بعيداً عن الشد والجذب بين مؤيد ومعارض، بعيداً عن المتطرفين والسلفيين مر بذهنى سؤال!! هل بمصر حرية اعتقاد؟!

اعتماداً على نصوص الدستور المصرى مثل المادة 40 ومادة 46 الناصتين على حرية العقيدة بالطبع ستكون الإجابة نعم.. وسيسهب بعض الشيوخ فى حرية العقيدة فى الإسلام مستشهدين بأن الدين يسر لا عسر... ومن شاء فليؤمن ومن شاء أن يكفر فليكفر... بل سيذهب عدد من الشيوخ إلى أبعد من هذا ويتناولون حرية العقيدة فى التاريخ الإسلامى، وكيفية حفاظ الإسلام على حقوق وأموال الغير على مر التاريخ، ربما يردد العديدون الوثيقة العمرية بدون قرائتها (شاهد ما شافش حاجة)، وسيتبارى مسلمون وأقباط فى إثبات حرية العقيدة بمصر، وربما يتدخل أحد جهابذة الأقباط مثل الدكتور نبيل لوقا بباوى بإصدار كتاب يتطرق لحرية الاعتقاد منذ منتصف القرن السابع، وربما يسرد رئيس مجلس الشعب محاضرة طويلة عن حرية الاعتقاد بمصر باعتباره رئيس المجلس التشريعى للمحروسة... فبدون الدخول فى مشاحنات بين مسلم، مسيحى، وبهائى، وقرآنى، حاولت الإجابة من أرض الواقع بعيداً عن الشعارات الرنانة والمعارك الطاحنة بين أصحاب الأديان، الكل يدعى أن دينه دين السماحة والحب والعدل والمساواة، من خلال قراءة نقدية واقعية لحال حرية العقيدة على أرض الواقع بمصر، بعد بحث وتمحيص أدركت أن مصر بها حرية اعتقاد، وحرية دينية، رغم أنف الكونجرس الأمريكى ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، بمصر حرية دينية، ولكن الاختلاف فى مفهوم الحرية الدينية لدى النظام بمصر ولدى العالم الحر هو المحك الحقيقى... الحرية الدينية فى مصر تسير فى اتجاه واحد quot;One way trafficquot; فالحرية الدينية هى حرية دخول الإسلام.. ومن يحاول الخروج من الإسلام أو العودة لديانته يقف أمام الحقيقة المرة، فمواد الدستور المصرى المنمق تنميقاً جيداً يساوى دساتير العالم المحترم، ولكن على أرض الواقع دستور معيب به الكثير من التناقض أهمها الحرية الدينية.

أسباب انعدام الحرية الدينية
القانون المصرى:
فطبقاً للائحة التنفيذية للشهر العقارى التى نصت على إجراءات إشهار إسلام، حيث نصت على أنه لا يقبل إشهار إسلام أى شخص يقل عمره عن 16 عاما، وبعد أن يحصل طالب الإشهار على شهادة من الأزهر تفيد اعتناقه الإسلام يقوم بتحرير محضر بقسم الشرطة لإثبات الحالة، ثم بعد ذلك يتوجه لمديرية الأمن التابع لها (قسم الشئون الإدارية والدينية)، وتعقد له جلسة نصح وإرشاد بحضور أحد رجال الدين من أفراد طائفته، وذلك لحثه على العودة لدينه فإذا أصر على الإسلام تعطى له شهادة اعتناق ليتوجه بها إلى مصلحة الشهر العقارى التى تقوم بتوثيق هذا الإشهار، وتعطى له شهادة تسمى(إشهار إسلام)، وهى المحرر الوحيد الذى يوثق بدون أى رسوم ثم بعد ذلك يتوجه طالب الإشهار إلى مكتب السجل المدنى لتغيير اسمه وديانته، ولكن!! بعد واقعة وفاء قسطنطين فى أول ديسمبر 2006 قامت وزارة الداخلية بإلغاء جلسات النصح والإرشاد، وعلى الجانب العكسى لا توجد نصوص قانونية بإجراءات التحول إلى المسيحية، حيث إنها ممنوعة بمقتضى العرف والأحكام القضائية ويوجد فى مصر أعداد كبيرة متحولة لا تُعَرف على سبيل الحصر، ولكن من قاموا برفع دعاوى ثلاث أشخاص فقط هم محمد حجازى.. وماهر الجوهرى.. ونجلاء الإمام.. بينما يوجد حوالى 2000 شخص عائدين للمسيحية لم يحصلوا على أحكام سوى 12 شخص فقط وحتى الآن لم يتم تنفيذ أى حكم منهم.

