلال القبول بالطعن المقدم ضد قرار الاعدام و ماأعقبها منquot;غيث سينهمرquot;، إذ ومع إعداد الرأي العام و توجيهه ضد سوزان تميم و مارافقه من نجاح الطعن بقرار الاعدام الصادر بحق هشام طلعت، أعقب ذلك مايتردد عن قوله بأن هناك ثمة تلاعب بالکاميرات، و في هذا الاثناء، يلفت الانظار حملة منظمةquot;ذکيةquot;للإيحاء بإحتمال براءة هشام طلعت و إخلاء سبيله، وکل ذلك کما يبدو وکأنه فصل مسرحي محبوك بصورة متقنة للغاية، فقد کان و لايزال و سيبقى للمال سحره و بريقه و تأثيره الاستثنائي على مختلف الاصعدة ومثلما کان البترودولار و المصالح الايرانية المتداخلة مع دول اوربية ذات وزن دوره في إخفاء او التستر على جرائم قتل إرتکبتها الاستخبارات الايرانية في کل من فينا و برلين، فإن نفس الامر کما يبدو سيعود للإطلال علينا مجددا من خلال العدالة المصرية التي بدأت بالتأرجح أمام التأثيرات القوية القادمة من اوساط ذات صلة قوية بالمليونير المصري السجين.


ان النقطة المهمة و الجوهرية في هذه القضية، أن هشام طلعت لم يعتقل على مجرد شبهة او ظن وانما على خلفية معلومات إستدلالية موثقة و قوية ليست بالامکان الاستهانة بها او التقليل من حجمها و ان السياق الحالي الذي طفقت القضية تتخذه مسارا لها يبين بوضوح من أن هناك ثمة سيناريو مخطط له بدقة و ذکاء ومتفق عليه سلفا، يقود في النهاية الى دفع القضية بإتجاه فضفاضي يؤدي الى إشاعة جو من الضبابية و الالغاز بشأن المتهم تمهيدا للفلفة القضية وخراج هشام طلعت منها کما تخرج الشعرة من العجين، وهو أمر يکاد أن يکون في حکم المؤکد!