قبل أيام، دعا بعض أعضاء مجلس محافظة بغداد، الذي يتحكم فيه حزب رئيس الوزراء، جماهير الكرادة من بغداد بالتظاهر quot;احتجاجاquot; على وجود محلات لبيع الخمور ونوادي ليلية!! لم تخرج مظاهرات في بغداد حالا، ولكن جماهير البصرة استمعت للنداء، فخرجت مظاهرات جماهيرية حاشدة احتجاجا على انقطاع الكهرباء بينما الحر يجتاح العراق ndash; عدا كردستان- بدرجة 50. أما جواب مجلس المحافظة، فكان إطلاق النار ووقوع ضحايا. ثم تظاهر سكان الناصرية في الجنوب لنفس السبب. أما سكان الكرادة، فقد تظاهروا من بعدهم، ولكن للمطالبة بإقالة وزير الكهرباء!
الناس يحترقون، والكهرباء نادر، وإذا ظهر الكهرباء ساعة، انقطع الماء فلا مبردات. مع ذلك، فزعماء حزب الدعوة منشغلون بوجود بعض النوادي الليلية النادرة وبعض محلات لبيع الخمور، بعد أن جرى، خلال سنوات حكم الجعفري والمالكي، غلق معظم النوادي واغتيل العشرات من بائعي الخمور من المسيحيين. أما quot;ولايةquot; حزب الدعوة الطالبانية في البصرة، فقد حرم مجلس المحافظة هناك حتى حفلات الغناء، ولم ينس معضلة تطويل اللحى!
حزب الدعوة الحاكم وشركاه- القدامى وهم الجدد!- منشغلون بنشر quot;الفضيلةquot; وquot;قيم الإسلامquot;، التي يجب أن تعني نشر العدالة، وخدمة الناس، وخصوصا بتوفير الخدمات الأولية، كالكهرباء، والماء، والأمن، والعمل، والدواء. لكن هذا كثير نطلبه ممن لا نعتقد أنهم يشعرون بوجود الحر الحارق أصلا وهم جميعا بين المكيفات، والماء المثلج، وتحت الضياء غير المنقطع. وبضمير الجمع في quot;يشعرونquot;، أقصد الحكام، ومستشاريهم، وعناصر حرسهم الخاص، و الحاشية الأخرى، وهم الذين لوعدّت رواتبهم الشهرية، لكان العراق معجزة جديدة في ارتفاع مؤتبات المسئولين، بعد quot;معجزتيquot; تحول العراق لمقدمة دول الفساد ودول الخطر.
السيد المالكي وحزبه متشبثان برئاسة الوزراء حتى النفس الأخير، ولو كانا قد حققا الحد الأدنى من مطالب الناس، لقلنا quot;عوافيquot;، حتى ولو أن قائمة رئيس الوزراء ليست هي الفائزة. ولكن، [وكما تساءلت مع غيري عشرات المرات]، ما هي المنجزات وquot;الانتصاراتquot; التي تزكي حكومة المالكي وحزبه، وهذا التشبث المرعب بالسلطة رغم مرور ثلاثة شهور على الانتخابات، ورغم أن المحكمة الاتحادية لم تصادق على التكتل الطائفي الجديد ndash; الدعوة والإتلاف- بوصفه الكتلة الفائزة في الانتخابات؟؟!!
قبل حوالي العامين، وقف أحد قادة [المجلس الأعلى]، السيد صدر الدين القبانجي، خطيبا في كربلاء يوم الجمعة ليبشر بأن العناية الإلهية أعطت quot;للشيعةquot; حق حاكمية العراق لكونهم الأكثرية. وبالطبع، فإن القصد هو حكم الأحزاب الشيعية، وهي أحزاب quot;مقربة جداquot; من إيران، كما يعلم الجميع. وكم كان الكاتب العراق الأستاذ جاسم المطير محقا في مقارنة quot;تشييع السلطة والمجتمعquot; هذا - [ حاكمية الشيعة ]- بنهج quot; التبعيثquot; الذي اتبعه صدام حسين، والذي كان يعني، قولا وفعلا، السلطة المطلقة بما يقرب من quot;الحق الإلهيquot; في القرون الوسطى. وإذن فأين المبدأ الديمقراطي في تبادل السلطة سلميا؟!!
أكثر من قريبة وصديق في بغداد يكادون يصرخون هذه الأيام من الحر الذي يلاحقهم حتى ليلا، فلا النهار مريح ولا الليل مع انقطاعات مستمرة للكهرباء. بل إن جماهير البصرة، التي تظاهرت وواجهت عدوان نيران قوات الحكومة، كانت تهتف: الكهرباء قبل الدواء. فإلى أية درجة مأساوية وصلت محنة المواطنين تحت حكم أحزاب quot;الحاكميةquot; ورئاسة أخينا المالكي!! وأية ديمقراطية وهمية حينما يغيب الانتماء للوطن والشعب تحت هيمنة الانتماءات للحزب والطائفة والعرق، والزعامات؟!! وهل لم تكن محقة الكاتبة العراقية التي كتبت قبل حوالي ثلاث سنوات:
quot; حينما تحس أن إنسانيتك قد سلبت منك... وحياتك وحياة أطفالك لم تعد تهم أحدا سواك.. فأنت عراقي..quot;، و quot; حينما تحس أنك- وأطفالك- تدفعون ثمن أخطاء وعجرفة وظلم الآخرين... بلا ذنب أو سبب.. فأنت عراقي.quot;؟؟ [ ريم قيس كبة.quot;