في إستغاثة علنية موجعة أعلن اللواء جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة ( الفدائيين ) و المتحدث الإعلامي بإسم قوات حرس حدود إقليم كردستان العراق بأن على الحكومة العراقية واجب الدفاع عن كردستان و الوقوف بوجه النظام الإيراني وهو يقصف القرى الحدودية الكردية و يوقع الخسائر بالمدنيين الأكراد؟ إلى هنا و الكلام طبيعي للغاية بل أنه رائع في مواصفاته و مقاييسه الوطنية، و لكن الغريب كل الغرابة هو أن قيادات الأحزاب الكردية لا تتذكر العراق إلا حين الوقوع في ورطة و إلا حين ينقض عتاة جنرالات الترك أو الفرس على الشعب الكردي الشقيق لتتخلى الحكومة الكردية عن مسؤولية حماية شعبها و تحيل الأمر برمته للحكومة العراقية الغارقة حتى النخاع في مصائبها و مشاكلها و صراع قيادات أحزابها على نهش العراق و الفتك بمقدراته و تكسيح إمكانياته، و ( الكاكا ) جبار يعلم جيدا بأن الأحزاب القائدة للحكومة العراقية الحالية لا يمكنها أبدا أن تقف في وجه النظام الإيراني فضلا عن أن تضع أصابعها في عيونه أو حتى تننقده بكلمة عتاب ياحب!! لأن السيد البشمركي يعلم جليا و تفصيليا بأن أحزاب التخادم السياسي و العسكري و الأمني و الإستخباري و حتى الإرهابي السابق مع النظام الإيراني و أجهزته السرية و حرسه الثوري لا تمتلك المشروعية و لا الجرأة و لا حتى المسؤولية الشرعية ( المفترضة ) للوقوف بوجه نظام الولي الإيراني الفقيه التي تتوجب إطاعته بالكامل و المطلق بموجب عقد الولاء و المبايعة الخاص بين جماعة المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق بأحزابه الطائفية المعروفة و بين نظام الولي الفقيه الإيراني الجامع للشرائط لأن طاعته هي من طاعة الإمام الغائب المنتظر و الوقوف بوجهه فضلا عن إنتقاده هو بمثابة عصيان لله و رسوله و خروج عن الملة!! تلك هي الحقيقة التي يتحاشى القوم البوح بها فضلا عن الإعتراف بحقيقتها لذلك فهم يفضلون إتباع أسلوب التقية على الدوام عبر التمسح بعباءة السيستاني و التستر خلفها لتسويق أنفسهم داخليا وهي لعبة معروفة و قديمة و مكشوفة!! على كل حال ثمة حقيقة ستراتيجية تقول بأنه لا يمكن لحكومة العراق الطائفي أن تقف أبدا بوجه أي تصرف إيراني و لعل ما حدث قبل شهور في موضوع الإحتلال العسكري لعصابة من الإيرانيين لحقل الفكة النفطي في منطقة ميسان و موقف الحكومة المالكية المائع هو بمثابة الدليل على هوان و ضعف و سقم الموقف الرسمي العراقي، و قيادات الأحزاب الكردية حينما تمارس العمل السياسي بلغة و أسلوب الإستحواذ و القضم التدريجي للأراضي العراقية عبر إلحاقها بالإقليم الكردي شبه المستقل بل المستقل فعلا فإنها لا تتذكر العراق أبدا، وحينما ( تهبش ) المليارات من عوائد العراق النفطية فإنها تتذكر العراق؟ و لكن حينما تتصرف الحكومة الكردية بمعزل عن الدولة المركزية وهي تسمح للشركات النفطية النرويجية و غيرها من شركات اللصوصية الدولية بإستغلال حقول النفط في شمال العراق و الإستحواذ على عوائدها!! فإنها تتجاهل العراق للأسف؟ الحالة القائمة في كردستان العراق هي تعبير حقيقي عن الأزمة العراقية المستعصية التي أدت لقيام دويلات و حكومات أمراء الطوائف و الملل و النحل و العشائر، وهي بطبيعة الحال الخطوة الأولى في مسلسل تقسيم العراق الناشط بحدة هذه الأيام خصوصا و إن تصريحات الرئيس الكردي مسعود بارزاني كانت تصب أساسا في تغذية مشروع التقسيم و هو إن حدث على أرض الواقع سيكون الأكراد أكبر و اول ضحاياه لأن دهاقنة فارس و باشوات الباب العالي في الإستانة لن يبقون أبدا في حالة تفرج و إنبساط بل سيعملون المستحيل من أجل تحطيم كل مقومات الدولة الكردية التي ستدخل في مواجهة مباشرة مع الأمن القومي لتلك الدول، و النظام الإيراني الشرس و العنصري و العدواني لن يسمح أبدا بقيام دولة كردية مستقلة على حدوده الغربية لأن في ذلك إشارة خضراء واسعة و مفتوحة لإستقلال و إنفصال كردستان إيران!، أما الجانب التركي فهو المعني مباشرة بذلك الملف الساخن لأن الأتراك ليسوا على إستعداد أبدا للتفريط بوحدة بلاد الأناضول و سيذهبون لأبعد مدى في تدمير الدولة الكردية في العراق و إستعمال مختلف الأسلحة و الأساليب، و الضمان الستراتيجي الوحيد للأمن الكردي هو في الإنخراط في الوحدة العراقية لأنهم مهما بالغوا في حكايات الهولوكوست الكردي فإنهم لن يجدوا أبدا حضنا دافئا أكثر من الحضن العراقي العربي، و لن يجدوا رحمة أرحب من رحمة أشقائهم العرب، الإعتداءات الإيرانية و الغارات التركية لن تتوقف أبدا على إقليم كردستان و ستستمر في ترويع الآمنين الأكراد و في نشر الموت و الدمار و الخراب، و الحكومة العراقية العاجزة بشكلها المهلهل الراهن لن تستطيع أبدا حماية أحد أو التصدي لأي طرف إقليمي لأنها فاقدة لمصداقيتها و لأنها مجرد مجموعة من الأحزاب الطائفية المفلسة، في نهضة الشعب العراقي و إستعادته لوعيه و تساميه على الطائفية و رفسه لقوى التخلف الطائفية و العشائرية يكمن الحل في إنقاذ العراق بعربه و أكراده و أقلياته القومية و الدينية الأخرى أما سياسة التحاصص و التنابز و الشفط و النهب المشترك فستجعل العراق في مهب الريح و ستجعل مآسي الأكراد المستقبلية أشد هولا لأن الدولة الكردية القائمة اليوم في العراق هي أوهن من بيت العنكبوت... فلا صوت يعلو على دول الفرس و الترك طالما ظل العراق يحتضر تحت رحمة أحزاب التخلف و العمالة و التطيف المريض... تلك هي الحقيقة فقط لا غير.
- آخر تحديث :
التعليقات