تناقض شيوخ المسلمين: هناك تصاريح من غالبية شيوخ المسلمين تفيد حرية العقيدة وعلى أرض الواقع تجدهم ملوحين ومهددين الخارجين عن الإسلام بسيل من التهديد، مستغلين حديثا ضعيفا (من بدل دينه فاقتلوه)، معتقدين بأن الخروج من الإسلام هو إساءة للإسلام نفسه، وحينما طالب الدكتور جمال البنا بحرية اعتقاد المسلم لعقيدة أخرى تمت إدانته باتهامات باطلة.

والمصيبة الكبرى تصريح مفتى الديار المصرية ومحاولته تجميل صورة الارتداد عن الإسلام وتصريحه أن الإسلام منزلة أكبر، وأن من يرتد ينزل درجة أقل مسيئاً للأديان الأخرى معضداً حديثه بحديث (من ارتد فاقتلوه) ضارباً حرية الاعتقاد فى مقتل.

الدستور المصرى المعيب والقضاء المؤدلج:
حينما وضعت مادة المواطنة هلل الجميع فرحاً معتقدين أنها تحد من سيطرة الدولة الدينية القائمة، ولكن مع مرور الوقت ظهرت الصورة واتضح أنها مادة ديكورية ليس لها مفعول لسيطرة المادة الثانية على نفوس وعقول وضمائر رجال القانون.. يكفى أن تعرف تصريح ضابط كبير لأحد المحامين حينما كان مسئولاً عن الشئون المدنية فى الداخلية فى تعقيبه على حكم قضائى بقبول تغيير ديانة عدد من الأقباط العائدين (على جثتى تغيير الأوراق الرسمية لهم)، ضارباً بأحكام القانون عرض الحائط متقمصاً شخصية رجل دين مؤدلج بأيديولوجية سفك دماء العائدين، وقرار تحويل العائدين للمحكمة الدستورية العليا للبت فى أمر العائدين (من أصل مسيحى)، ليعطل حياة عدد من الأشخاص حوالى خمس سنوات لحين البت فى أمرهم.

الغوغاء والدهماء:
لهم قلوب حجرية عديمة الأحاسيس يقتلون ويحرقون المخالفين، يفرحون بالدماء والهدم لدار العبادات، معتقدين خطأ أنهم يخدمون دينهم مسيئين لدينهم بالاعتداء على الديان الأخرى فى العالم.

أخيراً لماذا لا نفكر بإيجابية؟!!
من يملك حق الإدانة؟!! أليس الله؟!! فلماذا نغتصب حق الله؟!! فنقتل ونسرق ونحرق الخارجين عن الدين!!.
ثم من صاحب الدين؟!! أليس الله؟!! إننا ننال من الله ذاته بمحاولاتنا قتل المخالف، لأن الله وحده له شريك له.. له حق الإدانة فى اليوم الأخير.
لماذا لا ننظر لمن يخرج من الدين على أنه شخص لا يستحقه؟!! فمن يريد الارتداد فليرتد ومن يريد الدخول فهو أحق بالدين من غيره!!.
الاعتداءات الطائفية ضد الأقباط أو البهائيين أو القرآنيين آو الشيعة هى اعتداءات تسىء للدين نفسه ووقوف الدولة ممثلة فى جهاز امن الدولة موقف الخصم يسىء للدولة وحرية العقيدة بها.


quot; من يظن انه يملك الحقيقة المطلقة فهو مجنون quot; من اوقال نيتشة

ترى كم عدد المجانين بمنطقتنا التعيسة quot;

[email protected]