ترجمة: عباس بوسكاني

من هم قتلة سردشت؟
لم يأت القتلة من كوكب آخر بالتأكيد و لا من ثقافة مغايرة.. قتلة سردشت هم أبناء هذا البيت الكردي المُهَدَم و رُضَع هذا الطقس، قاتل سردشت هو هذا المجتمع الذي يصمت على الجرائم الكبيرة و لا يهتز..

قتلة سردشت هم أولئك الكرد الذين شاركوا بالأنفال وعبرت جريمتهم بهدوء.. قتلة سردشت هم نفس قتلة الحرب الأهلية، هؤلاء الذين أرجعونا عشرات السنين الى الوراء من أجل اطماع غير شرعية و كمارك، و من أجل أغتناء لا متناه..
القتلة هم الروبوتات التي صنعها الحزب، روبوتات تنفذ كل الأوامر و لا تعرف شيئاً غير أسم الرئيس..
القتلة هي تلك المكائن البشرية المدَرَبة بعدم احترام كرامة و انسانية الآخرين..
قتلة سردشت هم المخلوقات الفرنكنشتاينية المخيفة الخارجة من أزقة السياسة الكردية و من تاريخ هذه السياسة.. هذه السياسة التي كنا، وقبل عشرين سنة نأمل منها بأن تحرر لنا الأنسان، ولكنها لم تمنحنا سوى الفاسد و بائع النفط وقاتل الكُتاب..
قتلة سردشت هم بيننا، نراهم كل يوم.. هم الذين يصمتون أمام كل شيء..
هم الذين يفتشون دائماً عن سبب يدينون بها الضحية.. هم الذين يسكنون تحت أصنامهم السياسية لا يجرأون على تحريك رؤوسهم..
القتلة هم الذين يخنقوننا بصمتهم، قتلة سردشت قد خرجوا لنا من تاريخ هذا البلد، هم الأشباح التي تربّت في السنوات العشرين الأخيرة، حاضرون بأن يتدخلوا و يلعبوا دورهم إذا ما عبر أحد ما الخط الأحمر..
القتلة هم صُناع الخط الأحمر أنفسهم، هم أصحاب مصانع الخطوط الحمراء، حيث لم يبق في هذا الوطن شيءٌ لا يُعَرَف بخط أحمر، الى الحد الذي نحن نستحق الموت مرات عديدة لمجرد عبورنا هذه الخطوط..

قتلة سردشت هم أولئك السياسيون الجبناء الذين يظنون بأنهم يستطيعون منعنا من التفكير بطلقات مسدساتهم.. قتلة سردشت هم أولئك الذين يقتلون، لا لأنه من الضروري بأن يقتلوا، بل لأنه إذا لم يقتلوا لايعرفون ماذا يفعلون أو كيف يفكرون.. طريقة تفكيرهم هو القتل فقط، أنهم يفكرون فقط عندما يقتلون.. خلاصة الأمر هي إن دّم سردشت هو لون تفكيرهم و رؤيتهم الى الحياة.. و هؤلاء حينما لايقتلون ليس لأنهم متسامحون، بل لأنهم لايفكرون..

قتلة سردشت ليست خبراء و فلاسفة الخط الأحمر فقط، بل هم خبراء و فلاسفة الصمت أيضاً..
لا شيء يُخفي رائحة الدم مثل الصمت..

لا شيء يُخفي الجثة مثل الصمت..

هذه الملايين من الدولارات التي تُصرَف يومياً على أجهزة الأعلام، ليس لصناعة الكلام، بل لتشغيل مصانع الصمت الكبيرة.. بحيث يملك كل المدن العشرات من مصانع الصمت.. قتلة سرشت هم صنيعة تلك المصانع، مصنع أجهزة الأعلام الكردية التي أستطاعت بأن تخلق قواعداً خاصة بها للتعبير، و الشخص الذي لا يخضع لتلك القوانين يُملأ فمه بطلقات مسدس..

القتلة بيننا، نراهم يومياً، نسلم عليهم، يتحدثون عن الأزدهار الأقتصادي و عقود النفط الجديدة.. يظيّفون مغنين أتراكاَ و عرباً.. منشغلون بتوزيع المناصب ببغداد، و منشغلون ببرامج الحّية للفضائيات.. و يبنون لنا مدناً جديدة..
أعزائي،
قتلة سردشت هم نفس قتلة غَزَلنوس هم نفس الطبقة الأجتماعية التي خرجت من نويميران..
قتلة سردشت هم هؤلاء الذين يرون رئيسهم كأله و لايدعون أن يخرج هذا المجتم من جحيم هذه البطرياركية المتفسخة المبنية على السجود و الطاعة العمياء..
قتلة سردشت هم كل الذين لا يسمعون كل فتاوى القتل المُشَفَرة من أجهزة الأعلام، الذين لايسمعون فتاوى سد الأفواه الطالعة من حُجَر المتعصبين المختلفة..
القتلة هم كل الذين شاركوا ولو بمسمار صغير لصنع تابوت الحرية، و كثيرون هم المشاركين (بمسمار صغير) بكفن و نعش الحرية..

قتلة سردشت بيننا، هم لم يقتلوه ليقتلوه فقط، و إنما ليبعثوا الينا بالرسالة، وهي إن إحتمالية القتل هي كالظل على حياتنا أبداً، لكي يجعلوننا نرى ظلّ سيوفهم على صدورنا..
سوف يقتل القتلة سردشت آخر و بمكان آخر مع الأسف..
وسيأتي مسؤول الأمن ويقول quot;أنهم يتابعون القضيةquot;.. و سيأتي رئيس الحكومة ليقول quot;إن هذه القضية مدعاة للقلقquot;.. لكن يا أعزائي، في الحقيقة إنها ليست مدعاة للقلق، لأن هؤلاء الذين يغرزون مساميرهم بتابوت الحرية سيذهبون غداً الى أعمالهم.. و اداريو مصانع الصمت، بنفس الأيادي و نفس الضمائر سيذهبون الى أعمالهم، و صانعي خطوط الحمر سيهمّون بِغَزل خطوطهم الحمراء لنا..
إنها ليست مدعاة للقلق لأن نويميران ستنام بهدوء من غير أن يتذكر سردشت، وستقوم من النوم..
لا ليست القضية مدعاة للقلق لأن المصانع ستنسينا كل شيء غداً و سترجعنا الى اليوم الذي سبق قتل سردشت..
لا يا سيادة الرئيس إنها ليست مدعاة للقلق،
ليست مدعاة للقلق أبداً..

----

.تعني (كاتب الغَزَل) بطل رواية بختيار علي الأخيرة (كاتب الغَزَل و حدائق الخيال).
..تعني (حارة الأمراء الجدد) بنفس الرواية.